غيب الموت السياسي الجزائري المخضرم عبد الحميد مهري الذي توفي مساء امس الإثنين عن سن 86 عاما، في مستشفى عين النعجة في العاصمة الجزائر بعد معاناة مع المرض. وكان مهري وهو أحد الوجوه القومية البارزة، من الرواد ال22 للثورة الجزائرية في أواسط الخمسينات، قبل اعتقاله ثم مغادرته الجزائر وتسميته عضوا في وفد جبهة التحرير الوطني بالخارج. وشغل مهري منصب عضو في المجلس الوطني للثورة الجزائرية، ثم وزيرا للشؤون الاجتماعية والثقافية في الحكومة المؤقتة. وبرز في تلك الفترة بمشروع وطني حمل اسمه، هو مشروع مهري الذي أتى للرد على مشروع الرئيس الفرنسي الراحل شارل ديغول. وتقلد بعد الاستقلال منصب الأمين العام لوزارة التعليم طيلة أكثر من عشر سنوات، ثم وزير الإعلام والثقافة فسفير الجزائر في فرنسا ثم في المغرب. وبعد انتفاضة تشرين الأول (أكتوبر) 1988 استُدعي إلى الجزائر لتولي منصب الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني الذي غادر الحكم واختار صف المعارضة. ودافع مهري عن المصالحة والحوار مع القوى الإسلامية، وشارك في مؤتمر "سانت إيجيديو"، قبل إجباره على الاستقالة من الأمانة العامة عام 1996 في إطار ما بات يُعرف ب"المؤامرة العلمية" التي أطاحت بالقيادة الشرعية للحزب. وركز مهري نشاطه في المرحلة اللاحقة على العمل القومي وشارك في فعاليات المؤتمر القومي العربي والمؤتمر القومي الإسلامي، قبل انتخابه أمينا عاما للمؤتمر القومي. يُذكر أن مهري كان في مقدم المدافعين عن وحدة المغرب العربي، وهو أحد المشاركين ضمن الوفد الجزائري إلى مؤتمر المغرب العربي في طنجة سنة 1958، كما لعب دورا بارزا في إنجاح المؤتمر التأسيسي للإتحاد المغاربي في مراكش سنة 1989. ومهري معروف برسالة شهيرة وجهها أخيرا إلى الرئيس عبد العزيز بوتفليقة شخص فيها الأمراض التي تعطل الجزائر ووضع وصفة تفصيلية للإصلاحات المطلوب إدخالها على نظامها السياسي.