ما ان تأكدت قوى الانقلاب من فشلها في سعيها الذي دأبت عليه منذ اول انتخابات حرة و سليمة في تونس، في الانقضاض على الحكم حتى اتجهت متجها جديدا ظاهره الحوار و باطنه الانقلاب... و الدليل على ان الهدف الجديد للانقلابيئن هو نفس هدفهم الاول الذي دأبوا في السعي اليه، هو ان من يريد الحوار لا يشترط شروطا مسبقة مثل اشتراط التوقيع على نتائج الحوار قبل البدء فيه، و ما الى ذلك من الارباكات التي قامت بها قوى الردة و مخلفات العهد البائد من اصحاب المصالح الشخصية الذين لم يرضوا بان تم التسامح معهم من طرف الشعب المنكوب من طرفهم ... و من كانت إرادته الحوار لا يمكن ان يركب راسه اثناء اختيار مرشح للحكومة لا لشيء الا لان النهضة وافقت عليه بالرغم من انها لم تتقدم به او بغيره كمرشح من طرفها و بالرغم من ان الشخصية الوطنية التي يرفضونها هو دستوري قديم و اخر همومه ان يتوافق مع النهضة او ينهج نهجها و ما كلمته الشهيرة (ضاق صدري و انطلق لساني) التي عبر فيها عن رفضه محاولة تغيير هوية المجتمع التونسي حسب قوله و التي كان يراها بزعمه في عهد النهضة و لكن لان الامر لا يعدو ان يكون إرباكا لا اكثر و لا اقل فما كان ممن طلب الحوار الا ان يعارض... هكذا من اجل المعارضة.. و نتيجة لهذا الإرباك الشديد الذي طال الاقتصاد و الأرواح، ارتبك الشعب التونسي ارتباكا شديدا حتى أصبحنا نسمع من يقول ان النهضة "خانت الأمانة" بكثرة تنازلاتها و احس الشعب انها فرطت في الامر الذي تم ائتمانها عليه. لكن العارفين بمدى "طول نفس" النهضاويين - مثلهم مثل الوطنيين الأحرار و هم كثر في تونس و ليسوا في النهضة فقط - و العارفين بمدى "تحملهم للتضحيات" و مدى "تصلبهم في الأسس" و "تساهلهم من اجل المصلحة العامة" و مدى "حبهم لمشروعهم" الذي أفنوا العمر من اجل ان يروا نتائجه في وطنهم و شعبهم ازدهارا و رقيا و حرية و كرامة و ديمقراطية، من علم ذلك لم يهتز و لن يهتز مهما اشتدت الأعاصير .. ذلك ان النهضة و جميع الأحرار في تونس يريدون بحق ان يكون في تونس حكومة قوية جادة في خدمة المجتمع كما يريدون ان تكون في تونس معارضة قوية جادة لان المعارضة في المجتمعات الديمقراطية تعتبر الكفة التي تعدل الميزان كي لا تطغى الحكومة و تنزلق عن المسار الصحيح و هو "خدمة المجتمع"... و ليس مثل الوطنيين الأحرار ممن تم غبنهم في العهد البائد من كان اكثر اكتواءا بنار طغيان الحكومات و ظلمها.... ان لكل مواطن تونسي واجبا تحتمه المرحلة الا و هو الالتفاف حول الأحرار و الوطنيين و مساندتهم بكل ما يستطيع حتى تخرج تونس من عنق الزجاجة و أملنا في الله كبير و لا شك.