تونس مبروك الساسي الفجرنيوز: مرة أخرى يقف المآت من المساجين السياسيين من المنتفعين بالعفو العام، بدعوة من منظمة الكرامة للسجين السياسي، في وقفة احتجاجية أمام مقرّ المجلس التأسيسي بباردو للمطالبة بالتّسريع في تفعيل هذا العفو العام، حتّى يتمكن مساجين الرأي من متضرري العهد البائد من حقوقهم، وردّ الاعتبار لهم، وهم لا يلتمسون إحسانا من أحدٍ، فقد ناضلوا أيّام سكت غيرهم عن ظلم بن علي وعصابته، وتعرّضوا للايقافات وأخضعوا لأشدّ أنواع التعّذيب، والقمع والتنكيل في مراكز البوليس العام والسياسي، وما وهنوا وما استكانوا، وقدّموا التّضحيات الجسام، لهذا الشعب الذي أحبّهم وأحبّ فيهم النّخوة والكرامة والصّبر والشّجاعة والعزَّة، رغم حملات تدنيس المناوئين لهم، وكذب المشككيين في نضالاتهم، ومحاولة اختزالها في المفهوم الضيق للدّين، وربطها بأداء الشعائر التعبدية لا أكثرولا أقلّ، ظنًّا منهم أنَّ هذه المزاعم الباطلة ستنطلي على شعبنا ويصدّقها، وفاتهم أنّ شعبنا قد أدرك جيّدًا أنَّ نضالات الإسلامين وخاصَّةً حركة النهضة، كانت تستهدف النّهوض بالمواطن التّونسي سياسيًّا واجتماعيًّا واقتصاديًّا وثقافيًّا، وتخليص البلاد من عصابات الفساد والاستبداد، وإنّ مشروعها المجتمعي، يهدف الى تمكين الشَّعب التُّونسي من حقِّه في تحقيق الحريَّة بكلِّ أبعادها والمساواة والعدل والكرامة والعدالة الاجتماعية بكل أنساقها، بين جميع الجهات، وبين كلّ الفئات، وذهب بحقد هؤلاء المناوئين لهم، الى استكثار التعويض لهم - باعتبارهم ضحايا سنوات القمع والجمر- واستكثار ما طرح - في قانون الوظيفة العمومية من اصلاحات وافق عليها المجلس التأسيسي- من تمكين كل سجين من السياسيين لواحد من ذويه من حق الانتداب في الوظيفة العمومية، على غرار ما تمّ لشهداء الثورة وجرحاها، وقد علم الجميع ما تعرّض له أبناء هؤلاء المساجين أيّام حكم المخلوع من إقصاء من الوظائف العمومية، وتهميش في القطاع الخاصّ، وقد طال انتظارهؤلاء المساجين لتفعيل العفو العام، وطالت مأساة الكثير منهم، فالكثير منهم أحيل على التقاعد بجراية متواضعة لا تحقق الحد الأدنى من الكفاف والعيش الكريم، وقد أنهكت أبدان الكثير منهم الأمراض والأسقام، وصاروا في عداد العاجزين عن أي عمل، والكثير من هؤلاء المساجين السياسيين سلبهم نظام بن علي القمعي أموالهم وممتلكاتهم، وصاروا في عداد العاطلين عن العمل، والعديد من هؤلاء المساجين التلاميذ والطلبة دخلوا السجون في سن مبكرة من أعمارهم، وقضوا زهرة شبابهم في تلك السجون البائسة، وفي ظروف غير انسانية، وغير لائقة، شهدت عليها الكثير من المنظمات الإنسانية والحقوقية، وتعرّضوا داخل تلك السجون لأشد أنواع التعذيب، والتنكيل، والمضايقات المتنوعة، وغادروها منهكين وفي سن متأ خرة قد تجاوزت الأربعين، وقد فاتهم كل أمل في الالتحاق بالوظيفة العمومية فهل نستكثر عليهم تعويضا ماديا واعترافا لهم بالجميل يرد لهم اعتبارهم ويعوض لهم عن المحرقة التي تعرّضوا لها، فكانت فرصة تجمّعهم أمام المجلس التأسيسي، لتقول للجميع لقد طال صبرنا، وطال انتظارنا، ويكفى مزايدات سياسية على حساب حقوقنا، فقد أثببت جمعية الكرامة للسجين السياسي الممثل القانوني الوحيد والشرعي لاسترداد حقوقنا، أنّها مسؤولة وجادة، بما تقدمت به من مشاريع ناضجة، وذات مصداقية عالية، راعت فيها كل المعايير الدولية المنظمة لحقوق التعويض المادي والمعنوي في مجال العدالة الانتقالية، ونحن ننتظر الأيام القليلة القادمة لنرى أفعالا ملموسة لطي صفحة هذا الملف، الذي طال انتظار تفعيله، ولا نريد أن نسمع مجرد أقوال ووعود عرقوب الكاذبة