يتضمن "تنازلات".. تفاصيل مقترح الإحتلال لوقف الحرب    اكتشاف أحد أقدم النجوم خارج مجرة درب التبانة    ليبيا ضمن أخطر دول العالم لسنة 2024    بمشاركة ليبية.. افتتاح مهرجان الشعر والفروسية بتطاوين    جماهير الترجي : فرحتنا لن تكتمل إلاّ بهزم الأهلي ورفع اللقب    كلوب يعلق على المشادة الكلامية مع محمد صلاح    وزارة السياحة أعطت إشارة انطلاق اعداد دراسة استراتيجية لتأهيل المحطة السياحية المندمجة بمرسى القنطاوي -بلحسين-    وزير الخارجية يواصل سلسلة لقاءاته مع مسؤولين بالكامرون    عمار يدعو في ختام اشغال اللجنة المشتركة التونسية الكاميرونية الى اهمية متابعة مخرجات هذه الدورة وتفعيل القرارات المنبثقة عنها    رئيس البرلمان يحذّر من مخاطر الاستعمال المفرط وغير السليم للذكاء الاصطناعي    سجنان: للمطالبة بتسوية وضعية النواب خارج الاتفاقية ... نقابة الأساسي تحتجّ وتهدّد بمقاطعة الامتحانات والعمل    بن عروس: حجز 214 كلغ من اللحوم الحمراء غير مطابقة لشروط النقل والحفظ والسلامة الصحية للمنتجات الغذائية    الرابطة 2: نتائج الدفعة الأولى من مباريات الجولة 20    الترجي الرياضي يفوز على الزمالك المصري. 30-25 ويتوج باللقب القاري للمرة الرابعة    بطولة مدريد للماسترز: أنس جابر تتأهل الى الدور ثمن النهائي    زيادة ب 4.5 ٪ في إيرادات الخطوط التونسية    إمضاء اتفاقية توأمة في مجال التراث بين تونس وإيطاليا    وزير الثقافة الإيطالي: "نريد بناء علاقات مثمرة مع تونس في مجال الثقافة والتراث    توزر: الندوة الفكرية آليات حماية التراث من خلال النصوص والمواثيق الدولية تخلص الى وجود فراغ تشريعي وضرورة مراجعة مجلة حماية التراث    تعاون مشترك مع بريطانيا    سوسة: القبض على 5 أشخاص يشتبه في ارتكابهم جريمة قتل    تامر حسني يعتذر من فنانة    بن عروس: حجز 214 كلغ من اللحوم الحمراء غير مطابقة لشروط النقل والحفظ والسلامة الصحية    الرابطة الثانية : نتائج الدفعة الأولى لمباريات الجولة السابعة إياب    في اليوم العالمي للفلسفة..مدينة الثقافة تحتضن ندوة بعنوان "نحو تفكرٍ فلسفي عربي جديد"    برنامج الدورة 28 لأيام الابداع الادبي بزغوان    اعتماد خطة عمل مشتركة تونسية بريطانية في مجال التعليم العالي    الإتحاد العام لطلبة تونس يدعو إلى تنظيم تظاهرات طلابية تضامنًا مع الشعب الفلسطيني    رئيس الجمهورية يستقبل وزير الثقافة الإيطالي    الإتحاد العام لطلبة تونس يدعو مناضليه إلى تنظيم تظاهرات تضامنا مع الشعب الفلسطيني    صادم/ العثور على جثة كهل متحللة باحدى الضيعات الفلاحية..وهذه التفاصيل..    عاجل/ عالم الزلازل الهولندي يحذر من نشاط زلزالي خلال يومين القادمين..    رئيس الاتحاد المحلي للفلاحة ببوعرقوب يوجه نداء عاجل بسبب الحشرة القرمزية..    خط تمويل ب10 مليون دينار من البنك التونسي للتضامن لديوان الأعلاف    القطب المالي ينظر في اكبر ملف تحيل على البنوك وهذه التفاصيل ..    سيدي حسين : قدم له يد المساعدة فاستل سكينا وسلبه !!    8 شهداء وعشرات الجرحى في قصف لقوات الاحتلال على النصيرات    البطولة الوطنية: النقل التلفزي لمباريات الجولتين الخامسة و السادسة من مرحلة التتويج على قناة الكأس القطرية    مدنين: وزير الصحة يؤكد دعم الوزارة لبرامج التّكوين والعلاج والوقاية من الاعتلالات القلبية    طقس السبت: ضباب محلي ودواوير رملية بهذه المناطق    كيف نتعامل مع الضغوطات النفسية التي تظهر في فترة الامتحانات؟    ابتكرتها د. إيمان التركي المهري .. تقنية تونسية جديدة لعلاج الذقن المزدوجة    القواعد الخمس التي اعتمدُها …فتحي الجموسي    وزير الخارجية يعلن عن فتح خط جوي مباشر بين تونس و دوالا الكاميرونية    طقس اللّيلة: الحرارة تصل 20 درجة مع ظهور ضباب محلي بهذه المناطق    وزير الفلاحة: "القطيع متاعنا تعب" [فيديو]    بنسبة خيالية.. السودان تتصدر الدول العربية من حيث ارتفاع نسبة التصخم !    تألق تونسي جديد في مجال البحث العلمي في اختصاص أمراض وجراحة الأذن والحنجرة والرّقبة    منوبة: تفكيك شبكة دعارة والإحتفاظ ب5 فتيات    قفصة: ضبط الاستعدادات لحماية المحاصيل الزراعية من الحرائق خلال الصّيف    تونس : أنس جابر تتعرّف على منافستها في الدّور السادس عشر لبطولة مدريد للتنس    مقتل 13 شخصا وإصابة 354 آخرين في حوادث مختلفة خلال ال 24 ساعة الأخيرة    عميرة يؤكّد تواصل نقص الأدوية في الصيدليات    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    انطلاق أشغال بعثة اقتصادية تقودها كونكت في معرض "اكسبو نواكشوط للبناء والأشغال العامة"    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دور بريطانيا في تثبيت الكيان الصهيوني في فلسطين : مأمون شحادة
نشر في الفجر نيوز يوم 13 - 02 - 2009


الكاتب : مأمون شحادة / الفجرنيوز
دراسات اقليمية
بيت لحم – فلسطين
ان الحتمية الفكرية والمترافقة مع رأس مالها تمثل اهمية بالنسبة للحركات السياسية ايا كانت ، ولكن هل هما توفران الغايات لتحقيق واقع محسوس ملموس لتغطية كل جوانب القصور المرافق للحركة ، فقد ارتأى الفكر الصهيونيي أن يوفر مناخ دولي على كل المواسم يسمح بتشكيل غطاء ورحم من التحالفات الدولية ينمو فيه الوطن القومي اليهودي ، وانه بالتزام دولة عظمى تمتلك الوسائل الشرعية اللازمة لتلتقي مع مقومات فكرية لا غنى عنها لتحقيق اهدافها و مخططاتها في محمل الجد والتطبيق والتنفيذ.
باندلاع الحرب العالمية الأولى توافرت الاجواء الدولية الملائمة لتنفيذ الفكر الصهيونيى وذلك بإنشاء وتحقيق وطن قومي لهم ، وبدت بريطانيا الامبراطورية الوحيدة القادرة على تنفيذ هذا الالتزام لعدة أسباب منها أنها الدولة الأوروبية الاكثر ظهورا على المكانه الإمبريالية وأظهرت توجها نحو المنطقة العربية منذ وقت مبكر ، وهو ما أهلها لأن تكون الرحم الحاضن للفكر الصهيونية لينمو هذا الجنين الصهيوني في رحم الدولة البريطانية منذ عام 1905 . وقبلها بعدة سنوات شهدت تدشين بعض الشركات الصهيونية الأولى الهادفة الى ايجاد بقعة للصهيونية على ارض فلسطين ، من هنا يتبين أن ارتقاء الفكرة الصهيونية نمت مع مع نشوء المعادلة الاستعمارية الغربية والتي تبنت نفس الفكرة التوسعية على حساب الشعوب الاخرى، وهذا ما جعل الكثيرين يعتقدوا ان هذا الالتقاء يعبر عن نفس القالب.
وفي اجتهادهم لكسب الغطاء البريطاني للدولة الصهيونية المقترحة حينها بدأ عملية المغازلة الصهينونية لتحقيق امانيهم الإمبريالية البريطانية فشددوا على الثقة العضوية بين الفكر الصهيوني والمصالح البريطانية ؛ وتحايلوا بأن توطين عنصر تابع لبريطانيا في فلسطين يمكن أن يشكل سدا منيعا يوفر الامان لقناة السويس وويحرس لبريطانيا مواصلاتها الى الهند والشرق الأدنى ، في مقابل تلك الخدمات العظيمة خفض الصهاينة مطالبهم في أن تخوض بريطانيا الانتداب على ارض فلسطين وتسهل اقامة وطن قومي لليهود واصروا على ضرورة أن "يضمنه ويحميه القانون العام" أي يكون محاط بالغطاء الشرعي والاعتراف الدولي ( البراءة الدولية ).
حينما اصدر وعد بلفور في عام 1917 كان هو الرابط الذي وثق الصهيونية وبريطانيا بالشكل الرسمي حيث كانت تعتبر بريطانيا في ذلك الوقت اقوي دولة استعمارية امبريالية في العالم ، ومن هنا يتبين ان هناك مقارنة بين الالتزام الانجليزي بوعد بلفور والالتزام بالتعهدات الدولية الأخرى يتبين أنه بينما التزم البريطانيون بتنفيذ كل اتفاقاتهم مع الصهاينة بكل إخلاص فإنهم تهربوا من تنفيذ بعض بنود " سايكس بيكو" مع حليفتهم فرنسا وخاصة المتعلقة بحالة فلسطين تحت الإدارة الانجليزية والفرنسية مشتركة. أما بالنسبة لوعودهم للشريف حسين ( العرب ) بقيام المملكة العربية الكبرى فإنها لم توضع موضع الجد. فيتبين أن نجاح العقل الصهيوني في إقناع المملكة البريطانية بتشابه مصالحها مع النظرة الصهيونية هو ما جعلها ان تنفذ التزامها في وعد بلفور، وليس دقيقا ما نسمع عن أن عطف المملكة البريطانية على احلام وامنيات الصهيونية وبغضها للعرب أحد ثوابت واساسيات السياسة الهادفة لبريطانيا ؛ فيظهر من ذلك ان سياسة بريطانيا كانت تهدف لتحقيق مصالحها الإمبراطورية الاستعمارية ليس الا .
ان الانتداب البريطاني نظام خلقته عصبة الأمم وهدفت من خلاله في صبغ الصفة الشرعية على اهداف و مصالح الدول الاستعمارية المنتصرة في الحرب العالمية الاولى وتغليفها بمنظر يحمل في طياته غلاف إنساني ؛ فهدف العصبة من إقرار الانتداب أن البلدان التي كانت تحت سيطرة الدول التي خسرت الحرب لن تكون قادرة على حكم نفسها ومن الاحسن أن يؤخذ بإدارتها مؤقتاً إلى دولة قوية و متقدمة تساعدها على نيل الاستقلال واعتبر ميثاق العصبة " بأن مصلحة هذه الشعوب ونهوضها وتطورها يعتبران أمانة ذات قدسية في ذمة الدولة المدنية "
ومما يلاحظ على الميثاق إطلاقه يد العنان للدولة المنتدبة واعطائها سلطات واسعة و مطلقة في عملية التشريع والإدارة ، وأنه لم يعطي أي ملحوظة التقائية أوناحية رقابية لتمييز دورها الادائي وتوفير نوع من الحماية القانونية ( المغلفة بالانسانية ) " للأمانة المغلفة بالقداسة " وهو ما يقودنا للتساؤل عن الفروقات الجوهرية بين الانتداب البريطاني والنظم الاستعمارية التي اعتادت عليها الدول المنتدبة في مستعمراتها ؟؟ والظاهر أنه لا يوجد اختلاف بين جوهر تلك الانظمة فاهدافهما قائمة على فرض حكومة دخيله على شعب اعزل من دون إرادة هذا الشعب. أما الفروقات ينهما فيتبين ان الحكم الانتدابي نظام مؤقت يظهر بواجهة من" الشرعية الدولية والقانونية" و التي هي من وجهة نظر العصبة شرعية اظهار القوة والغلبة لا ظاهرة شرعية الحق.
وإذا نظرنا الى صك الانتداب القائم على فلسطين عام 1922 ليتبين أن بريطانيا قامت بجهود مضنية في ديباجته ليتلائم مع قيام الوطن القومي لليهود لذلك أتى الصك بشكل أداة تهويد ؛ فقد جاءت مقدمته بوعد بلفور الذي اشار " للحق التاريخي الذي يربط هذا الشعب اليهودي بفلسطين " مما يدل على كثير من المغالطة التاريخية الكبرى لتبين أنها لا تعتبر اليهود بانهم أجانب متصفين بظاهرة طارئة على فلسطين وعبارة "الشعب اليهودي " تدل على مغالطة أخرى فالجماعات الصهيونية اليهودية المتناثرة هنا وهناك لم تتوفر لها وعلى الاطلاق مقومات الشعب المستقل . وحينما تم الاعتراف بأن هاؤلاء اليهود انما يشكلون شعباً فقد بينت و أشارت المقدمة إلى العرب بانهم طائفة تذكر ضمن "الطوائف التي هي غير يهودية" من ساكني فلسطين !!!
أما الصك وبنوده التي شرعت على اساس التهويد إذ انها حددت في المادة الثانية من الصك وصاية الدولة المنتدبة في وضع حالة البلاد في أحوالها السياسية والاقتصادية والاجتماعية تضمن قيام نشوء الوطن اليهودي القومي ، وتعترف بكل صراحة من خلال المادة الرابعة بالوكالة اليهودية لتتعاون مع إدارة فلسطين الادارية " البريطانية" وتعملان معا لتحقيق الوطن اليهودي القومي الاصل بينما افتقر المواطنين الأصليين إلى نظام يمثل هويتهم أمام بريطانيا ،و أما المادة السادسة فقد قامت بفتحت الباب أمام افواج المهاجرين اليهود ، كما انه تم إقرار وبشكل جرئ اللغة العبرية كلغة رسمية و اعتبارالأعياد اليهودية أعياداً رسمية . ومن الملفت للنظر انه في عام 1937 ووفق ما صرحت به لجنة بيل البريطانية اثر اندلاع ثورة 1936 لفصل العرب عن اليهود تضمن هذا التقرير اعتراف ب " دولة يهودية " وليس مجرد وطن قومي كما جاء في وعد بلفور مما يدل على ان هذا التصريح سبق قرار تقسيم فلسطين 181من مجلس الامن الدولي .
ان المبالغة للحكومة البريطانية في الاصرار على الحقوق اليهودية جاءت على حساب كل الحقوق وكل المطالب الأساسية للشعب الفلسطيني الذين هم مواطنين هذا البلد و أصحاب الحق في فلسطين إذ ان صك الانتداب شكل حجر عثرة أمام الأخذ قدما بيد البلاد نحو تحقيق الحكم الذاتي ، وقد ابدا تشرشل في عبارة لا ينتابها الصراحة الا التقليد الشيفوني الليبرالي في التصدي للمطالب الوطنية الفلسطينية و بالأخذ بيد هذه البلاد نحو الاستقلال الخشن قائلاً "اننا سنقوم بتطويرهذه المؤسسات المتصفة بالتمثيلية باسلوب الخطوة خطوة لكي تصل إلى الحكم الذاتي لكن كل أحفادنا قد يكونون اموات قبل أن يتم هذا " !!!
منذ ان قبلت الانتداب على فلسطين انحازت الإدارة البريطانية لسياسة تأييد و دعم الوطن القومي اليهودي وكان اختيار وتعيين هربرت صمويل عام"1920-1925" اليهودي الاصل - وانه كأول مندوب سامي اتى كتعبير مبداي في هذا السبيل ، وقد ادى تعيينه الى حالة من الغضب لدى العرب الذين طالبوا من بريطانيا التراجع عن هذا الاختيار لكن ادارة الانتداب البريطاني تمسكت باختيارها هذا وقامت باعداد برقية له سريعة والتي تبين مآثر هربرت صمويل والتي تجعل منه متوافقا و مناسباً للمهمة التي القيت على عاتقه ووعدت بأن "يمسك طرفي ذلك الميزان كل بعدل "وكانت أول واجبات و مهام هربرت صمويل إعادة ادلجة و تعيين الحدود الدولية لفلسطين بحيث تجسد و تحقق المطامع الهادفة للمشروع الصهيوني فتم ادخال الجليل الأعلى وايضا ادخال المنابع العليا لنهر الأردن وبحيرة الحولة وطبريا من ضمن الحدود الدولية الفلسطينية لكي يتم توفير الطاقة و المياه للمستوطنين و وانعاش المشروعات الصهيونية.
انتهج الانتداب البريطاني وبشكل ممنهج اربعة منهجيات رئيسية في سياسته لتثبيت الكيان الصهيوني في فلسطين:
1. حق انتزاع الأراضي الفلسطينية .
2. دعم وتشجيع الهجرة اليهودية .
3. التشجيع والدعم للمشروعات الاقتصادية اليهودية .
4. قمع الشعب الفلسطيني .
أ‌- النقطة الأولى في دعم الانتداب البريطاني تمحورت بمنهجيه حول الأراضي كما يلي :
• فتح باب التشريعات على مصراعيه وبادلجة سياسية بريطانية أمام اليهود ليتملكوا قطاعات كبيرة وواسعة في فلسطين .
• تشجيع و حشد اليهود في الأراضي الموات " الأميرية " التي بلغت آنذاك بنحو 45% " تقديرا " من مساحة فلسطين .
• أما الدستور الفلسطيني الذي أصدرته ادارة الانتداب البريطانية فقد ذهب إلى أبعد من ذلك إذ وضع كل ثروات فلسطين الطبيعية من المعادن و المناجم والأنهار تحت تصرف المندوب السامي البريطاني وبشكل مطلق .
• خول المندوب السامي كل الصلاحيات في أن يؤجر او يهب الأراضي العمومية لمن يشاء . وتحقيقاً للنزاهة والانصاف البريطاني فإن الدستور الفلسطيني اشترط أن يتم كل ذلك وفق ما جاء في صك الانتداب !!! ، ومن البديهي أن تكون كل هذه الهبات لصالح الكيان الصهيوني ؛اذ ان سياسة الانتداب البريطاني آنذاك كانت قائمة على هدف انتزاع الأراضي من أصحابها الاصليين بيد ومنحها للكيان الصهيوني باليد الأخرى . وقد شكل قرار المندوب السامي البريطاني الذي ينتمي للحركة الصهيونية هربرت صمويل بإلغاء القوانين العثمانية التي كانت تمنع اليهود من امتلاك الأموال غير المنقولة في فلسطين الأساس الذي استند عليه اليهود في الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية ، ومصادرتها ، والتي كانت تبلغ نحو( 13.500.000) كيلومترًا والتي تتجاوز نصف مساحة فلسطين ، بينما تحتفظ بريطانيا تحت مسمى الأراضي "الأميرية" بنحو (12.000000) ويقتصر الوجود اليهودي على مساحة (650) ألفًا
• ومنذ منتصف العشرينات تعمدت ادارة الانتداب إلى سن التشريعات الخصوصية و الخاصة بانتزاع واقتلاع الأراضي من يد ملاكها واصحابها العرب واستولت بريطانيا من خلالها على مساحات كبيرة و شاسعة من الأراضي تحت مسوغات ذرائعية متهافتة منها القيام بتوسيع الطرق المؤدية من و إلى المستعمرات الاسرائيلية ، واحتياج المشروعات الصهيونية للأراضي وذلك من أجل استكمال منشأتها ، وعلى سبيل المثال , القيام بانتزاع منشأة روتنبيرج لتوليد الكهرباء مساحة 18 ألف دونم من الأراضي الخصبة المملوكة للعرب تحت ذريعة توسيع تلك المنشأة.
ب‌- النقطة الثانية : السخاء البريطاني في اجتثاث و انتزاع الأراضي من ايدي اصحابها واعطاءها كهبة للصهاينة قد أغرى كثير من مهاجري اليهود بالقدوم الى فلسطين ، وشجعت ادارة الانتداب الهجرة الصهيونية فقامت بفتح المجال واسعاً لقدوم المهاجرين تحت مسمى أن صك الانتداب يشجيع على الهجرة اليهودية وبذريعة ان اليهود القادمين ذا كفاءات فنية وعلمية وتقنية ومهنية عالية وباستطاعتهم المساهمة في تقدم و ترقية البلاد. وغضت سلطة الانتداب الطرف في كثير من الاحيان عن الهجرة غير الشرعية وسمحت بالتجاوزات العددية المقررة وخاصة في الظروف التي بدات تشهد صعود الحكم النازي في ألمانيا. وحينما كان عدد الكيان الصهيوني مع بدء الانتداب 50 ألف يعني انهم أقل من 7% من السكان , حيث واجهت بريطانيا تحديات كبيرة في مواجهة مخططها بتهويد فلسطين تمهيدًا لإقامة الوطن القومي لليهود نتيجة الفارق الكبير بين عدد السكان العرب ، واليهود باعتبار اليهود أقلية قومية ، إلا أنها تغلبت عليها بفتح أبواب الهجرة لليهود من شتى أنحاء العالم ، وأحدثت تفوقًا يهوديًا في عدد السكان.
وأسهمت تلك السياسة بتهجير العديد من الفلسطينيين قسرًا تحت تهديد العصابات الصهيونية ، والنفوذ العسكري البريطاني الداعم لها ، وتم الاستيلاء على أملاك وأراضي النازحين ، وكذلك إقامة المستوطنات لاستيعاب اليهود المهاجرين. ولكن حينما غادرت حكومة الانتداب البلاد عام 1948 فقد بلغ عدد اليهود 650 ألف نسمة فاصبحوا يشكلون 31% من عدد السكان.
استمرت الهجرة اليهودية الى فلسطين , وبتسهيل من حكومة الانتداب التي ساعدت اليهود على امتلاك الارضي بعدة طرق منها :
• كانت تسجل الاراضي العربية باسم الدولة المنتدبة , ولم تسجلها باسم صاحب الارض رغم اثبات ملكيته لها .
• استخدمت بريطانيا القوة العسكرية ضد العرب من اجل اجبارهم على ترك اراضيهم والرحيل عنها , كما حدث في وادي الحوارث قرب طولكرم ' وسهل مرج بن عامر .
• التضيق الاقتصادي بفرض ضرائب باهظة على الاراضي , مما اوقع صاحب الارض تحت طائلة الديون التي لم يستطيع سدادها , فيضر لبيعها لسداد الديون المتراكمة عليه .
وقد سهلت بريطانيا لليهود شراء الأراضي العربية بمنع المزارعين الفلسطينيين من تصدير منتجاتهم حتى تهبط أسعارها ، ولا يتمكنون من تسديد الديون والضرائب فيضطروا لبيعها لليهود
• اراض مسجلة لعائلات لبنانية وسورية اشترتها المنظمة الصهيونية بثمن بخس , وكانت تقدر بالاف الونمات , ومن هذه العائلات ال سرسق وال التيان وال خوري وغيرهم
واستطاع الصهاينة شراء اكثر من نصف مليون دونم في الفترة الواقعة بين 1931 – 1935 , وبلغت مساحة الاراضي التي سيطر عليها اليهود حتى عام 1947حوالي 6.8 % من مساحة فلسطين وتقدر بحوالي 1588365 دونما سواء اكان عن طريق البيع ام عن طريق منحها كهبه من حكومة الانتداب لليهود .
ج - النقطة الثالثة : وتتابعا لسياستها الخصوصية والهامة بتهويد ارض فلسطين خصت سلطة الانتداب الشركات والمنشأت الصهيونية بالكثير من امتيازات المشروعات الاقتصادية التنموية الكبرى في فلسطين لتصبح وتتحول فيما بعد إلى بؤرة القطاع التنموي والاقتصادي والانمائي والصناعي مع قيام الدولة وأهم هذه المشروعات والمنشأت منشأة روتنبيرج للكهرباء، ومنشأة استغلال مياه البحر الميت، ومشروع منطقة الحولة. ومن ذلك يتبين أن فكر الرأسمالية الصهيونية اختارت الاراضي الخصبة والمواقع ذات البعد الإستراتيجي كمنطقة الجليل والحولة لتاسس عليها مشروعاتها ومنشاتها الاقتصادية برعاية بريطانية، يلاحظ ان عقود الامتياز التي امتازت بها تلك المشروعات تبين ان سلطات الانتداب قد سمحت للصهاينة وحدهم دون غيرهم باحتكار كل الثروات بما فيها الثروات المعدنية وغير المعدنية وبهذه الصفة العنصرية الاحتكارية قد تمكن الكيان الصهيوني في النهاية من وضع يده على كل الموارد الطبيعية لتلك البلاد. وقد ساعدت هذه المشروعات المشروع الصهيوني من عدة جوانب فمن جانب ساهمت في انشاء المزيد من المستوطنات على على حساب الاراضي العربية، وقامت بفتح الآفاق لآلاف المهاجرين الجدد للعمل في هذه المشروعات إذ أن نصوص دستور الوكالة اليهوديه لا يجيز العمل لغير اليهود في هذه المشروعات ، وساعد على ذلك الإعفاء الضرائبي للاشياء التي تستوردها هذه الشركات إلى دعم وتشجيع وتوسيع الصناعة اليهودية مما ادى الى تقدم الإنتاج الصهيوني وتراجع الصناعات العربية أمام التحديات التقنية التي فرضت عليها
د - النقطة الرابعة : وقد قامت السلطات البريطانية بقمع المقاومة الفلسطينية ، والتصدي لثورتي البراق 1929، والقسام 1936، ودعم جرائم العصابات الصهيونية ، والتي من أشهرها "الأرغون" و "شتيرن" و "الهاغاناة".، وتصادر أرضهم، وتسهيل ارتكاب المجازر لإجبار الفلسطينين علي النزوح عن أرضيهم ومصادرتها.
أن بريطانيا عند انسحابها من فلسطين ، وإنهاء انتدابها تركت الأراضي الأميرية تحت تصرف الوكالة اليهودية ، وكذلك قامت بتسليمها الإدارة في المناطق التي تنسحب منها والمطارات، ومستودعات السلاح ، الأمر الذي يشكل انتهاكًا خطيرًا لالتزاماتها بالحفاظ على السلامة الإقليمية ، والاستقلال السياسي بموجب نص المادة (22) من عهد العصبة .
ان مرحلة الانتداب البريطاني على فلسطين وحتى قيام دولة إسرائيل قد اطلق العنان لبدأ الاستيطان الفعلي في فلسطين حيث تم تكثيف عمليات استملاك اليهود للأراضي الفلسطينية، وتدفق الهجرة اليهودية ، حيث شهدت هذه المرحلة الموجات الثالثة والرابعة والخامسة من الهجرات اليهودية مما ادى الى ضياع ارض فلسطين وفق تخطيط صهيوني وادارة بريطانية جسدت هذا التخطيط على ارض الواقع لتثبيت اليهود في ارض فلسطين .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.