كنت على يقين من أن الإخوان المسلمين بعد ثورة 25 يناير سوف تكون الكلمة كلمتهم على الساحة السياسية لجمهورية مصر العربية. فهم بدورهم قد ناضلوا وكانوا ضمن أحزاب المعارضة لعقود طويلة، ذاقوا فيها ويلات العذاب داخل السجون المصرية. إذ أن رموز هذه الحركة أغلبهم عذب ونكل به تنكيلا فضلا عن الذين ماتوا تحت وطئة التعذيب أو حكم عليه بالإعدام لانتمائه لهذا الحزب مثل السيد قطب الذي قام بتفسير القرآن الكريم خصوصا في فترة حكم جمال عبد الناصر. حركة الإخوان المسلمين هي أيضا كبقية الأحزاب الاسلامية اضطهدت ومورس عليها الاستبداد كأشدّ ما يكون إبان الأنظمة التي سبقت الرئيس المخلوع حسني مبارك. لكنها جعلت من الضعف قوة وتعلمت الكثير من ماضيها الأليم. ففترة العسر الطويلة نسبيا ولّت وانتهت وها هو اليسر يقبل، ويأتي الفجر بعد الليل البهيم الذي أرخى سدوله لبرهة من الزمن. هنيئا لإخواننا في مصر العربية بالنصر المؤزر. فهو إن دل فإنما يدل على أن الشعب المصري الأبيّ لم يعد يأبه للأحزاب الراديكالية والموالية موالاة عمياء مع الدول الغربية ويريد تغييرا جذريا مانحا ثقته كغيره من الدول العربية في الأحزاب الإسلامية التي لطالما منعت من المبادرة والريادة داخل الساحة السياسية في أغلب الدول العربية. والآن ها هي تدخل معركة الانتخابات الرئاسية بحظوظ وافرة وإرادة باسلة. وكأنها تقول للعالم بأسره «نحن لدينا الحلول السياسية والاقتصادية والاجتماعية المنبثقة عن الفكر الإسلامي وسوف نطبّقه على أرض الواقع بإذن الله. والأيام المقبلة وحدها كفيلة لأن يصبح الحلم حقيقة وتطلعات الشعوب العربية واقع معيش. ولا أدل على ذلك من وصول الإسلاميين إلى سدة الحكم في العديد من الدول العربية والإسلامية كفلسطين وتونس والمغرب والأردن وتركيا والآن في مصر القلب النابض للدول العربية. لم يعد العرب يرغبون أن يكونوا ذيولا تابعة للدول الغربية بعد أن كانوا بالأمس القريب أسيادا يحكمون الناس بكتاب الله وسنّة رسوله. بل أصبحت الشعوب ترنوا وتتطلع لأن تكون بلدانهم ضمن كوكبة الدول المتقدمة على جميع الأصعدة والمجالات. هنيئا للدكتور محمد المرسي مرشح الإخوان المسلمين في الانتخابات الرئاسية الأخيرة في مصر العربية والذي أصبح من هنا فصاعدا رئيسا لجميع المصريين، وهنيئا للشعب المصري الشقيق بهذا الاختيار الصائب الذي لطالما انتظرناه لعقود طويلة. فيصل البوكاري تونس