هل يسعى الأستاذ حمادي الجبالي كما يروج إلى تاسيس حزب ذي مرجعيّة إسلاميّة بنفس تجديدي ليبيرالي إذا لم يقع تجديد ولايته على رئاسة الوزراء ضمن قناعة أصبحت متداولة مفادها أنّه حان الوقت ليفرز التيار الإسلامي أردوغانه المنقذ ؟؟؟ و حسب تقديرنا و بعيدا عن القياسات الخاطئة و الإسقاطات المضلّلة التيار الإسلامي في تونس ليس في حاجة لأردغان و لا لأربكان ... هو تيّار مطالب بترميم ذاته و تجاوز تشوّهات مراحل الاستبداد و التّدمير الممنهج الذي طال كلّ العائلات الفكريّة و السياسيّة بتفاوت بينها حيث كان القسط الأكبر من التّدمير و القمع و محاولات طمس الذّات من نصيب هذا التيّار ... يخطئ من يتصوّر أنّه من المفيد بناء الجديد على أنقاض القديم دون حركة نقديّة إبداعيّة تعبّر عن وعي متقدّم ... لقد شهدت السّاحة الحزبيّة في تونس ظاهرة المتحوّلين سياسيّا و المنقسمين و المتشظّين الذين لم يضيفوا للسّاحة السياسيّة تطويرا للوعي و الممارسة بل زادوا من تورّم الساحة الحزبيّة ... إنّ بناء جسم إسلامي يفترض أنّه أنضج من النهضة يمرّ حسب تقديرنا حتما عبر الانخراط في حراك الفكر و الوعي و مراكمة التجربة داخل الجسم الأمّ " حزب حركة النّهضة " ... و عندما يثبت بشكل تلقائيّ موضوعيّ أنّ هذا الجسم السياسي يضيق بالإصلاح و التّجديد فسينقسم بشكل تلقائيّ موضوعي إلى تيار تقليدي محافظ و تيار تجديدي أصيل حقيقي غير مزيّف و غير مفتعل عندها فقط يمكن أن يحصل الفرز الطبيعي و يحدث التّمايز الذي يعبّر عن وعي متقدّم بقيم جديدة في علاقة بجدل المرجعيّة الإسلاميّة تأويلا و تنزيلا و تحدّيات الواقع و حاجاته ... أمّا الفرز المسقط على حراك التيّار الإسلامي المدفوع بحاجات ذرائعيّة تبريريّة مدعومة من أطراف وراءها أسئلة كثيرة فلا يمكن أن ينتج تجربة إسلاميّة رائدة في البلد و ستكون ولادته ميتة قبل الوضع و سيزيد من دفع هذا التيّار للاحتماء بالهويّة عوض استيعاب اشكالياتها ... بعيدا عن ذلك فهذه الحركة وراءها شهداء و معاناة و مظالم و تاريخ من الآلام و التضحيات و بناء مشروع على أنقاضها يفترض أنّها في حالة عقم و لم تعد قادرة على الإخصاب و الانتاج و الابداع و التطوّر من داخلها ... و هذا الحكم لن يحتاج فقط لتشخيص يبلغ أقصى درجات الموضوعيّة المنهجيّة و القدرة على التحليل و الاستشراف بل كذلك يحتاج أن يصدّقه الواقع ... لذلك فتشكيل حزب جديد أردغاني الشّهوة ليس إلا وهما و عجزا نظريا و منهجيّا عن التقاط اللحظة التّاريخيّة ... و ينطبق الأمر على كلّ العائلات السياسيّة التي شهدت أو تستعدّ لانقسامات أو تجالفات ليس لها أيّ مبرّر سياسي موضوعي متين و لا تعبّر عن وعي نوعي مستجدّ ... إلا الدوران في نفس الحلقة المفرغة من المعنى و انتاج المعنى و فائض المعنى و القيم المضافة بمناسبة كلّ انقسام على اليمين أو الشّمال ...