اتهم رئيس الهيئة المستقلة للانتخابات والشخصية الحقوقية التونسية كمال الجندوبي دولة قطر بالتدخل في الشأن الداخلي التونسي من خلال تجنيد ودعم المجموعات السلفية الجهادية، مشددا على أن السلفيين مرتبطين ب "أجندة دولة قطر" وهي أجندة باتت تهدد طبيعة المجتمع التونسي وقيمه وتهدف إلى "طمس معالم هوية تونس". كما اتهم حكومة حمادي الجبالي الأمين العام لحركة النهضة الإسلامية ب "تسامحها مع السلفيين" و"تباطؤها في تطبيق القانون عليهم". وقال الجندوبي في مقابلة مع صحيفة "المغرب" إن غالبية المجموعات السلفية "مرتبطة بأجندات عمل مع أطراف خارجية وخاصة مع قطر". وأضاف "أتحمل مسؤوليتي في هذا الكلام لأن قطر تهدد تونس في ركائزها كبلد وكحضارة وكانتماء وكتركيبة مجتمعية". واعتبر الجندوبي أن السلفيين الذين ينفذون "أجندة قطر" في تونس "يحاولون طمس معالم هوية تونس ومن بينها عيد الاستقلال". وقال "إن المس بتاريخ تونس خط أحمر"، مضيفا "إن السلفية يجب التعامل معها بطريقة قانونية أي بقوة القانون". وكانت قطر أقرت دعم خزينة الدولة التونسية بقيمة تبلغ 500 مليون دولار إضافة إلى ضخ استثمارات في عديد القطاعات. ورأى الجندوبي أن تطبيق القانون على السلفيين الذين "يهددون ويكفرون" مرتبط ب"الإرادة السياسية" للحكومة ملاحظا أنه "من حق كل مواطن أن يلوم الحكومة إذا لم تتخذ الإجراءات" اللازمة لوضع حد لتنامي عنف السلفيين. وشدد على أن تسامح حكومة حمادي الجبالي تجاه ما تقترفه المجموعات السلفية من أعمال عنف وتهديد بالقتل "أمر خطير"، مشيرا إلى أن "المسؤولية تقع على عاتق الحكومة لأن هذه الظواهر لا علاقة لها بحرية التعبير ولا بالنقاش الديمقراطي لأن السلفيين غير قابلين للتحاور مع الآخر". غير أن رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي دافع في أكثر من مرة عن حق السلفيين في التواجد السياسي ويتردد في الأوساط السياسية التونسية أن الحكومة قد تمنح خلال الفترة القادمة التأشيرة لعدد من المجموعات السلفية وفي مقدمتها حزب التحرير الذي يدعو إلى "إقامة دولة الخلافة". وتحمّل القوى الوطنية والديمقراطية التونسية الحكومة مسؤولية تنامي عنف السلفيين" الذين استولوا على حوالي 500 مسجد ولا يترددون في تكفير التونسيين وتهديد المفكرين والمبدعين والمثقفين ناهيك عن اليساريين والعلمانيين. وحذر الجندوبي من "فتنة قادمة" يقودها السلفيون الذين ينادون بقتل اليهود التونسيين والاعتداء على المعالم المسيحية مشيرا إلى أن "هذا أمر مرفوض من حيث المبدا ويجب التصدي إليه كما هو مرفوض من الوجهة الأخلاقية" من جهة أخرى انتقد الجندوبي أداء الحكومة مشددا على أنها "لم تعتمد خارطة طريق واضحة للمرحلة الانتقالية" التي تمر بها البلاد. وتابع "مع الأسف اختيار الحكومة لم يكن مبنيا لا على تصور مشترك لإدارة هذه المرحلة ولا على برنامج واضح" معربا عن اعتقاده بأن "المشاكل التي تعيشها تونس اليوم هي انعكاس لهذا الاختيار". ونصح الجندوبي الحكومة ب "ضرورة الأخذ بعين الاعتبار تعقيدات الواقع في هذه المرحلة المفصلية". ولاحظ أن "المسألة لا تتعلق بمن معي وبمن ضدي" مؤكدا أن سياسة الحكومة التي تقوم على هذا المبدأ تعكس "قراءة تبسيطية وسطحية للواقع" قادت الحكومة إلى تسميات على أساس الولاء للنهضة وهي تسميات تنم عن عجز حقيقي لفهم الواقع". وحذر من أن تؤدي "اختيارات الحكومة" التي تتم على أساس الولاء "النهضوي" إلى "متاهات لا حلول لها وإلى مزالق وفتنة بالبلاد". ودعا كمال الجندوبي إلى "تحييد وزارات السيادة حتى لا تكون محل احتكاك سياسي أو حزبي" لافتا إلى أن "إسناد حقائب وزارات السيادة إلى حزبيين سيؤدي بالضرورة إلى سوء فهم واضطراب وإلى تسميات على أساس الولاء".