المغرب:وصلت المواجهة بين عباس الفاسي رئيس الحكومة المغربية وفؤاد عالي الهمة الوزير السابق في الداخلية وصديق الملك محمد السادس الى التنابز بالالقاب حيث وصف الفاسي مواقف 'غريمه' الهمة ب'لعب دراري' (لعب اطفال) فيما رد الهمة على الفاسي بوصفه 'الشيخ العجوز'.وتتصاعد المواجهة بين الغريمين بعد اتصال الملك محمد السادس برئيس حكومته عباس الفاسي زعيم حزب الاستقلال وتجديد ثقته به وبالحكومة التي يقودها منذ خريف 2007 وهو ما اعتبره الفاسي انتصارا له من الملك ضد الهمة وقرار حزبه الاصالة والمعاصرة الانسحاب من الاغلبية البرلمانية والذهاب نحو المعارضة وهو ما افقد الحكومة غطاءها البرلماني. ويحتل حزب الاصالة والمعاصرة 46 مقعدا في مجلس النواب (عدد مقاعده 325 مقعدا) فيما تحتل احزاب الاغلبية الاربعة المشاركة بالحكومة (حزب الاستقلال والتجمع الوطني للاحرار والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وحزب التقدم والاشتراكية) ما يقارب 150 مقعدا اي اقل من نصف المجلس وهي الاغلبية التي تحتاجها الحكومة وكان حزب الاصالة يكملها. وانسحاب حزب الهمة من الاغلبية البرلمانية لا يفقدها قانونيا الشرعية الا في حال تقديم ملتمس رقابة (مشروع سحب الثقة ويحتاج الى ربع اعضاء المجلس) والتصويت عليه ويحتاج الى نصف اعضاء المجلس وهو ما لا يمكن حدوثه في المشهد السياسي المغربي ان كان لصعوبة جمع اطياف المعارضة البرلمانية على موقف مثل هذا ان لم يكن استحالته او لكون الحكومة في المغرب هي حكومة الملك وبالتالي التقدم بملتمس رقابة (حتى في حالة سيناريو الايحاء بالديمقراطية) سيعني سحب الثقة من حكومة الملك وهو ما لا يحتمل في هذا المشهد ولا يقدم عليه صديق الملك واحد اركان السلطة رغم خروجه من وزارة الداخلية ولا يتولى اي منصب رسمي. وانسحاب الهمة وحزبه، (تأسس في آب/اغسطس 2008) الى المعارضة كان، حسب ما هو معلن، على خلفية عراقيل تضعها وزارة الداخلية امام مرشحيه للانتخابات البلدية المقررة يوم الجمعة القادم والحصار الذي تفرضه احزاب الاغلبية على الحزب الوليد، لكنه لم يعلن خطوته القادمة ولم يسحب وزيره في الحكومة (احمد خشيشن وزير التربية الوطنية والتعليم العالي) وحسب محمد الشيخ بيد الله الامين العام للحزب فإن الملك هو من يعين الوزراء ويقيلهم. وحتى الان لا احد يملك تصورا الى المدى الذي سيذهب اليه فؤاد الهمة في معارضته للحكومة ومواجهته مع الفاسي، وفي الوقت نفسه طبيعة العلاقة بين الملك محمد السادس وفؤاد الهمة صديق طفولته ودينامو مملكته من 1999 الى 2007، لان لا احد حتى الان، باستثناء الملك والهمة، يملك اجابة سؤال اسباب اعفاء الهمة من مهامه الرسمية كوزير في الداخلية والتحاقه بالحياة السياسية كمرشح برلماني تفوز لائحته بكل مقاعد دائرته الانتخابية (3 مقاعد) وتشكيل فريق برلماني من 36 نائبا يتبعه تأسيس جمعية لكل الديمقراطيين دون ان تحدد موقعها كجمعية تفكير او جمعية سياسية ثم تأسيس حزب الاصالة والمعاصرة. والاجابة على اسباب الاعفاء تحدد مسار تفسير وفهم كل خطوات الهمة اللاحقة. والاجابات متباينة حتى الان رغم وقوع الاعفاء قبل عامين، بعضها يذهب الى سيناريو لرغبة ملكية في خلخلة المشهد السياسي واضعاف الاحزاب السياسية التقليدية ودفعه نحو الحداثة بقيادة صديقه وبعضها الاخر يذهب باتجاه ان محمد السادس، دون التخلي عن صديقه وقربه منه، لا يريد مملكة تقوم على رجل قوي واحد وتكرار تجربة والده مع الجنرال محمد اوفقير (قاد محاولتي انقلاب ضد الملك الحسن الثاني) او الجنرال احمد الدليمي الذي غاب عن الحياة لاسباب وظروف غامضة او ادريس البصري الذي كان الرجل القوي في اخر ايام مملكة الحسن الثاني. محمود معروف القدس العربي