باريس– "مسجد كبير" في مرسيليا جنوبفرنسا، وآخر أكبر في "ستراسبورج" في شمالها، وثالث في ضواحي العاصمة الفرنسية باريس، ورابع في مدينة بوردو في الجنوب الغربي.. أكثر أي من وقت مضى يتضاعف عدد مشاريع "الجوامع الكبيرة" في دلالة على التكاثر العددي لمسلمي فرنسا وعلى تقبل الفرنسيين للمسلمين كجزء من المجتمع الفرنسي. فعلى مساحة تقدر بستة آلاف متر مربع نصفها مخصص لقاعة الصلاة وضع منذ أيام قليلة (15 مايو) حجر الأساس لمشروع الجامع الكبير في مرسيليا, الجامع الذي من المنتظر أن تبدأ أعمال بنائه رسميا نهاية هذا العام سيكون جاهزا في بداية سنة 2011، غير أن التمويل يبقى بحسب "نور الدين شيخ" رئيس الجمعية المشرفة على بناء المسجد "المشكلة الرئيسية". ويضيف: "أن الجزائر ساهمت بجزء من ميزانية المشروع غير أننا ننتظر مساهمة من دول أخرى مغاربية وخليجية".
وإذا كان جامع مرسيليا الكبير بدأ رسميا خطواته الأولى بعد معركة قضائية كبيرة بسبب وقوف اليمين المتطرف ضد المشروع في السنوات الماضية، فإن افتتاح جامع "ستراسبورج" الكبير في شمال فرنسا على مساحة 10300 متر مربع قد بات وشيكا؛ حيث من المنتظر أن يفتتح المسجد رسميا في صيف 2010. ويقول "فؤاد دواي" المشرف الأول على مشروع بناء الجامع وعضو مجلس إدارته لشبكة إسلام أون لاين: "بعد انقطاع نسبي للأشغال (عمليات البناء) بسبب مشاكل تقنية مرتبطة بالاختلاف مع أحد الشركات، عادت الأشغال هذه الأيام للجامع الذي من المنتظر أن يحتضن حوالي 2000 مصلٍّّ وتتوسطه قبة ضخمة ترتفع على 20 مترا". ويوضح "دواي" أن "السلطات المحلية الرسمية مساهمة ماليا في المشروع ب26 بالمائة بحكم قانون منطقة الإلزاس- اللورين الفرنسية، وهو القانون الذي يراعي الحاجيات الدينية للسكان ويدعمها بعيدا عن قانون العلمانية الفرنسية المعروف بقانون 1905 والذي يبقى الدولة محايدة إزاء الشأن الديني". ويبين دواي أن ميزانية المشروع تقدر ب 8.5 ملايين يورو بقي من أجل الإيفاء بها, 3 ملايين يورو فقط، مضيفا: "ووجهنا من أجل الإيفاء بالمبلغ المتبقي رسائل إلى العديد الدول العربية من أجل الوصول إلى الحصول على الميزانية كاملة". ومن الخصائص المعمارية لمشروع " المسجد الكبير" بستراسبورج، كما يشير فؤاد دواي، أن "باحة المصلى كلها خالية من الأعمدة وهو بناء هندسي فريد من نوعه". وللتعريف أكثر بمشروع "الجامع الكبير بستراسبورج" قررت الجمعية المشرفة على المسجد جعل يوم 1 يونيو "يوما مفتوحا" لسكان المدينة من أجل التعرف على المشروع وعلى العادات والتقاليد الإسلامية. تطور طبيعي مشاريع المساجد الكبيرة التي اجتاحت فرنسا تبدو نتاجا طبيعيا لتزايد عدد المسلمين ولضيق عدد المصليات.. ففي مدينة "قريني" في الضواحي الجنوبية لباريس يقول عبد الحق الدوق رئيس جمعية مسلمي قريني: "إننا نمثل ما بين 40 و50 بالمائة من سكان المدينة، غير أن قاعتي الصلاة المتوفرة في المدينة لم تعد تفي بحاجة المدينة؛ لذلك بدأ التفكير في مشروع الجامع الكبير ابتداء من سنة 2002". ويقول عبد الحق الدوق في تصريحات ل"إسلام أون لاين": "وضعنا الإعلان الكبير على أرض المسجد السبت الماضي وسنضع حجر الأساس في رمضان المقبل للمسجد الذي سيمتد على مساحة 2400 متر مربع، ويتسع لحوالي 1800 مصلٍّ، وسيكون مصلى ومركزا ثقافيا كما سيحتوي على فضاء تجاري لوجوده في وسط المدينة". جامع قريني الكبير من المنتظر أن يفتتح أبوابه في العام 2012، "إذا توفرت التمويلات الكافية" بحسب عبد الحق الدوق. وفضلا عن مشكل التمويلات المالية يصطدم بناء المساجد بفرنسا بمشكل آخر يتعلق بمعارضة اليمين المتطرف لبناء "المساجد الكبرى" مثلما يجري في الوقت الحالي في مدينة بوردو في الجنوب الغربي لفرنسا؛ حيث تقوم الجبهة الوطنية المتطرفة بحملة ضد مشروع "الجامع الكبير" إثر منح رئيس بلدية المدينة ورئيس الوزراء السابق "آلان جيبيه" قطعة أرض لمسلمي المدينة من أجل بناء هذا المشروع. ويبلغ عدد المساجد بفرنسا حوالي 2000 مسجد ومصلى، جلها صغير الحجم ويقع في "الجراجات" أو الأقبية التي وقع تحويلها إلى مصليات، فيما تتراوح التقديرات حول أعداد مسلمي فرنسا بستة ملايين نسمة من إجمالي 65 مليون نسمة، وتتركز أكبر كثافة سكانية للمسلمين في الغرب الفرنسي. هادي يحمد
