يعيش حزب حركة النهضة على وقع الاستعدادات للمؤتمر التاسع للحزب، مؤتمر الثبات والتمكين، تحت شعار وحدة-تجدد-مشاركة. واعتبارا لأهمية هذا الاستحقاق الهام والمركزي، يجدر بنا أن نجعل من هذا الموعد فرصة للتدبر والتحليل والاعتبار. إنه بمقدار قدرتنا على هدم الباطل بمقدار عجزنا عن إقامة الحق(1): إن المؤتمر القادم هو لحظة سياسية بامتياز...وهو مبادرة فاعلة لتجديد مشروع الحركة ورؤاها وترتيب أولويتها وهو محطة للوقوف على مختلف مظاهر القوة أو الخلل التي عرفها أداؤنا العام سواء على مستوى مقارباتنا ورؤانا المنهجية واجتهاداتنا السياسية أو على مستوى خطابنا ومواقفنا وجاهزيتنا النضالية ونجاعتنا الميدانية... إن طبيعة ومستلزمات المرحلة: المرور من وضع الثورة/المقاومة/القمع إلى وضع الدولة/ القرار/التمكين... بالإضافة إلى المتغيرات التي يشهدها الوضع الداخلي والخارجي للبلاد تستدعي منا قراءة جماعية متأنية سندها الإدراك العلمي للتحديات والفرص وأدواتها التحليل الموضوعي والوظيفي الذي يقود إلى صياغة نظرية عمل بديلة وجواب جماعي مرحلي للرؤية والرسالة. الأصنام تختفي إذا بزغت الفكرة(2): إن هذه التحديات تدعونا اليوم لاستغلال فرصة المؤتمر القادم لتقديم الأهم على المهم... "فالتنظيم لا مناص منه للحفاظ على المشروع ولكن لا يجب أن يحل التنظيم محل المشروع"(3). وبدون التقليل من أهمية العودة إلى الشرعية القاعدية ومسألة تجديد الهياكل وإكسائها "الشرعية الإنتخابية"، فإنه من الضروري أن نتعهد رصيدنا المضموني مراجعة وتجديدا وتمتينا وذلك في إطار مقاربة تشاركية منفتحة تمكن "الجميع" من المساهمة في تدبير الشأن العام وضبط الاولويات وفي الآن ذاته تمكن من الإستعداد الجيد للتغييرات الديمغرافية والظرفية و"المرجعية" التي هبت وستهب على الجماعة/الإتجاه/الحركة/الحزب في مرحلة إرتداء جبة الحزب الحاكم أو المهيمن... نريدها أمة وسطا شاهدة على الناس معتدلة جامعة مؤمنة فاعلة... إن حاجة بلادنا أكيدة إلى حركة سياسية وطنية تسعى، انطلاقا من المرجعية الإسلامية وفي إطار الجمهورية، إلى الإسهام في بناء دولة حديثة ومزدهرة ومتكافلة، دولة القانون والمؤسسات... دولة معتزة بأصالتها وبحضارتها ومسهمة إيجابيا في مسيرة الحضارة الإنسانية... إن الحزب الذي أثبت تاريخيا قوته وأمانته ووفاءه وصدقه مدعو إلى بذل المزيد من الجهد لتأطير المواطنين والمشاركة في إدارة الشأن العام وترسيخ قيم الاستقامة والحرية والمسؤولية والعدالة والتكافل... جاهزية نضالية عالية وطموح وثقة في إمكانية التغيير والإصلاح إن حركة تقوم على منهجنا سياسي قوامه الالتزام والشفافية والتمسك بنهج التدافع السلمي القائم على مبدأ التدرج والتراكم، مدعوة إلى تمثل كل ذلك من خلال ممارستها اليومية وفعلها النضالي، وأن تحرص على تجديد أدواتها التنظيمية والاتصالية وعلى إيجاد البدائل العملية والنضالية التي تحول المعوقات والإكراهات إلى عناصر محفزة على المقاومة والإبداع بدل الإستكانة لمنطق الحتميات المعطلة للمبادرة. "وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ" (النور 55) والله ولي التوفيق. (1) و(2) و(3): مقولات للشيخ راشد الغنوشي مأخوذة عن مقال "راشد الغنوشي وتحديات المشروع الإسلامي" بقلم أمجد أبو العلا –المجلة الإلكترونية يقظة فكر