تبدو البنوك الإسلامية وكأنها لم تتأثر بوطأة ألازمة المالية. داو جونز الإسلامية تراجعت في الأشهر المنصرفة بضع نقاط فيما داو جونز الأخرى خسرت أكثر من ثلث قيمتها.... هل من الممكن أن يكون القطاع المصرفي الإسلامي هو البديل المؤهل عن القطاع المصرفي التقليدي الذي فقد مصداقيته مع ألازمة المالية الحالية؟ قطاع مصرفي يقوم بعمله دون صعوبات في خضم هذه ألازمة المالية، انه قطاع المصارف الإسلامية. في وقت تتوالى فيه ضربات ألازمة المالية بشدة على الآخرين، استطاعت المصارف الإسلامية زيادة رؤوس أموالها واستقطاب المزيد من الزبائن. على الرغم من القيود المفروضة عليها فقد زاد عدد البنوك الإسلامية في لندن التي تعتبرمركز البنوك الإسلامية في غرب أوروبا وتأسس مصرفان إسلاميان جديدان. عبد الله تركستاني مدير مركز الأبحاث الإسلامية الاقتصادية في السعودية أيد هذه الظاهرة الايجابية بالقول:"إذا نظرنا إلى تأثيرات ألازمة مالية السلبية على المصارف الإسلامية نلاحظ أنها ضئيلة مقارنة ببقية البنوك". لقد تأثرت كل المؤسسات بالأزمة المالية. أنها أزمة ضخمة، والبنوك الإسلامية تأثرت أيضا بها. إذا أردت أن ترى هذه النتائج على البنوك الإسلامية فستلاحظ أنها ضئيلة مقارنة ببقية البنوك الأخرى.
البنوك الإسلامية تضررت بنسبة اقل لعدة أسباب وهي: القطاع المصرفي الإسلامي صغير نسبيا وحديث العمر. لا تتعامل المصارف الإسلامية بالأموال المتداولة بين المصارف الأخرى (الأموال المجمدة الآن نتيجة عدم الثقة بين المصارف). كما لم تقم المصارف الإسلامية بإعطاء قروض غير مضمونة أو بنشاطات مالية مغامرة.
المصارف الإسلامية قائمة على فريضة الاقتراض الإسلامية أي الشريعة. يعتبر الباحث في الشئون الإسلامية رودني ولسون أن النظام المصرفي الإسلامي قائم على العدل. ويقول "المعاملات المصرفية يجب أن تكون نزيهة وكل الأطراف المعنية يجب أن تتعامل بنزاهة مع بعضها البعض مما يعني أن الفائدة في المعاملات المصرفية من المحرمات."
ويؤكد البروفسور في الاقتصاد الدولي هانس فيسر أن المعاملات المصرفية للبنوك الإسلامية يجب أن تتطابق مع الأرقام الواقعية، وبالتالي الأموال تصرف على شراء وبيع البضائع والخدمات. المتاجرة بالأموال المطالبة بمستحقات لا تدخل ضمن المعاملات المصرفية الواقعية أمر غير موح به. العنصر الذي تشدد عليه هذه المصارف هو كونها مصارف لا تتعامل بالفائدة(الربا). هناك عناصر أخرى مثل ضرورة أن تنطلق كل املات المصرفية من قاعدة الشراء والبيع للبضائع والخدمات الواقعية وعدم التعامل في تجارة شراء وبيع الأموال أو مستحقات مالية بعيدة عن المعاملات الواقعية, هذا الأمر غير مسموح به. كما لا تجوز المجازفة. كما لا يسمح للمصارف الإسلامية بالاستثمارات المالية في مجالات محرمة شرعاً مثل الكحول والمراهنات وكل الانشطة المخالفة للقيم الاسلامية. يتفق الجميع على أمر واحد وهو أن ألازمة المالية تدفع إلى تغيير في السياسة الاقتصادية الراهنة. قد يبدو أسلوب المصارف الإسلامية لأول وهلة وكأنه غريب أو دخيل، غير انه في الواقع قريب جدا من التعامل المصرفي الأخلاقي.
ويشير ولسون إلى أن المصارف الإسلامية تستطيع أن تلعب دورا نموذجياً ويقول: من الأكيد انه يعني العودة إلى أساس التعامل المصرفي. التخلص من الثقة المبنية على نقل الأموال بين المصارف والسوق المالي. نرى المصارف الإسلامية نموذجا يحد من تمدد البنوك السريع، إضافة إلى قدرتها على جذب الأموال بسرعة، اعتقد أن هذا الأمر جيد.
البروفسور هانس فيسر يشير إلى أن البعض غير مقتنع بهذا النموذج باعتبار أن اعتماد النموذج الإسلامي قد يعيق التطورات الاقتصادية. التأمينات ضد كل أنواع الأخطار التي قد تواجه الشركات الضخمة العالمية تصبح أصعب ويسيطر الجمود على الاقتصاد على حد قول فيسر. الاقتصاد الحر أدى إلى نمو اقتصادي كبير، لكن جلب أيضا عدم الاستقرار المالي. الرغبة بالسوق الحرة تعني القبول بان الأمور قد تسؤ من وقت لآخر. فشلت البنوك الإسلامية في أن تجد لها مكاناً في هولندا، غير أنها تتكاثر في البلدان المجاورة لها. ففي السنوات المنصرمة ازداد عدد البنوك الإسلامية بنسبة 15% في السنة الواحدة، وتقدر اليوم قدرتها المالية بقيمة 800 مليار دولار. تقرير: لورين نيزنك 12-01-2009