بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ تحية الشهيد صدام لرفاقه مناضلي البعث المنسيين الأستاذ أحمد الصديق المحامي التونسي
إقترن عيد الإضخى لدى فئة واسعة من الشعب العربي ومن المسلمين في العالم بذكرى إستشهاد القائد المناضل صدام حسين فما بالك بالمناضلين البعثيين، الذين يستحضرون ذكراه بكامل الفخر والإعتزاز كنموذج للبطولة التي بشرهم بعهدها القائد المؤسس ميشيل عفلق في أول نصوص كتابه الشهير "في سبيل البعث". ولقد كانت صورة صدام وهو يصعد لمنصة المشنقة ويواجه قدره ببسالة ورباطة جأش صورة خالدة حفرت في ذاكرة كل من شاهدها وإقتلعت الإعجاب من أعدائه وخصومه ومنتقديه إلا من أعمى الحقد بصيرته أوجهره النور الساطع الطالع من وجه صدام وهو يهدر بالشهادتين في نبرة واثقة وثوق الإنبياء بربهم. صورة لا مثيل لها لبطل "فوق إنساني" منح دنيا العروبة العليلة والمرتخية نموذجا للبطولة والفداء ينهل من رمزيتها كل المناضلين الصادقين عربا كانو أو أحرار من كل أصقاع الدنيا. ولازلت بعد إنقضاء سنتين على إغتياله أستحضر آخر لقاء لي معه صحبة الزميلين المحاميين العراقيين ودود فوزي شمس الدين وبدر عواد البندر في معتقل كروبر يوم السادس والعشرين من ديسمبر عام 2006 أي قبل إغتياله بثلاثة أيام.
كان حديثه معنا وربما أكثر من المرات السابقة التي قابلناه فيها مفتوحا وبلا حواجز ولمست يومها أكثر من ذي قبل أنه اكبر من أن يكون رئيسا لجمهورية العراق وأعظم من حجم قائد للأمة العربية لأنه كان ببساطة مناضلا بأتم معنى الكلمة ولا زلت أعتقد أن صفة النضال تضل اكبر من الرئاسة واعضم من القيادة
ولقد قالها بالحرف "الحمد لله أنني تصرفت طيلة حياتي كمناضل قبل السلطة وأيام السلطة وبعدها، وسأواجه مصيري إن شاء الله بما يرضي ربي والمناضلين"
وفي موضع آخر عندما حدثنا عن المساومات التي حاولوها معه بعد إعتقاله قال "لقد حاولوا أن يساومني على رقبتي ولكنني رفضت اصلا الخوض معهم فيما يعرضون، إنهم لا يعلمون أن صدام لا يساوم على رقبته، ماذا سأقول لربي ومن بعده المناضلين..."
لقد كان حديث صدام عن النضال والمناضلين أهم ما رسخ في وجداني من لقائي الأخير به، خاصة وأن آخر ما قاله لي عندما إحتضنني لحضة وداعه : "سلملي على أهلك وهلنا في تونس، سلم على الرفاق وعلى كل المناضلين."
اليوم وبعد إنقضاء سنتين على رحيل الشهيد صدام ووفاءا لروح الشهيد ووفاءا لأهم شيء في روح الشهيد وهي روح النضال الصادق القوي الذي ضل معتصما بها حتى اللحضة الأخيرة التي طلعت فيها روحه الزكية إلى بارئها.
أجد لزاما علي أن أقول كلاما لا يعجب الكثير من "البعثيين": وأتسائل اين هم من تلك الروح وهل توفقوا في تمثلها وتجسيدها ولوبالنزر القليل.
وقبل الإسترسال أرى لزاما علي أن أعصم نفسي من الخوض في ما يهم الرفاق العراقيين ليس إعتقادا مني في عصمة ما يصنعون من الخطأ، وإنما لخصوصية ظرفهم وحساسية وضعهم ولأن النجباء فيهم ربما يشفعون للمقصرين منهم وقبل هذا وبعده ليقيننا بأن ما حل بهم من خطب ونزل عليهم من بلاء يدفعنا إلى مناصرتهم وخدمتهم ودعمهم وتأجيل كل نقد سواءا يهم الماضي اوالحاضر علاوة على أن حق النقد لا يكتسب إلا بقدر حجم المساهمة في الفعل المقاوم بما يجعل الشان البعثي العراقي شأنا داخليا بإمتياز نتمنى على رفاقنا العراقيين أن يتوفقوا وهم فيما هم فيه من عظيم محنة وعمق تجربة ونبل مهمة إلى إيجاد السبل الكفيلة بإدارة حوار نقدي فيما بينهم يؤشر الأخطاء ويحاسب المخطئين ويستكشف الطريق الصواب نحو إستعادة البعث لألقه وإشعاعه الذي يستحق وسط العراقيين ومكانته التي هوبها جدير صلب المقاومة الباسلة ضد المحتل.
إن ما أقوله اليوم هومن وحي ماقاله الشهيد صدام لفظا عن النضال والمناضلين
وهومن وحي تلك النفحات التي أوحت بها كلماته عن النضال،
هي نفس النفحات ونفس الألفاظ التي تربى عليها كل مناضل بعثي صادق وشريف على إمتداد سوح النضال في الوطن العربي.
أقول لهم أين انتم أيها الإدعياء متصدري المجالس المخملية ممتهني البكاء على الأطلال فكم قابلت وكم سمعت منهم أبان ترددي في زياراتي مع هيئة الدفاع على الشهيد اثناء محاكمته المهزلة قبل إستشهاده
أين هم محترفو الكلام دون الفعل والتبجح والتفاخر حول طاولات المقاهي ببطولات المقاومين في العراق دون بذل أي جهد أوفعل عدى حضور حفلات الإستمناء الجماعي في تمجيد المقاومة بعنوان نشر ثقافة المقاومة وهم انفسهم نفس الوجوه تجدها حيثما حللت وما أكثرهم بدآ من مناضلي البرقيات والتهاني وعشاق العناوين الجوفاء المرفوعة فوق البيوت الخربة المعميون عن الحقائق الجاحدون الناكرون للجميل الذين ضلوا متلهفين للمغانم أيام السلطة الجافلين الهاربين المتخفين أيام المحنة، جبنت قلوبهم وبخلت أيديهم وأقفلوا على جيوبهم.... فبأس ما فعلوا وبإس ما يصنعون.
فهم والله أغرب الناس عن البعث وروحه المناضلة وليس أشد منهم خيانة ولروح الشهيد، جبنت قلوبهم وصغرت انفسهم وأقعدتهم مصالحهم عن النهوض لما يستحقه ما يدعونه من إنتماء للبعث العظيم.
معاني النضال الحقيقي يعرفها حق المعرفة ويقدرها حق قدرها رفاقي وأحبتي البعثيون المكتوون بجمر النضال، الناكرون لذواتهم، العاملون ليلا نهارا حيثما كانوا وأينما وجدوا لنصرة الحق والإنتصار للمظلومين، الرافعون لراية البعث كدحا ونضالا، قولا وفعلا، فكرا وساعدا.
النضال يعيشه ويجسده رفاقي البعثيين المنسيين المجهولين البعيدين على العناوين البراقة والألقاب الخاوية الذين لا تظهر أسمائهم في برقيات التهاني والتعزية فلهم ما يصنعون وبهم وبنضالهم في الساحات الحقيقية للنضال طلبة وعمالا ومدرّسين يستعيد البعث ألقه وإشعاعه،
النضال يعرفه رفاقي المحامين والحقوقيين وهم يدفعون الضريبة غاليا جراء تطوعهم للدفاع عن المظلومين، يدفعونها حصارا وتجويعا وقهرا ورغم قهرهم وجوعهم وضيقهم لا يرجعون.
هؤلاء جميعا لن تجد أسمائهم في مؤتمرات البلاغة والخطابة والبيانات بل في اقسام البوليس ودفاتر السجون والمعتقلات.
النضال يمارسه رفاقي النقابيين في الاردن ولبنان وتونس والسودان في اليمن وموريطانيا وهم يستبسلون في الدفاع عن حقوق العمال والأجراء ويبشرون بغد عادل وأمة موحدة.
النضال يجسده زملائي النجباء من المحامين المدافعين عن أهلنا من ضحايا الحوض المنجمي في تونس، وضحايا قانون مقاومة الإرهاب في المغرب وتونس والأردن، وضحايا الإعتقالات العشوائية والجبانة في السودان.
النضال يتقد في المشاعل التي ترفعها سواعد رفاقي الطلبة البعثيين في السودان وتونس ولبنان وموريطانيا والأردن وهم يقاومون التطبيع والمسخ والتغريب والميوعة وغسل العقول وينتصرون للمقاومة في العراق وفلسطين.
تحية الشهيد لحظة الوداع كانت موجهة لكم رفاقي المناضلين وليس لغيركم لأنكم أنتم من جسدتم بعثيتكم ووفائكم لشهيدكم العظيم بالنضال والتضحية.
أقول لكم أنتم رفاق صدام حسين وانتم عشيرته واهله وانتم الأقرب لرفاقكم في العراق شهداءا وأسرى ومقاتلين.
فالمجد لكم لا لغيركم والبعث بكم وبسواعد المقاتلين في العراق تستعر ناره وتخلد شعلته وينتقل من جيل إلى جيل وبتضحياتكم وكدّكم تتأكد معاني البطولة التي جسدها الشهيد صدام لحظة إستشهاده العظيم.
أحمد الصديق تونس في العاشر من شهر ديسمبر عام ألفين وثمانية aboutaher@gmail. com