باريس / حوار الطاهر العبيدي / جريدة مواطنون سعيا منا في استيضاح الرؤى، وإفادة القارئ حول ملامح المنظمة الدولية للمهجرين التونسيين المولود الجديد في المهجر، لمعرفة تضاريس هذا الإطار الذي يسعى إلى طي ملف بقي منذ سنوات طي الأنين الصامت، اخترنا أن نجري هذا الحوار المباشر مع الدكتور سليم بن حميدان، أحد أعضاء المكتب التنفيذي لهذه المنظمة المنبثق عن المؤتمر التأسيسي بجينيف أيام 21 و22 يونيو 2009.
لماذا إنشاء هذه المنظمة، وما هي الأدوار المرسومة لها مستقبلا، ثم أليس اختيار توقيت تأسيها هو نوعا من التشويش على الانتخابات الرئاسية أكثر منه جدوى وفاعلية؟ تم إنشاء هذه المنظمة بغية وضع حد لمحنة التهجير التي طالت أعدادا كبيرة من التونسيين، الذين اضطروا لمغادرة البلاد تجنبا للملاحقات الأمنية والمحاكمات السياسية والمضايقات الإدارية، وهي تهدف إلى تحقيق مطلبهم الإنساني وممارسة حقهم الطبيعي في عودة آمنة وكريمة، فتونس تتسع لكل أبنائها مهما اختلفت أفكارهم. من هذا المنطلق، لا يمكن ربط توقيت تأسيس هذه المنظمة بالانتخابات الرئاسية القادمة، ولا بأي أجندة أخرى، فالهدف الإنساني والوطني للمنظمة لا يرتبط بأي انتخابات يفترض أن تكون مجرد آلية للتداول على الحكم. هناك من عادوا إلى تونس، رغم أن لهم أحكاما ثقيلة، وقد سوّيت وضعياتهم بطريقة قانونية دون أن يتعرضوا للسجن أو المضايقة، بل كانوا محل ترحاب حسب ما صرّحوا به في العلن؟
قد يكون ذلك صحيحا إلى حد ما، وفي المقابل بقيت "تسوية الوضعيات" بيد الأجهزة الأمنية والقضائية. مما لا يبعث على أيّ ارتياح ولا يوفر ضمانات. ألا تعتبرون أن سبب تأخر حل ملف المهجرين، هو أن هذه القضية ظلت حبيسة جهات سياسية، ممّا جعل السلطة تتعامل معها بطريقة فردية، لقطع الطريق أمام أي انتصار سياسي لجهة ما؟ حل هذا الملف لا ينبغي أن ينظر إليه بحساب الهزيمة والانتصار، لأنه انتصار لنا جميعا نحن التونسيين على خلافاتنا وأحقادنا، ولن يحسب إلا في رصيد الوطنية الصادقة والحكم الرشيد والمستقبل المشرق.
وزير العدل التونسي في تصريح لموقع السياسة يقول: من صدرت بحقهم أحكام فإنّهم إمّا وقد انقضت العقوبة بمرور الزمن، أو أنّ عقوبتهم لم تنقض بعد، وهو ما يستلزم إجراءات قضائيّة في الاعتراض.. معنى هذا أن الأبواب مفتوحة أمام الجميع في عودة آمنة وكريمة يؤمّنها القانون، وتعقدّها المنظمة الوليدة، كما يرى البعض أنها أنشأت من أجل تحقيق " ضجيج إعلامي " واستجلاب التعاطف ؟ - كلام وزير العدل السيد بشير التكاري يدفع نحو التفاؤل، لأنه يعبر عن استعداد مبدئي لدى النظام التونسي للنظر في ملف "المهجرين" بعد طول نسيان. كما أن لهجته تبدو إيجابية، أما العرض المقترح للحل فإنه من وجهة نظرنا لا يختلف عن العروض المعهودة، ولسنا نرى في ولادة منظمتنا أي تعقيد للملف، بل على العكس يمكن وضعها في سياق التفاعل الإيجابي مع كلام السيد الوزير إثر طرحه للقضية. غير أن منظمتنا جاءت لتحسين مقترح الحل وذلك بتحويله من دائرة المعالجة الأمنية والقضائية إلى الحل السياسي الشامل المنبثق من إرادة سياسية صادقة وشجاعة، وستتفاعل منظمتنا مع كل مسعى إيجابي يهدف إلى إنهاء محنة التهجير. هناك من يرى ألاّ فرق بين التسويات الفردية التي تنتهجها السلطة في حل هذا الملف، وبين ما تنادون به أنتم في المنظمة، كما آخرون يرون أن هناك إقبال من طرف المهجّرين لتسوية أوضاعهم فرادى، ما يجعل البساط مسحوبا مسبقا من المنظمة، بل وربما سيبقى أعضائها وحدهم الرافضين لهذا التمشي؟ يا سيدي نحن لا نبحث عن موقع تحت الشمس، كما لا نرغب في تأبيد الآلام المهجرين، بل نسعى إلى المساهمة في إيجاد حل لأزمة طالت ولا نلزم أحدا في اختياراته، ولن نكون فرادى طالما قضيتننا نبيلة، ومطلبنا حق مشروع. ماذا بعد هذا المؤتمر، وكيف تتصورون مستقبل العلاقة بينكم وبين السلطة لفض هذا الاشتباك؟ المؤتمر هو محطة لتوحيد الجهود، وانطلاق لمسيرة نحو الوطن، ونعتقد أنه من مصلحة الجميع تحييد قضية المهجرين من دوائر الاشتباك ومحاور الصراع والاستثمار السياسي. إذا لم تستجب السلطة لمطالبكم فكيف ستواجهون هذا الرفض، وأي الأوراق لديكم لتليين المواقف؟ سنظل متمسكين بالدفاع عن قضيتنا، منتهجين الطرق المدنية، مستنفرين الضمائر الوطنية والإنسانية، حتى استرداد حقنا في العودة الكريمة. ما هي بنظركم ضمانات العودة الآمنة والكريمة ؟ ترتيط الضمانات في رأينا بإرادة السلطة في طي هذا الملف الذي يؤرق الجميع، عبر بادرة رسمية وصريحة، تتفاعل ايجابيا مع مطلب المهجرين وتضع حدا نهائيا لمحنهم؟ * جريدة مواطنون بتاريخ / 1 / 7 / 2009