"الإخوان يخسرون شعبيتهم ، انقلاب الثورة على الإخوان ، هل تخلى الرأي العام عن الإخوان ، استطلاعات الرأي تشير لتراجع شعبية الإخوان ، --- " بعض عناوين الحملة الإعلامية الشرسة التي يمارسها التيار العلماني بجناحيه الليبرالي واليساري ضد جماعة الإخوان ، لذا كانت التساؤلات عن مدى تأثير هذه الحملة على الجماعة قيادة وأفراداً ؟! فضلاً عن تأثيرها الفعلي على مكان ومكانة الجماعة لدى الناخب المصري الذي منحها التفويض والثقة منذ شهور قليلة وبنسبة مشرفة؟! خلفية المشهد ** الجماعة صاحبة مشروع إصلاحي شامل يحتاج للتضامن بين المسئولية والسلطة ، لذا فالوصول الدستوري والديمقراطي لهذه السلطة حق عادل ومشروع بل ومطلوب معمول به في كل بلدان العالم ** ممارسة هذه الحقوق عرضت الجماعة لحملة إعلامية غير أخلاقية مارس فيها التيار العلماني الإرهاب الفكري والابتزاز السياسي بحجج واهية على غرار التكويش وتكرار نموذج الحزب الوطني المنحل وهكذا ** الهجمة الشرسة ضد الجماعة تتم بهدف وضعهم في الزاوية وممارسة ألوان وأنماط غير ديمقراطية لتصفية الحسابات وتعويض الخسارة ومحاولة استرداد ولو جزء من البساط الذي سحبته الجماعة من تحت بعض الأقدام خلال العقود الماضية نتائج وتداعيات ** أثرت الحملة الشرسة وبنسبة واضحة على قواعد وكوادر الجماعة فضلاً عن دوائر التأييد والرأي العام ، وأظهرت بعض استطلاعات الرأي بغض النظر عن مدى دقتها عن هذا التأثير ، ** أحدثت الحملة نوعاً من الضغط النفسي على كوادر وقواعد الجماعة ** لم تتمكن الجماعة من التصدي المكافئ لهذه الحملة التي أدارتها شخصيات وكيانات وأنفقت ملايين ومليارات وسخرت أقلام وفضائيات لا طاقة لفصيل سياسي بها ، إذ كيف تقف الجماعة أمام دولة بكل ما تحمله الكلمة من معان ، مؤسسات سيطر على مفاصلها بقايا النظام الساقط ، وإعلام رسمي وخاص وشخصي ، فضلاً عن منصة الحكم بجناحيها المدني والعسكري التي أتقنت صناعة الأزمات ** النيل من البرلمان والنواب وعملية التحول الديمقراطي وخرجت أصوات تنادي بالاستقرار والأمن ولقمة العيش ولو في ظل مبارك نفسه وليس الفلول فقط ، وهي أصوات بعضها معذور ومعظمها مأجور ** الالتفاف على إرادة الشعب ومطالب الثورة حين نادى البعض بإعادة النظر في خارطة الطريق وجدولها الزمني وتسريب بالونات اختبار لقياس مدى تقبل الرأي العام لتأجيل الانتخابات الرئاسية بحجة اكتمال الدستور تعاطي الجماعة أثبتت التجارب كفاءة الإخوان ومهارتهم في التعاطي مع هذه الأزمات و هناك أوراق عدة تستطيع الجماعة توظيفها لردِّ هذه الحملة بل وتحقيق نتائج إيجابية ، من هذه الأوراق والفرص المتاحة : على مستوى الصف الإخواني : ** المناعة الفكرية والمعنوية والنفسية التي يتمتع بها أفراد الجماعة استناداً للعطاء التربوي والاستيعاب الداخلي "فكرياً، إيمانياً ، معنوياً" ** الثقة العالية التي يتمثلها أعضاء الجماعة في عموم الكوادر والقيادات بصفة عامة ومكتب الإرشاد بصفة خاصة من خلال تجارب سابقة أكدت حكمة ورشد ومصداقية مؤسسات الجماعة ** تجاوز أعضاء الجماعات للخلافات الشخصية ووجهات النظر الخلافية في مثل هذه الأجواء ، والاصطفاف جنباً إلى جنب ، حماية للمبدأ ودعماً للمشروع وتمتيناً للصف وعبوراً للأزمات ** ما تملكه الجماعة من توحد الفكرة ومتانة التنظيم وانضباط الحركة، يمنحها العديد من الفرص في مقابل العديد من التحديات أمام الكيانات الأخرى. ** عدم مصداقية غالبية وسائل الإعلام لدى عموم دوائر الإخوان بسبب الرصيد السلبي وكثرة الأخطاء والخطايا عبر عقود انحازت فيها لنظم الاستبداد والفساد ** التعامل الإخواني مع هذه الحملات بمعايير إيمانية عالية تحتسب فيها الأجر والمثوبة من الله مقابل الأذى واللغط والتشويه والتجاوز على مستوى الرأي العام : ** شبكة العلاقات الاجتماعية المتينة التي تتمتَّع بها الجماعة في كل ربوع مصر تاريخيًّا وواقعيًّا تمثل قوة دافعة للجماعة أمام كيانات لا تملك هذا الرصيد ولا هذه الشعبية. ** التواجد الميداني لقواعد وقادة الإخوان واستمرار الخدمات " والاجتماعية والصحية والتعليمية " ** فاعلية أعضاء الجماعة في الاتصال بالجماهير بالوسائل النمطية والالكترونية ، وإدارة الأزمات بمهارة لتوضيح الرؤى وإزالة اللبس، وتوجيه الرأي العام؛ بمعنى أن كل فرد في الجماعة يمثِّل بمفرده جريدةً أو منبرًا إعلاميًّا أو موقعَ نت، وهذا غير متوفر لدى التيارات المناوئة ** عدم جاهزية البدائل ، بمعنى أين يذهب الرصيد المسحوب ؟! التيارات البديلة تعاني في الغالب نقاط ضعف عديدة وتاريخ عملي غير نظيف ، بل ظلت تحكم أو قريبة من منصات الحكم عقود طوال ، ولم تفرز إلا المزيد من فشل التجارب وسقوط الشعارات ** منظومة القيم المصرية المتأصلة في نفوس وقلوب المصريين ، قيم الوفاء والتماس الأعذار والعرفان بالجميل وعدم نسيان المعروف والانحياز للمظلوم خلاصة الطرح... موضوع الرصيد الشعبي وتأثر الرأي العام نسبي ومتغير ، يزيد أحيانًا ويقل أحيانًا وفقًا للمناخ والمزاج العام، و يبقى الرهان على التعاطي الفوري مع الأزمات وإدارتها بصورة علمية وعملية ، مادية ومعنوية ، نراهن فيها على النية الخالصة والكلمة الواعية والخدمة الفاعلة والثقة الغالية وأمل في الله لا ينقطع ... هكذا علمتنا التجارب. ------------------- كاتب مصري*