فيينا، 19 أيلول/ سبتمبر 2013"تونس برس" قام الجيش المصري بتنفيذ انقلاب عسكري في الثالث من تموز/ يوليو 2013، أطاح بموجبه بالمؤسسات المنتخبة ديمقراطياً وألغى الدستور الذي أقرّه الشعب المصري في استفتاء عامّ. وقامت السلطات العسكرية والأمنية في مصر، ضمن إجراءاتها الأولى، باعتقال رئيس الجمهورية المنتخب الدكتور محمد مرسي وكبار مستشاريه ومساعديه والمسؤولين في مؤسسة رئاسة الجمهورية. كما قامت السلطات ذاتها باعتقال رئيس الوزراء الدكتور هشام قنديل وعدد من أعضاء حكومته، علاوة على شخصيات أخرى تمّ اعتقالها على خلفية تقلّدها مناصب بارزة في الوظيفة العمومية مثل عدد من المحافظين (وهم مسؤولو المحافظات التي تمثل الوحدة الإقليمية في التقسيم الإداري المصري). وإنّ منظمة "أصدقاء الإنسان الدولية": . إذ تؤكد عدم قانونية خطوة انقلاب الجيش على المؤسسات المدنية الشرعية والديمقراطية في أيِّ دولة كانت؛ . وإذ تدين بأقصى العبارات ما شهدته مصر من انقلاب عسكري وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان وحرية التعبير على إثر ذلك؛ . وإذ تلفت الانتباه بصفة خاصّة إلى خطورة عمليات القتل الجماعي التي تمّ تنفيذها بطريقة منهجية بحق المعتصمين السلميين وجموع المتظاهرين في الميادين والطرقات ضد الانقلاب العسكري والإطاحة بالنظام؛ فإنّها تتابع بقلق بالغ استمرار احتجاز عدد من رجال الدولة في جمهورية مصر العربية. وتشير "أصدقاء الإنسان الدولية" بصفة خاصّة، إلى أنّ إجراءات الاعتقال والاحتجاز تلك، تنطبق عليها صفة "الاختطاف"، أخذاً بعين الاعتبار ما يلي من القرائن: أ/ عدم شرعية الجهة التي أصدرت الأوامر بإجراءات الاعتقال والاحتجاز تلك. فهي سلطة عسكرية قامت بالاستيلاء على الحكم بقوّة السلاح على نحو يتعارض مع المعايير الدولية ذات الصِّلة ومع الدستور المصري ذاته المعمول به حتى تنفيذ الانقلاب. ب/ تمّ تنفيذ إجراءات الاعتقال هذه بمعزل عن أيِّ أسانيد قانونية يمكن الاعتداد بها، كما أنّها أحيطت بالتكتّم الشديد، وهو ما يجعلها بمثابة حالات اختفاء قسري واعتقال خارج نطاق القضاء. ج/ تمّ احتجاز رجال الدولة المصرية أولئك في أماكن غير معلومة ووسط تعتيم شامل على أوضاعهم، ومن المرجّح أنّ بعضهم يقبعون في سجون سريّة أو مواقع غير مخصّصة للاحتجاز أساساً. د/ تمّ حرمان ذوي رجال الدولة المحتجزين من الزيارة أو التواصل معهم، سواء من جانب أسرهم وذويهم أو المنظمات الحقوقية والهيئات الدبلوماسية والوفود العامّة، مع الإشارة إلى استثناءات قليلة جداً أمكن رصدها في هذا الشأن، وتشمل في بعض الحالات زيارات قليلة تمّ السماح بها بعد إلحاح شخصيات سياسية عالمية أو بعض الاتصالات الهاتفية القليلة بين المحتجزين وذويهم. ه/ وجود إشارات ترجِّح عزل رجال الدولة المعتقلين، أو بعضهم على الأقلّ، عن العالم الخارجي بالكامل مع احتمال إخضاعهم لضغوط نفسية لتحطيم معنوياتهم. القلق على السلامة الشخصية لرجال الدولة المختطفين في مصر وإنّ "أصدقاء الإنسان الدولية" تعرب عن قلقها البالغ على السلامة الشخصية لرجال الدولة المختطفين في مصر، وسط ظروف الاحتجاز الغامضة التي يجري إخضاعهم لها للشهر الثالث على التوالي. وتشير المنظمة بصفة خاصّة إلى السجلّ السيِّئ في مجال حقوق الإنسان، الذي دشّنته السلطات العسكرية والأمنية التي سيطرت على الحكم في مصر بعد الثالث من تموز/ يوليو 2013، بما في ذلك وفرة المزاعم عن سوء المعاملة واقتراف انتهاكات جسيمة بحقّ المعتقلين خارج نطاق القضاء، على خلفية الرأي والموقف السياسي. وتلفت المنظمة الانتباه إلى واقعة مقتل عشرات المعتقلين بتاريخ 18 آب (أغسطس) 2013 خارج نطاق القضاء في ظروف غامضة تضاربت بشأنها الروايات الرسمية الصادرة عن السلطات المسيطرة على الحُكم في مصر. إضفاء شرعية زائفة على الاختطاف ويساور "أصدقاء الإنسان الدولية" قلقٌ بالغ من دأب السلطات العسكرية والأمنية المصرية في توجيه عرائض اتهام لرجال الدولة المختطفين، بهدف إضفاء شرعية زائفة على اعتقالهم مسبقاً واحتجازهم بشكل غير قانوني. وتؤكِّد المنظمة أنّ إجراءات كهذه إنّما تُكسِب أيّ عرائض اتهام تمّ أو قد يتمّ إصدارها بحقّهم طابعاً تلفيقياً صارخاً يطعن في مصداقية أي جهة تصدر عنها ويشكِّك في نزاهتها وحيدتها. وإذ تشير الوقائع إلى صدور عرائض اتهام وأوامر بالحبس الاحتياطي بحقّ عدد من رجال الدولة المعتقلين، بمن فيهم رئيس الجمهورية، الدكتور محمد مرسي، ترى "أصدقاء الإنسان الدولية" في هذا التوجّه سعياً لإضفاء شرعية على إجراءات الاعتقال تلك التي تمّ الإقدام عليها بدون أي أسانيد قانونية يمكن الاعتداد بها. مطالبات "أصدقاء الإنسان الدولية": تأسيساً على ما سبق بيانه من الوقائع والملاحظات؛ فإنّ منظمة "أصدقاء الإنسان الدولية" تطالب بما يلي: 1. الإفراج الفوري وغير المشروط عن رجال الدولة المصرية، الذين تختطفهم السلطات العسكرية منذ الثالث من تموز/ يوليو 2013 أو ما يليه بشكل غير قانوني، مع ضمان أمنهم الشخصي وسلامتهم من أيِّ انتهاك كان وكذلك تمكينهم من حرية الحركة والتنقل والتعبير عن الرأي. 2. إبطال الإجراءات غير القانونية والقرارات والأحكام الجائرة التي صدرت أو يمكن أن تصدر بحقّ أي من رجال الدولة في جمهورية مصر العربية، بموجب الانقلاب العسكري، ووضع المسؤولين عنها تحت طاءلة المساءلة الجزائية بموجب القانون. 3. الكفّ عن سياسة الاختطاف وتلفيق الاتهامات بحقّ رجال الدولة وقادة الأحزاب السياسية والشخصيات العامّة في مصر. 4. فكّ طوق العزلة المفروض حول أوضاع المعتقلين في مصر، وتمكينهم من التواصل مع ذويهم والجهات الحقوقية. 5. تشكيل بعثات تقصِّي حقائق أوروبية ودولية مستقلّة ونزيهة وتتسم بالكفاءة والسرعة، تتولّى فحص الظروف والملابسات التي تمّ بموجبها اختطاف رجال الدولة في جمهورية مصر العربية، وإعلان نتائج ذلك على الملأ مع اتخاذ كلّ ما يلزم من إجراءات مساءلة وعقاب بموجب الأنظمة القانونية الدولية، جراء أي انتهاكات تُنسب إلى أي جهة يثبت تورّطها فيها. 6. تدخّل الهيئات والمنظمات الإقليمية والدولية، خاصّة تلك التي تضمّ مصر في عضويتها، لا سيّما هيئة الأممالمتحدة والمنظمات والوكالات التابعة لها، لضمان الإفراج الفوري وغير المشروط عن رجال الدولة المصرية المختطفين، مع اتخاذ التدابير العقابية بحقّ سلطات الانقلاب العسكري في مصر، بما في ذلك إمكانية تعليق عضوية مصر في تلك الهيئات والمنظمات حتى عودة الحياة الدستورية وإبطال كلّ الإجراءات التي تمّ اتخاذها يوم الثالث من تموز/ يوليو 2013 وما تلاه.