لئن تنوعت الانتماءات واختلفت الشعارات التي رفعها مئات المحتجين أمس أمام المجلس الوطني التأسيسي في وقفة وطنية أطلقوا عليها وقفة الغضب بعنوان "الكرامة للسجين السياسي" إلا أن المقصد كان واحدا وهو المطالبة بتفعيل حقيقي لمرسوم العفو التشريعي العام. ويعتبر هذا المرسوم أول مرسوم يصدر بعد ثورة 14 جانفي مباشرة وها قد مرت سنة كاملة على صدروه دون أنّ تستطيع الحكومات المتعاقبة تفعيله كاستحقاق أساسي من استحقاقات الثورة ولا تزال معه معاناة المساجين السياسيين متواصلة. ومن الشعارات التي رفعها المشاركون :"لا كذب ولا نفاق المرسوم استحقاق"،" الإسراع في تفعيل العفو التشريعي العام"، و"لا للمتاجرة بقضية المساجين السياسيين" مع رفع صور عديدة لمساجين سياسيين من أطياف مختلفة نقابية ويسارية وإسلامية وقومية. كما رفعت "جمعية الكرامة للسجين السياسي" بيانها الى "التأسيسي" متضمنا رسالة تطالبه فيها بسنّ قانون تكميلي للعفو العام لاستكمال النقائص التي اعترت المرسوم الأول تحديد آليات وآجال التفعيل ووضع نصّ قانوني ينصّ على عدم الإفلات من العقاب في قضايا التعذيب بالتقادم. وطالب المشاركون في الوقفة الاحتجاجية باعتذار رسمي وعلني من كل ضحايا قمع النظام السابق كما طالبوا مكونات المجتمع المدني الوطني والدولي بتقديم الدعم ومساندتهم لكشف الحقيقة وجبر الأضرار ومحاسبة المسؤولين في ارتكاب جرائم ضدّ الإنسانية. من جانبها حملت جمعية الكرامة للسجين السياسي الأطراف المعنية بهذا الملف مسؤولياتها أمام تواصل التهميش وإضاعة الوقت، كما اعلنت استعدادها النضال بكل الوسائل القانونية من أجل تحقيق جميع مطالبها. وبين عبد الدائم التومي عضو مؤسس لجمعية الكرامة للسجين السياسي في تصريح خاطف ل "الصباح" ان الوقفة الاحتجاجية هي للضغط على الجهات المعنية لتفعيل مرسوم العفو التشريعي العام الصادر بتاريخ 1 فيفري 2011 خاصة لأنه لم يشمل الى حد اليوم جميع المتضررين. وذكر التومي أن 3" آلاف من المساجين السياسيين من مجموع 8760 من المتضررين من الذين منحوا شهادات عفو تشريعي عام عادوا الى سالف وظائفهم، كما نطالب بتفعيل العفو بالنسبة للمتضررين من رجال الأمن والجيش". وأضاف أن الانتهاكات والتنكيل والتعذيب في العهد السابق طالت جميع الانتماءات القومية واليسارية والإسلامية والنقابية وشملت القضايا السياسية سجن 100 امراة واستشهاد اكثر من 120 سجينا، كما خلفت الانتهاكات 400 معوّق و 21 مطلقة وانتحار 4 اشخاص. والتحق عدد من النواب بالوقفة الاحتجاجية من بينهم نائب رئيس المجلس محرزية العبيدي، ورئيسة لجنة شهداء الثورة وضحاياها والعفو التشريعي العام يمينة الزغلامي التي اكدت على تجاوب نواب المجلس مع هذه المطالب ومع المتضررين من العهد السابق. فيما عقد -على خلفية الوقفة الاحتجاجية- اجتماع للاستماع جمع ممثلين عن جمعية كرامة للسجين السياسي بلجنة الحقوق والحريات برئاسة النائب عن كتلة حركة النهضة فريدة العبيدي حيث تم تقديم تصورات للقطع مع العودة الى المظالم والوقاية منها. وفي تدخله حول المسالة دعا النائب نجيب مراد ( عن كتلة حركة النهضة) الحكومة الى معالجة هذا الملف حتى ولو على مراحل لأنّ التباطؤ في هذا الموضوع غير مبرر وغير مقبول. فيما اقترح احد أعضاء لجنة الحقوق والحريات إحداث آلية رقابة لعمل الأجهزة التنفيذية وما توصلت إليه في مسالة تفعيل العفو العام. وأكد ممثل عن جمعية الكرامة للسجين السياسي على ان "الجمعية مدنية بقطع النظر عن كل من يقرأ فيها خلفية ايديولوجية ونسعى من خلالها الى وضع تصورات للعدالة الانتقالية والتواصل مع كل المتضررين على خلفية سياسية". وأكد عضو آخر بالجمعية أن المحرقة التي تمت في التسعينات لم تمسّ الإسلاميين فقط بل شملت مختلف الألوان السياسية مذكرا بعدد من المساجين الذين توفوا جراء التعذيب والتنكيل حتى انقطع كلامه وأغرورقت. عيناه بالدموع وتفاعل معه أعضاء لجنة الحقوق والحريات. وتدخل بعد ذلك النائب إبراهيم القصاص قائلا:" أدعو الى محاسبة من قام بتعذيب هؤلاء الشهداء الأحياء ولا مصالحة دون محاسبة من نكلّ بعديد الشرائح في المجتمع التونسي لان التعذيب في العهد السابق طال الكبار والصغار من تلاميذ وطلبة حتى باتوا حين خروجهم من السجن يحسون بأنهم على هامش المجتمع".