مدريد : تجاوزت العلاقات المغربية-الموريتانية ما هو سياسي الى تنسيق أمني وطيد بعدما انفجرت فضيحة تتحدث عن تورط ضباط مغاربة في تعذيب معتقلين سياسيين موريتانيين، وبهذا يضاف هذا الحادث الجديد الى تورط سابق في استقبال الرباط لعدد من معتقلي السجن الرهيب غوانتانامو وتعذيبهم في السجون المغربية. وهكذا، فالمغرب يعيش خلال هذه الأيام على إيقاع تقرير أصدرته منظمة العفو الدولية - فرع المغرب تتهم فيه ضباطاً مغاربة بالمشاركة في تعذيب معتقلين إسلاميين موريتانيين في سجون موريتانيا. وجاء في التقرير أن معتقلين إسلاميين من موريتانيا تعرفوا على ضباط مغاربة خلال جلسات التعذيب من خلال لهجتهم. ونقل التقرير عن معتقل سابق أن الضباط المغاربة كانوا أشد قسوة من الضباط الموريتانيين خلال جلسات الاستنطاق والتعذيب، بل وكانوا يهددونهم بنقلهم الى السجون المغربية لإتمام عملية التعذيب. وطالبت منظمة العفو الدولية من السلطات المغربية فتح تحقيق في ما ورد في التقرير وتحديد المسؤوليات. وانضمت عدد من الجمعيات الحقوقية الى هذا الطلب، كما أن الصحف المغربية أعربت عن إدانتها لهذه الممارسات من خلال عناوين شديدة اللهجة. وكانت موريتانيا قد أعربت في الماضي القريب عن إعجابها بتجربة المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان في المغرب، ورغبت في تطبيقه في موريتانيا. وكتب جمال بودومة في عدد أمس في صحيفة 'الجريدة الأولى' بسخرية أنه في الوقت الذي كان الموريتانيون فيه ينتظرون من المغرب تصدير تجربة حقوق الإنسان إذ يصدرون لهم الجلادين وأساليب التعذيب التي يبدو أن الضباط الموريتانيين لا يتقنونها لأنهم مبتدئون في التعذيب. وتلتزم الحكومة المغربية الصمت المطلق في هذا المجال ولم تصدر أي توضيح، ويرى المهتمون بالشأن الحكومي في المغرب أن التزام السلطات الصمت يعني اعترافا ضمنيا بالوقائع وبالتالي تراهن على الصمت حتى يلف النسيان هذا الملف. ولا تعتبر هذه الاتهامات الأولى التي توجه الى المغرب في مجال التعذيب الدولي، فقد جرى ذكر المغرب في تقرير البرلمان الأوروبي حول الرحلات السرية للمخابرات الأمريكية عندما كانت هذه الأخيرة تختطف مشتبهاً فيهم بالانتماء الى تنظيم القاعدة من مختلف الدول نحو قاعدة غوانتانامو وكانت هذه الطائرات تضطر الى النزول في مطارات أوروبية ومغربية للتزود بالوقود. كما أن تقارير دولية أكدت أن المغرب تورط في استقبال مشتبه فيهم وتعذيبهم في بعض مراكز المخابرات ومن ضمنها معتقل تمارة الذي يقع على بعد حوالي عشرة كلم من العاصمة الرباط، وبدورها اعترفت المخابرات الأمريكية بنقلها معتقلين الى دول عربية ومن ضمنها المغرب لأن القانون الأمريكي لا ينص على التعذيب. يذكر أن هذا المستجد، قد يجعل جزءاً من الموريتانيين يكنون العداء للمغرب لا سيما وأن المعارضة الحالية للانقلاب تتهم الرباط بالتورط في الانقلاب الذي وقع في بداية شهر آب/ أغسطس الماضي.