تحت عنوان «ذكرى تأبين المسيري الاولى» اقامت نقابة الصحافيين المصرية اخيرا حفل تأبين المفكر الراحل عبدالوهاب المسيري التي حضرها نخبة من المثقفين وممثلي القوى الوطنية وتلاميذ ومحبي الراحل بدأ الحفل بكلمة سياسية تحمل طابعا معارضا للنظام المصري الذي كان يعارضه الراحل، فتحدث المهندس يحيى حسين المنسق العام لحركة «لا لبيع مصر» قائلا ان المسيري واحد من مئات النماذج المشرفة التي تدحض مقولة: «إنه لا يوجد أحد في مصر يصلح للرئاسة سوى جمال ابن الرئيس مبارك»، معتبرا أن تلميذا واحدا من تلامذة المسيري يزن كل أعضاء لجنة السياسات وليس فقط أمينها العام. ثم تحدث المفكر السياسي د.سيف عبدالفتاح عن الجانب الفكري في مسيرة الراحل وعن علمه وحياته قائلا: «أتذكره مع أبي حامد الغزالي في رحلته من الشك إلى اليقين، وأتذكره مع الجاحظ في ملاحظاته ونكاته، وأبي حيان التوحيدي في مقابساته، وأتذكره مع الراغب الأصفهاني وهو يتحدث عن الإنسان الحق، الإنسان المستخلف حامل الأمانة». اعتبر عبدالفتاح أستاذ السياسة بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية – جامعة القاهرة أن هناك نسبا حضاريا يجمع بين ابن خلدون والمسيري في اكتشافهما لعِظَم الإنسانية؛ فابن خلدون أكد أن الظلم مُؤذن لخراب العمران، بينما أضاف المسيري بعدها أن الظلم مؤذن بخراب الإنسانية، كما أشار لفكر المسيري في الإسلام فهو صاحب مصطلح «الإسلام الإنساني»؛ إذ كان يرى عِظَم الإسلام في تقديره للإنسانية التي تتسامى فوق اختلافات العرقيات والدين واللون مستلهما في ذلك مقولة علي بن أبي طالب: «الناس صنفان: أخ لك في الدنيا، ونظير لك في الخلق الإنسانية». وفاجأ عصام سلطان، نائب رئيس حزب الوسط، الحضور عندما أكد أن المسيري رفض أن يكون وكيل المؤسسين بحزب الوسط مكتفيا بأن يكون أحد أعضائه ومدافعا عنه دون أي مناصب، مشيرا إلى أن برنامج الحزب منبثق من أفكاره وذكر سلطان في كلمته رد المسيري عليه عندما عرض عليه أن يكون وكيلا لمؤسسي الحزب، والذي كان بالرفض؛ حيث قال رحمة الله عليه: «هذا مشروعكم، سيروا وأنا معكم». وبالفعل كما يقول سلطان لم تمنع أشغال المسيري العلمية الكثيرة، وقيادته لحركة كفاية، وإشرافه على تلامذته أن يحضر بشكل منتظم اجتماعات حزب الوسط مشاركا عاديا، ومستمعا جيدا، لم يُشعِر من حوله يوما ما بهذه الهُوة الضخمة بينه وبين الأعضاء العاديين؛ كونه من أبرز المفكرين المصريين. ثم تحدث الدكتور عبدالحليم قنديل، المنسق العام لحركة «كفاية»، والذي قال عن المسيري: إنه لم يترك بابا من أبواب الجهاد إلا وطرقه؛ فشارك الأمة نضالها مع المحتل الصهيوني بإخراجه موسوعته العلمية الشهيرة «اليهود واليهودية والصهيونية»، وشارك وقد جاوز السبعين من عمره في النضال السلمي للحركة المصرية، ولم يتوان يوما عن دعمها حتى في أحلك لحظات مرضه. وأكد قنديل أن المسيري هو من القلائل الذين أشاروا إلى مبدأ «التحيز» الذي تؤمن به الحضارة الغربية بجميع أشكالها وتلوناتها ضد كل ما هو ليس بغربي؛ حيث تستأصله من بينها، وتلقيه خارجها، مشيرا إلى حادثة «مروة الشربيني» الدكتورة المصرية التي قتلت بسبب حجابها في محكمة ألمانية. وأضاف قنديل: «نتذكر المسيري في كلامه عن الإنسانية، حينما نرى نظاما دهس الإنسانية، وأذاقها الأمرين في السجون والمعتقلات، وسحل المتظاهرين والمعتصمين، وقتل العشرات بمراكز الشرطة، وأغرق 1200 مصري بعباراته الخربة، وقتل عشرات المثقفين حرقا، ونهب أموال وأراضي شعبه، في الوقت الذي لا يجد فيه هذا الشعب لقمة عيش خالية من مبيدات ملوثة، أو تقاو مسرطنة». وعن الجانب الأكاديمي في المسيري، وصفت د.جيهان فاروق، إحدى تلميداته، علاقته بأنه كان الأب غير البيولوجي، وقالت إنها كانت الطالبة الوحيدة التي أشرف على رسالتها بعد إصرارها المستمر رغم انشغاله بإعداد الموسوعة الخاصة به، حتى تكون هديته لمصر، مشيرة إلى أنه كان مثل الفلاسفة اليونان يؤمن بأن التعليم الحقيقي ينبع من تجارب الحياة والتعامل مع الطبيعة، فيما دعا د.سيفعبد الفتاح الراغبين للسير على خطى المسيري أن يتبعوا درب إنسانيته التي قامت على مبدأ «إنسانية الاسلام وإسلام الإنسانية». وفي لافتة أخرى أهدت القاصة نهى الزيني، بورتريها للمسيري مرسوما على ورق البردى لهدى حجازي، زوجة المسيري، وأكدت الزيني ان تلك اللوحة تعود لفنان اسمه أحمد عبدالسلام كان لدية أمل عام 2007 بإقامة معرض بإحدى النقابات لكن تعليمات الأمن منعت المعرض وهو ما أصاب الشاب بالإحباط لأنه كان يتمنى أن يعرض صورا لشرفاء مصر. الرؤية القطرية