ليس لأحد أن يمنع هذا السؤال, أين التنمية؟ أين الوعود الكثيرة؟ وكأني لا ارى بالبلاد حكومة تعمل, مع انني ارى وزير تنمية يتحدث كثيرا كلما اتاحوا له الفرصة ان يتحدث, ولكنني لا ارى انجازا واحدا مما وعد قد تحقق. العشرات من المشاريع في الجهات قد اعلن عنها بعد استشارات جهوية في التنمية, ما طلبه الناس ليس هو ما ظهر على موقع وزارة التنمية, وما ظهر في هذه الأخيرة ليس هو ما ظهر بالرائد الرسمي, ففي كل مرحلة تسقط مشاريع, ومع ذلك فما تبقى منها لم يظهر الى الناس, ولم تسمع من الحكومة ما يفسر هذا التأخير. المشكل الحقيقي الذي تعاني منه هذه الحكومة هو بعدها عن نبض الشارع, وحتى عن نبض الذين انتخبوها, فهي لا تفسر لهم شيئا, هذه الحكومة لا تظهر إلا اذا استدعيت للمسائلة في التأسيسي, مع انها تعمل وتجد ليلا ونهارا, وفيها من الوزراء من لا ينام ليله و لا يغادر وزارته. هذا البون الشاسع الذي خلقته الحكومة مع شعبها, فسح المجال لقوى الردّة بان تعمل في اريحية, تبث الإشاعة والكذب ولا تجد من يردّهما, وهو مكّن قوى الثورة المضادة من ربح اشواط كبيرة في الشارع, لأن هناك حقيقة واضحة التشغيل والتنمية متوقفان والأسباب غير معلومة. ولعل من الأمثلة ذات الدلالة العالية للقطيعة بين الحكومة وشعبها, هو زلة اللسان التي تحدث عنها رئيس الوزراء الجبالي في خصوص ما تمّ تسليمه من أموال لجرحى الثورة في دفعتين, فالوزير تحدث عن مبلغ 20 الف دينار في مناسبتين, والحال انه 3 آلاف دينار في مناسبتين, وبزلة اللسان هذه فقد اشتعلت بعض المناطق الداخلية من طرف جرحى الثورة, وتمّ الاعتداء على الولاة ومقراتهم وتكسير وتهشيم لممتلكات عامة وخاصة وقطع طرقات. ومع ان الحدث جلل وقد وصل الى التعدّي على مؤسسات وهيبة الدولة, إلا ان الوزير الأول لم يخرج للناس ليقول لهم بأنها زلة لسان ولا غير, بل جاء الردّ محتشما من طرف احد مستشاريه. فما يمنع رئيس الوزراء من الحديث الى شعبه والى الذين اختاروه؟ التنمية معطلة بالبلاد هذا مما لا شك فيه, والحكومة تحاول الإنجاز وهذا لا ريب فيه, فأين ميزانية 2012 الأصلية, وأين الميزانية التكميلية؟ وأين المشاريع التنموية الموعودة؟ فالأكيد بان هناك مشكل ما يعطل انجاز كل الوعود, والأكيد بان الحكومة تعرفه جيدا وبالتفاصيل المملة, ولكن الحكومة لا تصارح شعبها ولا حتى الذين انتخبوها بحقيقة ما يجري, قد يكون ذلك في سبيل السلم والأمن الاجتماعيين, ولكنه يعطي الانطباع الخاطئ لكل الناس بان الحكومة لا تعمل, ولا تنجح في تحقيق الوعود. في أحداث سيدي بوزيد الأخيرة, وهي احداث سياسية بامتياز, يتورط فيها طرف سياسي معيّن, وهي ايضا صراع شخصي لسياسي نقابي, يبحث عن مخرج لأبنه المعتقل من جراء بثّ الفوضى في البلاد, فلولا كلمات وزير الخارجية الذي اتهم فيها صراحة بعض الأطراف, ولو لم تتصل به احد القنوات التلفزية لما أجاب احد. اليس من المفروض, ان يخرج رئيس الوزراء ووزير الداخلية معا وجنبا الى جنب, وذكر الحقيقة كاملة للناس, ليفهموا ما يحصل. فما يكرره الأعلام بان وزارة الداخلية تقمع الناس الذين يطالبون بالتنمية, وأصبحت منظمات حقوقية تحتج من أجل قمع الحريات في تونس. صمت الحكومة غير مفهوم, وهو المتسبب الحقيقي في تعطيل التنمية, فلو ذكرت الحكومة وفي كلمات مباشرة للشعب, كل ما يعترضها من مشاكل والأطراف التي تسعى لتعطيل التنمية وغيرها, ووضحت لنا الصورة كما, لأستطاع المواطن ان يقيم الموازنة بين ما تقوله الحكومة والمعارضة ولتكونت جبهة شعبية عريضة مساندة للحكومة. والواقع يقول, بان الحكومة تبتعد عن المواطنين رويدا رويدا, والآخرون يكتسحون المكان كل يوم وكل ساعة, وقوى الردّة تكبر وتكبر. 10/08/2012