بقلم: الهادي غيلوفي/ الفجرنيوز بمناسبة إعلان القدس عاصمة للثقافة العربية سنة 2009 من قبل منظمة اليونسكو ومنع الكيان الصهيوني انطلاق هذه الاحتفالية في مدينة القدس مما اضطر القائمين عليها لنقلها إلي مدينة بيت لحم نتساءل عن جدوى بقاء الكيان الصهيوني عضوا بهذه المنظمة التربوية والعلمية والثقافية التابعة للأمم المتحدة التي تأسست سنة 1945 من أجل الإسهام في السلم والأمن وذلك عبر ترويج التعاون الدولي في ميادين التربية والعلم والثقافة بهدف الإعلاء من احترام قيم العدالة وحقوق الإنسان والحريات الأساسية المنصوص عليها في وثيقة الأممالمتحدة ولذلك فأنه حين تستهدف المدارس التي تحمل علم الأممالمتحدة ويستهدف الأطفال ويجوع شعب بأكمله إلى تخوم الموت فإنه لا يكفي أن تحتج الأنروا واليونيسيف والأونسكو بل عليها جميعا أن تبادر إلى تحمل مسؤولياتها عمليا لأن تاريخ هذا الكيان معبد بالتدمير والتخريب الوحشيين والمنهجيين لحضارة الفلسطينيين وثقافتهم فقبل التطهير العرقي عامي 1947-1948 وأثناءه وبعده في الخمسينيات أدى هدم هذا الكيان لأكثر من 500 بلدة و13 مدينة إلى تدمير هائل للبنية الثقافية الفلسطينية بأكملها من حرف وكتب ومخطوطات قديمة وعمارة بما في ذلك بعض الكنائس ومئات المساجد والمقابر واستمر هذا الكيان عام 1967 في أعمال تدميرها الثقافي والحضاري فأبيدت 140 بلدة وقرية إضافية في الجولان السوري وفي المناطق الفلسطينية التي احتلها تلك السنة وأقدم هذا الكيان على هدم حيّ كامل في القدس القديمة " الحي المغربي" وخرق القانون الدولي خرقا وحشيا حين أجرى بيت عمليات تنقيب أثرية ضخمة في المناطق التي احتلها آنذاك ونتيجة لذلك طالب اكادميون من جنسيات مختلفة بطرد هذا الكيان من الأونسكو وفي نوفمبر 1974 قرّرت الأونسكوإنهاء مساعداتها للكيان الصهيوني واستبعاده من نشاطات الأونسكو وفرقها الإقليمية . ولكن بعد فترة وجيزة وبدعم أمريكي غربي وعبر الضغط على المنظمة الأممية عبر حجب المساعدات عنها ثم إعادة عضوية هذا الكيان كاملة غير أن هذا الكيان واصل عنفه الثقافي فعمد إلى سرقة المكتبات الفلسطينية وأرشيف الأفلام في بيروت أثناء اجتياح لبنان صيف 1982 وإلى تخريب مركز السكاكيني الثقافي في رام الله أثناء غزوة عام 2002 وإلى تخريب الآثار الفلسطينية إبان عمليات الحفر تحت المسجد لأقصى معرضا أسسه للخطر الشديد، وأثناء مجازر الإبادة الأخيرة التي تعرض لها قطاع غزة أباد هذا الكيان الغاصب الجامعة الوحيدة هناك وقصف العديد من مدارس الأممالمتحدة التي لجأ إليها أطفال ومدنيون وأباد 37 مسجدا في بضعة أيام والحال أن إبادة المساجد ليس مصادفة وإنما استمرار للتدمير المنهجي الذي كان قد طال مئات المساجد أثناء التطهير العرقي سنة 1948 وهو جزء من الإديولوجيا الصهيونية التي تستهدف الثقافة العربية الإسلامية بناء على ذلك فالأونسكو الملزمة بترويج للتعاون الدولي عبر التربية والعلوم والثقافة بهدف الإعلاء من شان الاحترام العالمي للعدالة وحقوق الإنسان والحريات الأساسية عليها أن تبادر إلى وقف عنف الكيان الصهيوني المنهجي ضد البشرية وضد ثقافتها، وأن تطرده من عضويتها . وفي المقابل على كل الأكاديميين والباحثين في جميع قارات العالم أن يقاطعوا هذا الكيان ثقافيا وخاصة جامعته التي هي أحد أهم منابع الفكر العنصري الصهيوني ولا سيما أن أغلب الجامعات الصهيونية تتضمن أقساما مكرسة للأبحاث الاستشرافية عن الشرق الأوسط بوصفها أدوات للسيطرة وهناك أقسام أخرى تطور الأسلحة بهدف الإبادة الجماعية للبشر ولا يخفي بعض الأكاديميين الصهاينة دعمهم بشكل مباشر لحروب هذا الكيان وإبادة الأطفال كما حدث في صيف 2006 في لبنان وفي غزة 2009 وفي نفس السياق لابد من أن نذكر بّأن هذا الكيان كان قد أقدم على اغتيال العديد من الكتاب الفلسطينيين ومنهم غسان كنفاني. كما أنه عمد إلى سرقة التراث الفلسطيني بعرضه بوصفه تراثا يهوديا قديما كما قام بمصادرة الطعام الفلسطيني العربي والملابس كالكوفية وذلك من أجل مصادرة التاريخ وتراث هذا الشعب وإظهاره وكأنه شعب لا يمتلك شيئا. ولكي نتمكن من إنجاح الدعوة للمقاطعة على المدى البعيد علينا أن نوظف التعاطف الدولي مع الفلسطينيين بعد العدوان الأخير حيث أقدمت العديد من الدول على مقاطعة هذا الكيان و أقدمت عدة نقابات عمالية نرويجية على الانضمام إلى حملة المقاطعة هناك كما أن موقفا بارزا اتخذه عدد من الكتاب والمثقفين النرويجيين الذين أعلنوا دعمهم للمقاطعة كما أن العضو البرلماني البريطاني المعروف جيالد كافمان وصف أعمال الكيان الصهيوني في غزة بأعمال نازية فهذا الموقف تبناه عدد كبير من المثقفين اليهود في بريطانيا وغيرها، أما في بلجيكا فقد أقدم عشرات الفنانين والمثقفين على نشر إعلانات في جريدة تتهم الكيان الصهيوني بارتكاب جرائم حرب وتتبني مطلب محاسبته بالمقاطعة وسحب الاستثمارات وقد وصلت الدعوة للمقاطعة إلى الولاياتالمتحدة حيث انتشرت حملة المقاطعة بشكل غير مسبوق من خلال مقاطعة البضائع الصهيونية والضغط على الحكومة لوقف الدعم العسكري لهذا الكيان ومعاملته كما تعامل المجتمع الدولي مع نظام الفصل العنصري السابق في جنوب إفريقيا من خلال العقوبات وسحب الاستثمارات ووصلت الحملة إلى إسبانيا حيث بدأت حملة جادة للمقاطعة الأكاديمية من مئات أساتذة الجامعات كما تبنت قطاعات كبيرة من حركات التضامن شعار المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض عقوبات على هذا الكيان القاتل للأطفال . أما تركيا فقد شهدت أكبر المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين في تاريخها الحديث إذ شارك الملايين في تلك المظاهرات التي لم تنقطع وقد انعكس ذلك مباشرة على تطور مواقف الحكومة والبرلمان. فشهدت تركيا استقالات بالجملة من لجنة الصداقة التركية – الصهيونية وتشهد تركيا الآن أكبر حملة لمقاطعة البضائع الصهيونية. هذا التعاطف الدولي والدعوات لمقاطعة هذا الكيان المجرم الذي حول قطاع غزة إلى أكبر معسكر اعتقال في العالم وجعل الوضع يزداد تفاقما بالنسبة إلى مليون ونصف فلسطيني إذا استمر منع وصول الماء والدواء والوقود . هذا وقد استفحل سوء تغذية الأطفال بسبب كيان عنصري لا يحترم أبسط مبادئ حقوق الإنسان. أمام كل هذه الجرائم البشعة والتعاطف الدولي مع الفلسطينيين هل يزال بعض الأكاديميين العرب بإمكانهم الحديث عن المشاركة في ندوات تاريخية أو جغرافية يشارك فيها صهاينة تحت أي مسمى؟ هل هناك أكاديميون عرب يمكنهم الجلوس في نفس قاعات المحاضرات مع من يدعم القتل بمواقفه أومن خلال أبحاثه؟ فالسكوت على الجريمة جريمة في حد ذاتها فليتضامن العرب مع إخوانهم الفلسطينيين من خلال فضخ جرائمه ضد التراث والهوية والآثار الفلسطينية عبر سياسة التهويد مدينة القدس فليساهم كل باحث ومثقف وأكاديمي عربي في فضح الأكاذيب الصهيونية ولتكن احتفالية القدس عاصمة للثقافة العربية لسنة 2009 مناسبة للجميع للمشاركة في دعم ثقافة التمسك بهوية هذه المدينة العربية هذه المدينة الإسلامية المسيحية التي يحاول الصهاينة محاصرتها وهي دعوة أيضا لتحريرها من المغتصبين الصهاينة الذين يعيثون فيها فسادا من خلال تغيير معالمها وتزوير عروبتها . فماذا يفيد عروسا في الأسر أن غنينا لها وندع الكيان الصهيوني يمعن في تهجير أهلها فقد حيث أكدت البلدية التي يسيطر عليها الصهاينة عزمها تهجير أكثر من 1500 مواطن مقدسي وهدم أكثر من 80 مسكنا في القدسالشرقية (حي سلوان) تحت أعذار زائفة بحجة عدم الترخيص الذي تمتنع الحكومة الصهيونية عن إعطائه لأي عربي لتجبرهم على مغادرة مدينتهم ليحقق هذا الكيان هدفه وهو تهويد القدس التي أحاطها بمئات المستوطنات التي ينوي ضمها للقدس لتصبح هذه المدينة مدينة يهودية بغالبية سكانها. الوطن التونسية