تونس - تعاني المعارضة التونسية من التشتت والإقصاء قبل الانتخابات الرئاسية التي ستُجرى في أكتوبر/تشرين الأول 2009، الأمر الذي يصعب من مهمتها في تقديم مرشح مشترك لهذا الاستحقاق الهام، حسب بعض المراقبين.فمثلا يحظر على "حزب العمّال الشيوعي التونسي" الذي يتزعمه حمّة الهمامي الترشح للانتخابات، لأنه غير معترف به أصلا. ولا تنطبق الشروط الانتخابية على "حزب الخضر للتقدّم" و"حزب التكتل من أجل العمل والحريات"، لأنّ أمينيهما العامين منجي الخماسي ومصطفى بن جعفر ليسا منتخبين لتلك المسؤولية. أمّا "الحزب الديمقراطي التقدّمي" فيصرّ على ترشيح زعيمه أحمد نجيب الشابي رغم أنّ تنقيحًا دستوريا لا يسمح له بالمشاركة، وهو ما يعتبره بعض المعارضين إهدارًا لفرصة الترشح. وينصّ تنقيح الفصل 40 على أنّه يجوز للمسؤول الأوّل عن كل حزب أن يترشح للانتخابات بشرط أن يكون منتخبا لتلك المسؤولية وأن يكون يوم تقديم ترشحه مباشرا لها لمدّة لا تقلّ عن سنتين متتاليتين. وبما أنّ هذا الشرط لا يتوفر في الشابي باعتبار أن ميّة الجريبي أصبحت أمينة عامّة للحزب العام الماضي فلا يمكنه الترشح، كما أن من شأن ذلك أن يحرم ميّة من اقتناص فرصة تتيح للمرأة التونسية المشاركة في الانتخابات لأوّل مرّة.
وفي هذا السياق تقول مية الجريبي في حديث للجزيرة نت إنّها لن تتقدم للانتخابات وإنّ حزبها متمسّك بترشيح زعيمه الشابي، الذي اتهم سابقا الحكومة بتعمّد إقصائه بعد تعديل الدستور. وبعيدا عن هذا كان "حزب الديمقراطيين الاشتراكيين" و"الحزب الاجتماعي التحرري" قد أعلنا تزكيتهما لترشّح الرئيس زين العابدين بن علي.
تشاور مطروح وبالنسبة إلى بقية الأحزاب فقد ترشح إلى حدّ الآن ثلاثة زعماء يتمتعون بالحق القانوني، لكنهم غير قادرين حسب بعض المراقبين على تشكيل ائتلاف أمام الرئيس الحالي الذي ترشّح لولاية خامسة. وكان آخر المرشحين الثلاثة أحمد إبراهيم الأمين العام ل"حركة التجديد"، "الحزب الشيوعي" سابقا، الذي شارك في انتخابات 2004 بمرشحه محمد علي الحلواني وحصل وقتها على 0.9% من الأصوات.
ويقول أحمد إبراهيم في حديث للجزيرة نت إنّ ترشحه لن يكون صوريّا وإنه سيسعى رغم تشتت الأحزاب إلى جمع التيارات اليسارية لدعم مرشح مشترك. وتولّى إبراهيم الأمانة العامة للحزب العام الماضي، خلفا لمحمد حرمل، أحد مؤسسي الحزب الشيوعي الذي غيّر اسمه عام 1993، ليصبح "حركة التجديد". ويؤكد المصدر أنه دعا أحزاب المعارضة لاسيما "الحزب الديمقراطي التقدمي" إلى تشكيل ائتلاف في إطار ما أسماه ب"المبادرة الديمقراطية"، لكنه لم ينجح إلى حد الآن في توحيد الآراء بسبب الانقسامات.
من جهتها تقول مية الجريبي إن حزبها كان قد طرح موضوع الانتخابات على التشاور منذ عام، لكن بقية أحزاب المعارضة لم تكترث حينها للحديث عن التحالف واعتبرت أنّ الأمر لا يستحق التعجلّ. تحالفات فاشلة ويرى المعارض نور الدين بن تيشة أنّ عدم إجماع أطراف الوسط المعارض على برنامج مشترك يعكس تشتت الأحزاب وعدم قدرتها على اقتراح مرشح مشترك له قدرة على المنافسة ويتمتع بقاعدة جماهيرية. وتشكل منذ سنوات في تونس ما يسمّي ب"هيئة 18 أكتوبر" التي جمعت أحزابا يسارية قانونية وأخرى غير مرخص لها مثل حركة النهضة الإسلامية المحظورة، لكن هذا التحالف أخفق بسرعة.
كما فشل تحالف آخر منذ سنتين سميّ باللقاء الديمقراطي جمع حركة الديمقراطيين الاشتراكيين والاتحاد الديمقراطي الوحدوي وحزب الوحدة الشعبية تشكّل في محاولة يراها بعض المحللين كسرا ل"هيئة 18 أكتوبر". والأحزاب المعارضة الثمانية في تونس منها خمسة ممثلة في البرلمان ب37 نائبا، في حين يسيطر "حزب التجمع الدستوري" الحاكم الذي يتزعمه الرئيس بن علي على 80% من جملة 189 مقعدا برلمانيا.