القاهرة- اعتبر جمال مبارك -نجل الرئيس المصري حسني مبارك والأمين العام المساعد للحزب الوطني الحاكم- أن التوزيع غير العادل للثروة في بلاده هو "أفضل من التوزيع العادل للبؤس"، مؤكدا في ذات الوقت أن ثمار الإصلاح الاقتصادي بمصر وصلت خلال الأعوام الماضية إلى شرائح دنيا لم تكن تستفيد منها من قبل. غير أن مبارك الابن أقر بأن نسبة البطالة ازدادت في الفترة الأخيرة، متوقعا أن تزداد في الفترة المقبلة نسبة البطالة كنتيجة لتداعيات الأزمة المالية العالمية التي أثرت على مستوى الاقتصاد في الداخل. وفي حديث لبرنامج "أسواق الشرق الأوسط" بقناة "سي إن إن" الأمريكية أذاعته الجمعة، قال جمال: "في السنوات الثلاث أو الأربع الأخيرة من الإصلاح، رأينا أن فوائد الإصلاح وصلت إلى شرائح دنيا لم تكن تستفيد من قبل.. صحيح أن الفائدة لم تعم الجميع، وأن هناك توزيعا غير عادل للثروة، لكن ذلك أفضل من وجود توزيع عادل للبؤس".
وتابع: "في التحديات الجديدة التي نواجهها، وكنتيجة للإصلاحات التي تم إقرارها في السابق، نجد أن هناك هامشا ماليا جديدا بين أيدينا، وهذا الهامش المالي سنوجهه إلى زيادة الإنفاق الحكومي والاستثمار بقطاع البنية التحتية بالخدمات التي تمس بشكل أساسي بالفقراء". وأضاف قائلا: "من وجهة نظري، ورغم أن هناك مؤشرات إيجابية فإن علينا التوقع بأن البطالة مثلاً ستزداد، وقد رأينا تزايد البطالة خلال الربعين الأخيرين في مصر، وأظن أن ذلك سيستمر خلال الفترة المقبلة، حتى وإن كان الاتجاه العام التراجعي قد انتهى". وكانت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية أجرت حوارا في أبريل الماضي مع جمال مبارك قالت فيه إنه كان له "دور رئيسي" في تحقيق معدل نمو للاقتصاد المصري بنسبة 7% في السنوات الثلاثة الماضية، بسبب خبرته في العمل بمصارف غربية في الخارج، ومنها "بنك أوف أمريكا". وعلى خلفية هذه الخبرة -حسب الصحيفة- وضع جمال (المتخرج من الجامعة الأمريكيةبالقاهرة) أسس نظام اقتصادي جديد لبلاده يقوم على النموذج الرأسمالي والسوق الحرة، وروج له باعتباره "الحل الوحيد" لجعل مصر دولة قادرة على منافسة بقية الدول في عصر العولمة؛ وهو ما حشد له تأييدا واسعا من طبقة رجال الأعمال والمستثمرين الذين أصبحوا جزءا من التشكيلات الحكومية الأخيرة، وتقول المعارضة إنهم باتوا يستحوذون على النسبة الأكبر من الثروة في البلاد. وكشفت استطلاع للرأي المصري -عرض خلال المؤتمر السنوي للمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية بالتعاون مع مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء في مصر خلال الشهر الجاري- عن أولويات الشعب المصري أن "الستر المالي" أولى عندهم من أن يتمتعوا بصحة جيدة. وقال غالبية المصريين المستطلع آراؤهم: إن أكثر ما يعنيهم هو تثبيت الأسعار التي ألهبت ميزانيتهم وشكاواهم من الفقر والمرض، وأنهم يفضلون صيغة: "أن أكون مستورا"، ثم "أتمتع بصحة جيدة"، والحصول على مياه نظيفة وبنية تحتية للصرف الصحي. حل الدولتين وعن توقعاته لزيارة الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، إلى مصر، واجتماعاته مع المسئولين الإسرائيليين والفلسطينيين لبحث عملية السلام قال جمال مبارك: "مبادئ السلام وقيام الدولتين معروفة للجميع، وما نحتاج إليه هو العودة إلى عملية جدية وذات مصداقية، تلتزم جميع الأطراف فيها بواجباتها". ولم يخف مبارك الابن -الذي أجرت "سي إن إن" معه هذا الحوار قبل فترة وجيزة من وفاة محمد ابن شقيقه علاء- قلقه حيال فشل حدوث تقدم على صعيد عملية السلام خلال الأشهر التسعة المقبلة. وفي ذات السياق انتقد جمال مبارك موقف رئيس الحكومة الإسرائيلية الجديدة بنيامين نتنياهو من عملية السلام قائلا: "إسرائيل سبق لها أن التزمت بحل الدولتين ووقعت على مبادرات تصب في هذا الإطار، لكنها الآن ترفض هذه الاتفاقيات". وأضاف: "إذا كنا سنصبح كل بضع سنوات رهائن تغيير الحكومات لدى أي من الطرفين، والتي تقرر تبديل مواقفها ورفض ما سبق الاتفاق عليه فلن نحرز أي تقدم". وختم جمال مبارك حديثه بالقول: "أرى أننا إن لم نمنح الفلسطينيين الأمل بعملية تساعدهم على تحقيق طموحاتهم، وطموحات الإسرائيليين بالعيش بأمان والحصول على تقبل الدول العربية والكثير من دول العالم التي ما تزال ترفضهم، فلن نكون أمام بداية مشجعة على الإطلاق".