احتجّ كثيرون على مقالي الأخير الذي كان بعنوان (دولة غزة السيناوية) وهو يرصد المشروع الإسرائيلي الذي يقضي بالتخلص من مشكلة فلسطين عبر زحلقة غزة إلى مصر، وقال أحدهم لي بالهاتف ، بعد الإطراء والمجاملة المفتعلة: لا يجب عليك أن تقوم بالتهويل وإثارة المخاوف من الخطط والمؤامرات في كتاباتك، وكأننا غافلون، فنحن نقوم بدورنا الكامل ، ونعي الخطط الإسرائيلية ونتعامل معها! وهذا دفعني لعرض مقتطفات من خطة اللواء المتقاعد غيورا أيلاند، وكان مستشارا خاصا لشمعون بيرس في مفاوضات السلام بينه وبين الرئيس عرفات، والخطة قدمّها هذا اللواء، والذي يعتبر في إسرائيل ممن يرسمون سياسات المستقبل الأمنية، ليس لأنه كان قائدا للواء غفعاتي السيئ الذكر عام 1990 فقط، بل لأنه أحد أعمدة أبحاث الأمن الاستراتيجي، فهو خريج الجامعة الصهيونية الدينية (بار إيلان) وهو أحد أبرز الباحثين في مركز بيغن للدراسات والأبحاث في الجامعة نفسها. وقد نِشر المخطط قبل عامين وهو يقضي بتوسيع غلاف غزة في اتجاه سيناء، كبديل عن حل الدولتين، التي ينادي به الفلسطينيون!!نُشر البحث الصادر عن مركز بيغن في شهر يونيو 2010 ونشرته صحيفة المصري اليوم بعد أقل من شهر، وينص المشروع على: تتخلى مصر عن 720 كيلومتر مربع من سيناء، ويكون ذلك على شكل مستطيل ضلعه الأول 24 كيلو متر يمتد من رفح غربا إلى العريش، أما الضلع الثاني فيكون من كرم أبو سالم على الحدود المصرية بطول 30 كيلو متر، وهذا يُضاعف مساحة غزة ثلاثة أضعاف. وفي المقابل تضم المساحة نفسها من الضفة الغربية لإسرائيل، أما مصر فتحصل على مساحة مساوية لهذه المساحة في جنوبسيناء غرب النقب في وادي فيران، وترتبط مصر بنفق يربطها مباشرة بالأردن، مما يزيد عائداتها السياحية والجمركية، عبر إيصال أنابيب النفط من السعودية ودول الخليج عبر هذا النفق، ويسمح لمصر أيضا بامتلاك مفاعلات نووية لأغراض توليد الكهرباء، ويسمح للفلسطينيين بإنشاء ميناء بحري ومطار ومحطات إعذاب المياه، وسوف تستفيد الأردن من هذا المشروع ليس اقتصاديا فقط، بل إن الأردن ستُطلُّ للمرة الأولى على البحر الأبيض المتوسط عبر الميناء الغزي، ولعل أكبر مكاسبها يتمثل في عودة الفلسطينيين المقيمين في الأردن من الأصول الغزاوية لدولة غزة (السيناوية)!! مع ضرورة إنشاء معبر آمن يصل غزة بالضفة، على أن يتم التنازل عن المستوطنات في الضفة الغربية! وتجد الإشارة إلى أن هذا الكاتب ليس مثل الكتاب الآخرين، بل إنه كاتبٌ استراتيجي كما تصفه دوائر السياسة والأمن . وقد نشر مقالا آخر هذا اليوم 28/6/2012 في صحيفة يديعوت أحرونوت يُرشد فيه السياسيين وقادة الجيش الإسرائيلي إلى طريقة معاملة غزة، ومما جاء في مقالته: يجب انتهاج سياسة جديدة لغزة وتتمثل فيما يلي: " إلغاء العادة المتبعة في إسرائيل، وهي أن الجيش الإسرائيلي اعتاد أن يقسم غزة إلى ثلاثة أقسام: المدنيين، وحكومة حماس، والإرهابيين. وعلى القادة والسياسيين منذ اليوم أن يعتبروا غزة منذ اليوم دولة مستقلة معادية، لها جيش، لذا فلا مبرر لتزويدها بالكهرباء والوقود والبضائع، إن سياستنا السابقة عقيمة عندما كنا نُفرِّق بين مدنيين وإرهابيين، لذا يجب أن تتحمل غزة تبعات كل عمل إرهابي ! ويجب علينا أن نُذكِّر العالمَ بأن غزة ليست محتلة، فلها معبر فيلادلفي المفتوح مع مصر،لذلك يجب أن تقوم إسرائيل بإغلاق المعبر بين الضفة وغزة ومنع كل أشكال المعونات، ولها الحق في استهداف المقرات والمنشآت الحكومية، عندما تُطلَق الصواريخُ على إسرائيل . ويجب استغلال تولي مرسي المنصب الرئاسي لمصر، واعتبار ذلك ميزة لنا، لأن حاجته للدعم الأمريكي حاجة رئيسة لها أولوية، وعلينا أن نُلزم الأمريكيين بأن يكون الدعم لمصر مقرونا بإيقاف الصواريخ التي تطلقها حماس، وترسيخ الهدوء في سيناء، وذلك بما يملكه الرئيس مرسي من علاقة وطيدة مع زعماء حماس، فمرسي محتاج لقمحها ولمعوناتها العسكرية، لذا فإنه لن يضحي بمصلحة مصر، من أجل حماس!!