........الآن انتهت الانتخابات الإسرائيلية وتبلورت الخارطة الحزبية الإسرائيلية بشكل واضح ونهائي،وأظهرت مدى الإزاحة على المستوى المجتمعي في إسرائيل نحو اليمين واليمين المتطرف،وبغض النظر عمن سيشكل الحكومة الإسرائيلية القادمة قريباً،فهي في أحسن حالاتها ستتشكل من اليمن واليمين الوسط ،وفي أسوئها من اليمين واليمين المتطرف،وفي كلا الحالتين سواء شكلها "نتينياهو" زعيم حزب "الليكود" أو "تسفي ليفني" زعيمة حزب "كاديما" فلن نرى حالة الاستنفار الأمريكي- الأوروبي الغربي،برفض تشكيل مثل هذه الحكومة والتعاطي والتعامل معها لأنها لا تستجيب لشروط الرباعية أو لا تقبل بالمبادرة العربية للسلام،وكذلك لن يصنف زعيم "إسرائيل بيتنا" والقادم من رحم حركة "كاخ" الإرهابية كإرهابي لا هو ولا حزبه،فالرباعية وشروطها ومصطلحات"الإرهاب" هي حصراً بالجانب الفلسطيني ومقاومته وأية حركات مقاومة وجهادية أخرى عربية وإسلامية ودولية على مستوى الأحزاب والدول،وكذلك لا قرارات ولا عقوبات من مجلس الأمن تحت البند السابع،لأن ذلك أيضاً حصراً بالعرب والمسلمين ومن لا يتقاطع أو يعارض ويرفض السياسات الأمريكيةوالغربية في المنطقة والعالم. وإذا كان كل الخبراء والمحللين السياسيين يجمعون على أن الحكومة الإسرائيلية القادمة،ستكون حكومة حرب بالمعنى العسكري على المقاومة الفلسطينية بالأساس في القطاع والضفة،وعمليات تطهير عرقي بحق أهلنا وشعبنا في الداخل- مناطق الثمانية وأربعين،وعلى كل قوى وأحزاب وحركات ودول المقاومة والممانعة العربية والإسلامية بالمعنى الشمولي،فهذا يعني بالملموس أن الخيارات التي واصل معسكر الاعتدال الفلسطيني والعربي اجترارها والتغني بها عشرات السنيين عن التفاوض و99 % من أوراق الحل بيد أمريكا والمبادرة العربية للسلام واليد الممدودة دائماً وأبداً إلى السلام،جاء من يقطعها ويريحنا من عناء قطعها والاختلاف حولها،ولكن هذه الإراحة لا تعني خوض جدل بيزنطي حول الاستمرار في طرح المبادرة العربية للسلام للتداول وكخيار وحيد للسلام أو سحبها من التداول لانتهاء صلاحياتها،بل ما هي المترتبات والخيارات لمثل هذا السحب من التداول؟،وهل معسكر الاعتدال العربي وحتى النظام الرسمي العربي كاملاً والفاقد لإرادته السياسية والمخصي عسكرياً؟،والذي لم يبني ويؤسس خيارات بديلة لهذا الخيار،مثل خيار المقاومة وهنا القصد ليس بالمعنى العسكري،فنحن نعرف أن جيوشنا أكتافها وصدورها مثقلة بالرتب والنياشين والأوسمة،وهذا يمنعها من القدرة على الحركة بل ويشل حركتها وقدراتها،إنما ما نقصده هنا استغلال الكثير من الإمكانيات والطاقات الاقتصادية والمالية التي يملكها العالم العربي وتوظيفها في أن تفرض على أمريكا وأوروبا الغربية تعديلاً جوهرياً وجدياً في مواقفها واستناداً للعبة المصالح،ففي الوقت الذي كنا وما زلنا نرى أن إسرائيل ترفض استقبال وتشن حملة شعواء على أي مسؤول غربي أو أمريكي مجرد أن يبدي استعداد لعقد لقاءات مع قادة من حماس وغيرها من فصائل المقاومة،وكذلك تفعل أمريكا وأوروبا فهي ليس فقط ترفض اللقاء مع قادة حماس والمقاومة،بل وتفرض شروطاً حتى على الطرف الفلسطيني المفاوض،برفض التعاطي والتعامل مع أي حكومة وحدة وطنية فلسطينية تتمثل فيها وحماس وغيرها من فصائل المقاومة،ونحن هنا ما نريده من الدول العربية،ليس جيوش جرارة ولا مقاومة عسكرية،بل في حدود أضعف الإيمان وأضعف الإيمان هذا يتلخص ليس في رفض استقبال ومقاطعة أي مسؤول أمريكي وأوروبي غربي يستقبل ويعقد لقاءات مع ليفني ونتينياهو،فنحن نرى صعوبة في ذلك حيث أن"ليفني" لها سحرها وجمالها ومن قلب عواصمنا أعلنت حربها على غزة والمقاومة،بل بمقاطعة ورفض استقبال أي مسؤول أمريكي وغربي يستقبل ويعقد لقاءات مع المتطرف "ليبرمان"،وكذلك عدم استقبال وعقد أي لقاء مع مسؤول أمريكي وأوروبي غربي يرفض عقد لقاءات مع حماس وفصائل المقاومة الأخرى أو التعاطي مع حكومة وحدة وطنية فلسطينية،تمثل فيها حماس وفصائل المقاومة الأخرى،وكذلك العمل على عدم الالتزام بالشروط الإسرائيلية – الأمريكية بفرض الحصار على الشعب الفلسطيني،والتهديد والتلويح بورقة المقاومة في وجه أمريكا وأوروبا الغربية من خلال إطلاق يدها في حال رفض أمريكا وإسرائيل وأوروبا الغربية،إجبار إسرائيل على أن تكون دولة تحت طائلة القانون الدولي وليس فوقه،ونحن ندرك جيداً انه لن يتغير أي شيء في أمريكا مع قدوم الإدارة الأمريكيةالجديدة،ما لم يحدث تغير في العالم العربي،تغير يشكل تهديد وخطر جدي على المصالح الأمريكية في المنطقة. إن الحكومة الإسرائيلية القادمة وبغض النظر عمن سيشكلها،فهي حكومة مغرقة في التطرف،وليس في جعبتها أية برامج للسلام،وما يميزها عن أية حكومة إسرائيلية سابقة أنها لن تنجح في تمرير أوهام السلام والذي نجحت به الحكومات الإسرائيلية السابقة وفرضت شروطها ورؤيتها واستمرت في فرض سياسة الأمر الواقع بأريحية ودون أن تعرض نفسها لأية عقوبات دولية،بل نجحت في أن تحول الجلاد إلى ضحية والضحية إلى جلاد. وأنا أومن أن مختلف ألوان الطيف السياسي الإسرائيلي من أقصى يساره هذا إذا كان هناك يسار وحتى "ليبرمان وايتام" في اليمين المتطرف يتقاطعون في الاستراتيجيات من حيث عدم الاعتراف بحق العودة ومواصلة الاستيطان وعدم العودة لحدود عام 1967 ،ويختلفون في مسائل جزئية هنا وهناك،"فليبرمان" يقول بشكل واضح أنه لم يقدم أي تنازل للفلسطينيين،بل ويتوعدهم بحرب لا هوادة فيها،ومن يريد العيش والبقاء في الداخل من عرب 1948 ،فعليه أن يربط مواطنته بالولاء للدولة أو يرحل،و"نتينياهو" يقول أن أقصى ما يقدمه هو تحسين الظروف الاقتصادية لسكان الضفة والقطاع،والأمن مقابل السلام،في حين ليفني تقول بأنه لا عودة لفلسطيني واحد إلى مناطق 1948،وتتقاطع مع"ليبرمان ونتينياهو" في مسألة ربط المواطنة لعرب 48 بالولاء للدولة. وفي المقابل وأمام كل هذه العنجهية والصلف والتطرف،نرى أن هناك في الجانب الفلسطيني والعربي الرسمي وبالتحديد المعتدل منه،أنه وبغض النظر عن تشكيلة الحكومة الإسرائيلية القادمة،فإن المفاوضات العبثية والعقيمة هي الخيار الوحيد،ونحن نقول بأن هذا الخيار بحاجة إلى قوة تحميه وتجعل له حوامل،حتى تتوفر له مقومات النجاح،ومقومات النجاح تعني دعمه بالمقاومة بكل أشكالها وأنواعها واستخدام كل الإمكانيات والطاقات العربية الاقتصادية والمالية في معركة استعادة الحقوق العربية والفلسطينية،فسياسة التسول والاستجداء على أبواب البيت الأبيض والمؤسسات الدولية لن تجدي نفعاً،بل تعني مزيداً من ضياع الحقوق العربية والفلسطينية،وفرض الإرادة والشروط والإملاءات الإسرائيلية- الأمريكية على الأمة العربية والإسلامية.