فلسطين،القدس مجدولين حسونة"الفجرنيوز"حسن عبادي لمن لا يعرفه رسام كاريكاتير من قرية سبسطية قضاء نابلس، يدرس الفنون في جامعة النجاح الوطنية، يقبع الآن في سجون سلطة أوسلو مع ريشته التي ترجمت واقعنا بالألوان، ونبشت وجع الوطن والقضية والطالب والفقير والمظلوم . في كل مرة كنتُ أرى رسومات عبادي أقول في نفسي :" إني لأرى حفيدكَ يا ناجي يستفز حنظلة كي يلتف إلينا ويبصق في وجه واقعنا ويكبر "استثناءا"، تماما كما كان بنظركَ ضياع الوطن استثناء ". ذات يوم سُئل ناجي العلي متى سنرى وجه حنظلة؟، أجاب أنه سيكبر عندما تعود فلسطين، وسترونه عندما تصبح الكرامة العربية غير مهددة وعندما يسترد الإنسان العربي شعوره بحريته وإنسانيته. وعندما بدأ حسن عبادي يسترد جزءا من هذه الكرامة المبعثرة بين التطبيع والاتفاقيات وحمامات السلام التي باتت تحوم فوق رأس الفلسطيني كغراب البين، قامت السلطة بإعتقاله لنقده اللاذع لأوضاع الطلبة في جامعة النجاح وأوضاع المواطن " كما وضحت لي والدته وأصدقائه المقربين ". حسن كغيره من المعتقلين السياسيين الذين لم تتوانى الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية بإعتقالهم دون مراعاة لظروفهم ودون تهمة توجه لهم – بإستثناء ما يُلفق بحقهم من أكاذيب لا أساس لها من الصحة – وهو لن يتمكن من التخرج الذي بقي له عدة أيام بسبب تمديد محكمته. شاب متواضع ومتفوق أمضى عدة أشهر في سجون الإحتلال، معروف بحبه لمساعدة زملائه وتقديم النصيحة والمشورة لهم دون إستثناء، يحاول دائما تطوير موهبته من خلال المشاركة في عدد من الورشات الفنية، مَثَلَ الجامعة في معرض أٌقيمَ بدولة النرويج، والغريب أن رئيس الجامعة قام بتكريمه قبل إعتقاله بيوم وبحضور عدد من الفنانين والوزراء في معرض هواجس، ليبرز السؤال الأهم :" لماذا لا تعمل الجامعة على حماية هؤلاء الطلاب من الأجهزة الأمنية؟ ولماذا لا صوت لها في مساعدة أبنائها وخاصة المتفوقين منهم والذين حصدوا جوائز لها وكانوا نموذجا تفتخر بهم؟ مع العلم أن معادلة التنسيق بين الأجهزة الأمنية والجامعة مفهومة وواضحة للجميع وطيبة إلى حد كبير. في الإطار ذاته لا بد من التذكير أن الإعتقالات السياسية هذه الأيام زادت وتيرتها بحق طلاب جامعة النجاح الوطنية الذين يُحقق معهم حول صفحات فيس بوك أو بسبب مشاركتهم في جنازة الشيخ حامد البيتاوي رحمه الله، وكلهم طلاب تعطلت دراستهم بسبب هذه المواقيت المتعمدة للإعتقالات، فالطالب أنس رداد الذي تعرض لمحاولة إختطاف قبل أيام أثناء وجوده داخل محاضرة، من قبل طلاب يتبعون لإحدى الأجهزة الأمنية – حسب ما ذكر شهود عيان ومصادر مطلعة – تأخر عن تخرجه أربعة فصول بسبب إعتقاله أربع مرات (والحبل ع الجرار )، مع العلم أن هؤلاء الطلاب يتميزون بالإلتزام والتفوق في دراستهم. هناك مقارنة لا بد من الإشارة إليها في هذا السياق، حيث ذكر داود إبراهيم في كتابه " الذين قالوا لا " أن هناك غموضا في إغتيال رسام الكاريكاتير ناجي العلي، والمتهم الثاني بعد الموساد الإسرائيلي في اغتياله هي منظمة التحرير الفلسطينية، كونه رسم بعض الرسومات التي تمس القيادات الفلسطينية آنذاك، بالإضافة لعدة تفاصيل تؤكد ما أورده قد لا يسعنا ذكرها هنا، مع العلم أن المخابرات العراقية وبعض الحكومات العربية الرجعية أيضا ممن وجهت لهم أصابع الإتهام في اغتياله، فلطالما كانت حكوماتنا السباقة في إطلاق النار على طموح شعبنا بالتحرر، وها هي الأجهزة الأمنية تعيد ما حصل مع ناجي العلي بطريقة أخرى عن طريق إعتقالها "لريشة حسن عبادي" وأفضل أن أُذكر بإعتقال ريشته قبل إعتقاله، لأن ريشة الفنان هي المستهدفة أولا تماما كقلم الكاتب والصحفي. حسن : لن أقول لك أكثر مما قاله ناجي :" إلي بدو يكتب لفلسطين، وإلي بدو يرسم لفلسطين، بدو يعرف حالو ميت " ... لكننا لا زلنا أحياء يا حسن، في كل ليلة هناك أيدي تنهض لتواصل الكتابة، وفي كل يوم تبرز ألوان بحاجة لفنان يعرف جيدا كيف يجعلها تصرخ وتنهض من صمت اللوحات، لذا سيظل " التحدي قائم والمسؤولية تاريخية ، أن نكون أو لا نكون " .