يشدّد المختصون في الدفاع عن حقوق الإنسان على المنحى الخطير الذي عرفته ظاهرة الاكتظاظ داخل المؤسسات العقابية مؤخرا، حيث أكدوا بأن المعاينات الميدانية كشفت بأن ''السجون الجزائرية تستقبل في الوقت الراهن زهاء 30 ألف سجين فوق طاقة استيعابها القصوى''.استنكر الأستاذ فاروق قسنطيني، رئيس اللجنة الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان، في اتصال مع ''الخبر''، الوضع المزري الذي تعيشه المؤسسات العقابية بفعل الاكتظاظ الحاصل، حيث أفاد بأن ''إجمالي عدد المساجين في الجزائر يصل، حسب الأرقام الرسمية، إلى حدود 55 ألف سجين. في حين أن قدرة الاستيعاب الحقيقية التي تتوافق مع شروط الحبس المعمول بها دوليا لا تتجاوز 25 ألف سجين، ما يعني بأن حجم التشبع داخل الزنزانات وصل إلى حدود 30 ألف سجين، وهذا أمر خطير يتنافى مع الظروف الإنسانية المفترضة''. ورغم اعترافه بالإرادة المتوفرة لدى السلطات العمومية لتحسين هذا الوضع، من خلال تسجيل مشاريع إنجاز 50 مؤسسة عقابية عبر الوطن، إلا أنه أعاب عليها تأخرها الكبير في تجسيد هذه المشاريع على أرض الواقع ''بالرغم من الاستعجالية التي يفرضها وضع سجوننا الراهن، حيث أن هناك زنزانات يحتشد فيها عشرات المساجين في ظروف تتعارض مع الكرامة والإنسانية المكفولة لكل شخص، ما أدى إلى انعكاسات سلبية غاية في الخطورة على غرار تفشي الشذوذ الجنسي وتعدي السلوك العدواني والإجرامي لبعض المساجين''، مضيفا بأن ''الدولة مطالبة باتخاذ كل التدابير اللازمة للإسراع في إنهاء هذه المشاريع وتخطي كل العقبات التي تعترضها، باعتبار أن هذا الأمر هو الحل الوحيد للقضاء على ظاهرة الاكتظاظ التي تعيشها سجوننا''. من جهته، حذر الأستاذ مصطفى بوشاشي، رئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، من آثار الاكتظاظ داخل السجون، بالنظر إلى الانعكاسات النفسية والعضوية التي أصبحت تعود على السواد الأعظم من المساجين نتيجة الظروف المزرية التي يؤدون فيها العقوبات المسلطة عليهم، حيث لا يعقل، على حد تعبيره، أن ''نجد تسعين مسجونا في قاعة تتسع ل30 سجينا فقط''، مضيفا بالقول ''بلغنا مؤخرا بأن بعض المؤسسات العقابية ينام فيها المساجين عن طريق التناوب بفعل ضيق المكان، وهو ما يحوّل عملية تنفيذ العقوبة إلى نوع من أنواع التعذيب''. ويعزو ذات المتحدث أسباب هذا الوضع إلى مغالاة القضاة في إصدار أوامر بالحبس المؤقت في قضايا لا تستوجب مثل هذا الإجراء الخطير، وذلك بالرغم من وجود قرينة البراءة المكفولة قانونا وبعض الضمانات القانونية التي تُغني عن اللجوء إلى هذا الإجراء، مضيفا بأن ''تبعات هذه الأوامر التي يصدرها قضاة التحقيق أصبحت تنتج مشاكل كبيرة تمس بحقوق وكرامة المساجين''. أما فيما يتعلق بالوجبات الغذائية التي تقدم للمساجين، فعلق على نوعيتها رئيس الرابطة قائلا: ''لو يعتمد المساجين على ما يقدم لهم من وجبات داخل المؤسسات العقابية لربما أصيبوا بالمجاعة، ولحسن الحظ أن عائلاتهم تقوم بإمدادهم بوجبات محترمة كل أسبوع''.