ما زالت على يقين أن ما تم في مصر منذ 25 يناير أكبر من ثورة بكل المقاييس ، ما تم هو التأسيس الرسمي للمشروع الحضاري الإسلامي الذي يسعى لاستعادة المكان والمكانة ، المقدرات والثروات ، فضلاً عن تحرير الأراضي العربية والإسلامية التي تعاني احتلالاً منذ زمن بعيد أو قريب ، المشروع الإسلامي هو الوحيد المقاوم والمناوئ للمشروع الصهيوأمريكي الذي يسعى هو الآخر لبسط نفوذه على بلدان العالم والمنطقة العربية ونهب ثرواتها وأخيراً حماية حدود ووجود الكيان الصهيوني قلب المشروع الصهيوأمريكي ، من هنا كانت السيناريوهات المتتالية لإجهاض الثورة أو تغيير مسارها وإعادة إنتاج النظام السابق لكن بصورة أكثر قبولاً ، توالت السيناريوهات بداية من الاستدعاء الجبري للعسكر على المشهد السياسي فيما سمي بحماية الشرعية الدستورية من خلال وثيقتي الدكتور الجمل والدكتور السلمي ، مروراً بمحاولات استنساخ الجيل الثاني من التيار العلماني ليتصدر المشهد وتختزل الثورة في الشباب والشباب العلماني فقط ، وانتهاءً بتصدير الأزمات وشيطنة الثورة ليكفر الناس بثورتهم وربما بأنفسهم ويصلوا للحائط بقبول إعادة إنتاج النظام بدعوى الأمن والاستقرار والعيش وهو ما أدى بالضرورة لشق الصف الوطني وتمزيق النسيج الثوري ووجود العديد من الفجوات التي تمدد فيها بقايا النظام خاصة المؤسسات والأجهزة العميقة التي تملك الإمكانات والمعلومات وباتت قريبة بالفعل من إنتاج النظام القديم ، ثم كان قدر الله الغالب وإرادة شعب مصر العظيم الذي أسقط أحد أعمدة دولة مبارك وبقايا نظامه المستبد الفاسد"احمد شفيق" وأنجح "محمد مرسي" مرشح دولة الثورة ، من هنا استعرت الحرب واشتد الغيظ وزاد الفلتان العام والذي أصبح سمة المرحلة على المستوى الأمني والسياسي والإعلامي لدرجة غير مسبوقة ، حين تم اختراق كل الخطوط والحدود المهنية والأخلاقية خاصة في المجال الإعلامي الممول من رجال المال الفاسد بقايا النظام البائد ، هذا الانفلات الإعلامي وجه في المقام الأول لشخص الرئيس في محاولة لإسقاط ما تبقى من هيبة الدولة أملاً في الوصول لأجواء الانفلات المبرر لإفساد بل انهيار التجربة الديمقراطية فضلاً عن إيجاد مبررات التدخل والانقلاب العسكري "راجع تصريحات ومناشدات الكثيرين من المحسوبين على التيار العلماني بجناحيه الليبرالي واليساري لتدخل المجلس العسكري بالانقلاب على خيار الشعب ودعوة بعضهم لتأجيل الديمقراطية حتى لا تقع مصر تحت حكم الإخوان"، المشهد السابق هو المبرر لأجواء الانفلات المتعمد خاصة في مجال الإعلام ، خلاصة الطرح ... على قاطرة الإصلاح والتغيير المنحازة إلى مربع دولة الثورة فقط دون غيرها من المربعات أن تعي طبيعة المرحلة وصعوبتها ، وأن تتمتع بقوة نفسية كبيرة بحجم الثورة الملهمة ، وإرادة شعبية متينة لا تقهر ولا تتراجع مهما كانت الضغوط ، وأن تعمل بصورة جماعية وشراكة تضامنية بحجم احتياجات الجماهير، وأن تصمد بحجم وثقل المشروع والحلم العظيم ، حلم مصر الديمقراطية الحديثة ، القاطرة والرائدة ، ويومئذ يفرح المصريون بنصر الله . كاتب مصري*