بيّن الشيخ عبدالمحسن المطيري، أستاذ التفسير بكليّة الشريعة، جامعة الكويت، خلال أمسيّة إيمانيّة أقامها المجلس الإسلامي الدّنماركي خواتيم سنة 2011، أنّ للنّاس مع القرآن مراتب ترتقي بارتقاء همّة صاحبها، أورِدُها فيما يلي - بتصرّف - حسبما جاء على لسانه حفظه الله وبارك فيه: فأوّلها السماع، فعن أبي هُرَيرةَ رضي الله عنه؛ أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من استمع إلى آية من كتاب الله كُتِبَتْ له حسنةٌ مضاعفةٌ، ومن تلاها كانت له نورًا يوم القيامة" – وثانيها الإنصات، قال تعالى: "وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ" – وثالثها التلاوة، جاء في دعاء إبراهيم عليه وعلى نبيّنا أفضل الصلاة وأزكى التسليم: "رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ" – رابعها التدبّر (التذكّر والتفكّر)، قال جلّ وعلا: "أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا" وقال عزّ وجلّ: "كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ" – خامسها الحفظ: جاء في التحرير والتنوير للشيخ الطاهر بن عاشور رحمه الله تعالى في معرض تفسيره قولِ الله عزّ وجلّ: "تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ" قولُه: والقرآن: الكلام المقروء المتلوّ. وكونه قُرآنًا من صفات كماله، وهو أنه سهْل الحفظ، سهْل التلاوة، كما قال تعالى: "وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ"؛ ولذلك كان شأن الرسول صلى الله عليه وسلم حفظ القرآن عن ظهر قلب، وكان شأن المسلمين الاقتداء به في ذلك على حسب الهِمم والمَكْنَات، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يشير إلى تفضيل المؤمنين بما عندهم من القرآن. وكان يوم أحد يقدم في لحد شهدائه مَن كان أكثرهم أخذًا للقرآن تنبيهًا على فضل حفظ القرآن زيادة على فضل تلك الشهادة – وسادسها العمل به، قال جلّ من قائل: "وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ"، وقد جاء في الاثر "الناس على خطر إلا العالمون، والعالمون على خطر إلا العاملون، والعاملون على خطر إلا المخلصون، والمخلصون على خطر عظيم"، نسأل الله تعالى العافية والنّجاة من الرّياء!... وصدق الله دائما وحيث يقول: "وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ"... أسأل الله أن ينفعنا بما علمنا وأن نكون من العاملين بما علمنا، وجزى الله عنّا الشيخ خير الجزاء... وأخيرا لا تنسوا: أنصتوا إذا سمعتم – أتلوا على النّاس كي يستمعوا وينصتوا – تدبّروا ما تسمعون وما تنصتون إليه وما تتلون وادعوا النّاس إلى التفكّر فيه والتذكّر – احفظوا ما شاء لكم من القرآن واذكروا أنّكم إنّما ترقون به في الجنّة، ثمّ - وهذا هو الأهمّ - اعملوا بما جاء في القرآن الحكيم... جعلني الله وإيّاكم ممّن يستمعون القول فيتّبعون أحسنه، وجعل هذه التذكرة في موازين حسنات أخينا الفاضل عبدالمحسن المطيري