[ما الذي يريده هؤلاء السلفيون؟ بقلم محمد المرواني]قبل الثورة التونسية لم نكن نسمع بالسلفيين لا من قريب ولا من بعيد ولم نعرف لهم أثرا في الواقع التونسي ذلك أنّ النظام السابق كان قد وضع البلاد والعباد تحت الرّقابة الكاملة والسيطرة المطلقة ونكّل بكل مكوّنات الشعب ورغم جبروته وبطشه الشديدين فقد وجد رجالا مقاومين ومناضلين شرفاء، قالوا له كفاك أيها الطاغية ظلما وطغيانا بهذا الشعب المسكين ومن بين هؤلاء الشرفاء أحزاب ومنظمات ذات توجّهات وايديولوجيات مختلفة مما عرض الكثير من مناضليهم لأشدّ أنواع القمع والانتقام فمنهم من وقعت تصفيته جسديا ومنهم من عذّب وسجن ومنهم من فرّ بجلده الى بلد آخر يوم لم يكن هناك سلفيون ولا هم يحزنون أو يوم تطأطأ السلفيون رؤوسهم لمنظومة القهر والاستبداد وبقي الحال كذلك إلى أن انفجر الوضع البائس جرّاء الظلم والطغيان والبطالة والفقر والحرمان والتهميش ويوم جاء النصر المبين ونجحت ثورة الشعب فرّ الرئيس المخلوع خوفا من انتقام الشباب المنتفض. وما كادت تضع الثورة أوزارها حتى خرج علينا معشر السلفيين ليفرضوا علينا نمط عيش غريب للحياة أساسه تكفير المجتمع وجعل التحريم قاعدة للحياة وليس استثناء بل كثيرا ما حرضوا على قتل الذين يختلفون معهم في الرأي ففي الأيّام القليلة الماضية رأينا على صفحات التواصل الاجتماعي مجموعة من سلفيي جرجيس يتوعدون السيدين نجيب الشابي وشكري بلعيد بالقتل والانتقام لا لشيء إلا لأنّهم يخالفونهم الرأي والغريب أننا لم نر السلطات المختصة تحرّك ساكنا أمام هذا التهديد الصريح بالتصفية الجسدية. فيا ترى إلى أين تدفعنا عنهجيّة السلفيين الذين لا يؤمنون لا بالحريّة ولا الديمقراطيّة ولا بحقوق الإنسان؟ فإذا كان السلفيون يريدون بتونس خيرا والعيش بسلام في ظل نظام ديمقراطي تعدّدي فتونس تتّسع للجميع دون استثناء بعيدا عن التكفير والإكراه والإقصاء وإن كانوا يريدون غير الهمجيّة وقانون الغاب فأعتقد أنهم يريدون أن يسيروا بنا نحو واد سواط في باكستان أو نحو جبال تورا بورا في أفغانستان. إن تحدّي السلفيّة للسلطة يتعاظم يوما بعد يوم وإنّ أخشى ما أخشاه أن يتحولوا إلى دولة داخل دولة إذ ماذا يعني أن يصرّح وزير الشؤون الدينية بأنّ السلفيين في تونس يسيطرون على أكثر من خمسمائة مسجد بالقوّة؟ يعزلون أئمة وينصبون آخرين سلفيي الطبع والطابع وإذا تصدى عموم المصلّين لذلك التنصيب بالإكراه فإنهم يحسمون الأمر بالعراك والسباب وأحيانا باستعمال العنف الشديد متسلحين بالعصي والهراوات وقد جرى هذا الأمر في عديد الجهات. حقيقة إنّ تونس اليوم تعيش في مفترق طرق، بين غلاة السلفية على اليمين وغلاّة اللائكيّة على الشمال. فما الذي سيكون عليه مصيرنا يا ترى بين هؤلاء المتطرفين في غياب واضح لمؤسّسات الدولة؟؟