بعيدا عن مقولات التكامل والمساواة وما سواهما بين النساء والرجال وما تثيره تلك المقولات من لغط إعلاميّ وتجاذب سياسيّ واسعَيْن أسوق سؤالا لمن يربطون بين مسألة المساواة وبين الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة مبدع مجلة الأحوال الشخصيّة ومحرّر المرأة التونسيّة: هل تذكرون كيف كان طلاق وسيلة بورقيبة من بورقيبة؟ . الإجابة قد تكشف حقيقة مفادها أنّ التنظير شيء والتطبيق شيء مغاير.. فبورقيبة محرّر المرأة وواضع مجلّة الأحوال الشخصيّة ، بطريقة طلاقه لزوجته وسيلة، كان أوّل من ارتدّ على عقبيه عندما خرق القانون الذي وضعه فأهان المرأة وأفسد ما جاءت به المجلّة.. ولم نسمع وقتها من احتجّ أو اعترض من حرّاس مجلّة الأحوال الشخصيّة والمنافحين الأشاوس عن حريّة المرأة التونسيّة... . من العيب أن تكون المرأة في زمن الثورة أداة للتجاذب الإيديولوجيّ ووسيلة للمزايدة السياسيّة وموضوعا للغط إعلاميّ لا يراد له أن ينتهيَ.. من العيب أن تُتّخذ المرأة التونسية العظيمة غطاء يلتحف به الفاشلون ليفسدوا على البلاد لحظتها الانتقاليّة.. ومن ثمّ قد ترتبك الثورة فنضلّ الطريق وندخل بسبب ذلك -لا قدّر الله- في دورة استبداد جديدة تفسد علينا مناخ الحرية الذي جاءتنا به ثورتنا المجيدة... . إنّ حكومة جاءت بها انتخابات ديمقراطيّة مشهودة لا يمكن استبدالها إلاّ بانتخابات أخرى.. فإن أحسن القائمون على الشأن العام عاد بهم الشعب إلى مواقعهم وإن أخفقوا استبدل بهم قوما غيرهم ثم لا يكونون أمثالهم.. وإنّ المرحلة الانتقالية التي بلغتها البلاد لا تخفى هشاشتها.. وزيادة الاحتقان قد تفسد ما نشأ بفعل الثورة من وفاق انتهى إلى ما نرى من إبداع سياسيّ رغم إنكار بعض السياسيين والمثقفين... . دعوا المرأة لا تقهروها بفرط ستعمالها.. فهي سيّدة نفسها والمدافعة عن حقوقها المقدّسة وليس لأحد أن يمتنّ عليها بنضال مسموم تخالطه الحسابات السياسيّة والأطماع الانتخابيّة.. لن تبلغ المرأة التونسيّة ما تريد إلاّ متى اعتصمت بإرادتها وأخذت بأسباب عزّتها بعيدا عن مظاهر الاستعمال السياسيّ.. . لقد أفسدوا على المرأة حريتها باستعمالها في الاشهار التجاريّ فلا تقتلوها باستعمالها في الإشهار السياسيّ والاستعراض الإيديولوجيّ.. . المرأة هي الإنسان وليس أعظم منها في ما خلق الله.. وما هذا اللغط سوى عنوان لمزيد تغوّل الثقافة الذكوريّة في المجتمع.. . المرأة هي الفعل والفاعل.. لا تشبه غير ذاتها.. ولا شبيه لها.. فلا تغتالوها بسيف تمسكه هي بيدها... نور الدين الغيلوفي