كرشيد يكشف: أواجه 10 قضايا من بينها محاولة القتل    المهدية: محامو الجهة ينفّذون وقفة احتجاجيّة وإضرابا حضوريا بيومين للمطالبة بإحداث محكمة استئناف بالجهة    يهم الترجي الرياضي: صحيفة إنقليزية تكشف عن قيمة منح الفيفا للفرق المشاركة في كأس العالم للأندية 2025    طلاق بالتراضي بين النادي الصفاقسي واللاعب الايفواري ستيفان قانالي    السجن مدى الحياة لشخصين..فصلا رأس زميلهما عن جسده..    الناشرون يدعون إلى التمديد في فترة معرض الكتاب    هذه الشركة العالمية للأغذية مُتّهمة بتدمير صحة الأطفال في افريقيا وآسيا.. احذروا!    جربة: إحتراق ''حافلة'' تابعة لجمعية لينا بن مهنّى    وزارة المرأة تنظم ندوة علميّة حول دور الكتاب في فك العزلة عن المسن    جندوبة: السيطرة على إصابات بمرض الجرب في صفوف تلاميذ    إخماد حريق بشاحنة ثقيلة محملة ب7،6 طن من مواد التنظيف..    فرنسا: غرق 5 مهاجرين...التفاصيل    جرايات في حدود 950 مليون دينار تُصرف شهريا.. مدير الضمان الإجتماعي يوضح    صور : وزير الدفاع الايطالي يصل إلى تونس    اقتطاعات بالجملة من جرايات المتقاعدين...ما القصة؟    يهم التونسيين : غدًا طقس شتوي 100% و هذه التفاصيل    تفكيك وفاق إجرامي من أجل ترويج المخدرات وحجز 08 صفائح و05 قطع من مخدر القنب الهندي..    جندوبة: الإحتفاظ بمروج مخدرات بمحيط إحدى المؤسسات التربوية    المرصد التونسي للمناخ يكشف تفاصيل التقلّبات الجوّية    بنزرت: تنفيذ 3 قرارات هدم وإزالة واسترجاع لاملاك عامة بمعتمدية جرزونة    ر م ع الشركة الحديدية السريعة يكشف موعد إنطلاق استغلال الخطّ برشلونة-القبّاعة    تونس : 94 سائحًا أمريكيًّا وبريطانيًّا يصلون الى ميناء سوسة اليوم    مصر: غرق حفيد داعية إسلامي مشهور في نهر النيل    وزير الدفاع الايطالي في تونس    نابل: الاحتفاظ بعنصر تكفيري مفتش عنه    زلزال بقوة 6.2 درجات يضرب هذه المنطقة..    عمال بشركة منتصبة بصحراء تطاوين يحتجون ويطالبون بإلغاء المناولة    أبرز اهتمامات الصحف التونسية ليوم الثلاثاء 23 أفريل 2024    بطولة إفريقيا للأندية للكرة الطائرة: مولودية بوسالم يواجه الأهلي المصري من الحفاظ أجل اللقب    محمد الكوكي: هدفنا هو التأهل للمشاركة إفريقيا مع نهاية الموسم الحالي (فيديو)    فظيع/ جريمة قتل تلميذ على يد زميله: تفاصيل ومعطيات صادمة..    وزارة الخارجية تنظم رحلة ترويجية لمنطقة الشمال الغربي لفائدة رؤساء بعثات دبلوماسية بتونس..    لأول مرة: التكنولوجيا التونسية تفتتح جناحا بمعرض "هانوفر" الدولي بألمانيا    بطولة ايطاليا : بولونيا يفوز على روما 3-1    الإطاحة ب 9 مروجين إثر مداهمات في سوسة    عاجل : وفيات في سقوط طائرتي هليكوبتر للبحرية الماليزية    مدنين: حجز 4700 حبة دواء مخدر وسط الكثبان الرملية    جمعية منتجي بيض الاستهلاك تحذّر من بيض مهرّب قد يحمل انفلونزا الطيور    حادثة سقوط السور في القيروان: هذا ما قرره القضاء في حق المقاول والمهندس    الجزائر.. القضاء على إره.ابي واسترجاع سلاح من نوع "كلاشنكوف"    بعد الجرائم المتكررة في حقه ...إذا سقطت هيبة المعلم، سقطت هيبة التعليم !    مذكّرات سياسي في «الشروق» (1)...وزير الخارجية الأسبق الحبيب بن يحيى... يتكلّم .. الخارجية التونسية... لا شرقية ولا غربية    استلام مشروع تركيز شبكة السوائل الطبية لوحدة العناية المركزة بقسم الأمراض الصدرية بالمستشفى الجامعي الهادي شاكر    تونس: وفاة 4 أطفال بسبب عدم توفّر الحليب الخاص بهم    بن عروس: توجيه 6 تنابيه لمخابز بسبب اخلالات تتعلق بشروط حفظ الصحة    باجة: انطلاق الاستعدادات لموسم الحصاد وسط توقعات بإنتاج متوسط نتيجة تضرّر 35 بالمائة من مساحات الحبوب بالجهة    بعد ترشّحها لانتخابات جامعة كرة القدم: انهاء مهام رئيسة الرابطة النسائية لكرة اليد    تقرير: شروط المؤسسات المالية الدولية تقوض أنظمة الأمان الاجتماعي    الكاف: تقدم مشروع بناء سد ملاق العلوي بنسبة 84 بالمائة    تكريم هند صبري في مهرجان أسوان الدولي لسينما المرأة    صادم: كلغ لحم "العلوش" يصل الى 58 دينارا..!!    بطولة الرابطة المحترفة الاولى (مرحلة التتويج): برنامج مباريات الجولة الخامسة    وزارة الدفاع الوطني تعرض أحدث إصداراتها في مجال التراث العسكري بمعرض تونس الدولي للكتاب    وزارة الخارجية تنظم رحلة ترويجية لمنطقة الشمال الغربي لفائدة رؤساء بعثات دبلوماسية بتونس    هاليب تنسحب من بطولة مدريد المفتوحة للتنس    لأقصى استفادة.. أفضل وقت لتناول الفيتامينات خلال اليوم    خالد الرجبي مؤسس tunisie booking في ذمة الله    ضروري ان نكسر حلقة العنف والكره…الفة يوسف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإدريسي: الوسطية جديدة على الفكر أصيلة في الدين (1)
نشر في الفجر نيوز يوم 23 - 07 - 2009


حاوره: مصطفى عاشور - عبد الله الطحاوي
هل المتشدد وسطي؟ وهل الوسطية قابلة للانضباط النظري؟ وهل قابلة للمأسسة؟ ما بين منتدى عمان للوسطية والمركز العالمي لذات المفهوم في الكويت لا تزال التساؤلات مشرعة عن الوسطية.. أسئلة تنزل وفتوى لا حكم واجتهاد.. يعترف المفكر المغربي "أبو وزيد المقرئ الإدريسي" أن الوسطية ليست جديدة على الدين الإسلامي، ولكنها جديدة على الفكر الإسلامي.. وهو ما جعلها تواجه مخاضا وامتحانا تنظيريا.. فهل هي منهج.. اتجاه.. موقف؟ كان ل "مدارك" هذا الحوار مع الإدريسي الذي فرع وأصل للمفهوم داخل الشبكة القيمية الإسلامية محاولا الإجابات عن هذه التساؤلات.
وإلى نص الحوار:
الوسطية والقرضاوية
* للوسطية تعريفات شتى وغالبها يضعها بين حدود تتحرك خلالها.. أو يصدرها بحسبانها رقة الطبع ولين الكلام.. وهذا يدعونا لنسألك عن رؤيتك للوسطية.. وهل لديك مفهوم يستوعب تمددها غير المتناهي؟
أريد أن أقول في البداية إن تيار الوسطية قد فرض نفسه في الساحة الإسلامية كخيار وحيد بالحجة والإقناع، وبالنتيجة العملية والمآلات العملية لخيارات أخرى غير الوسطية، والحمد لله أن كتب للوسطية رجل بحجم الشيخ يوسف القرضاوي حتى يكون رائدها ومرسخها والمنظر الأكبر لها.
ولم تكن الوسطية والدعوة لها تلقى تجاوبا عند الشباب المتحمس؛ لأنها مقرونة بما أشرت إليه أنت من اللين، المفضي إلى الضعف، إلى أن تَبين أن رواد الوسطية، هم رواد المقاومة والصمود.
فيوسف القرضاوي هو أكبر مدعم معنويا وفكريا للمقاومة في أفغانستان والعراق وفلسطين، مدعما لها أيضا بالفتاوى وبالمؤسسات وبجمع التبرعات، وهو نفسه هو رائد الوسطية التي تتصدى لكل أشكال التطرف والتنطع والتشدد.
ويتبين عمليا أن الوسطية ليست خيارًا إسلاميًّا أمريكيًّا كما سماه سيد قطب، أو هو إسلام يريد أن ينزع روحه وهو الجهاد، هذا الخيار الذي من أجله أنشأ ديانات ومولها، كالقاديانية والبهائية في القرن التاسع عشر والعشرين، وما زال يدعمها، هذا الخيار الذي توجه له أمريكا المليارات الآن، وأنا مسئول عما أقول، وليس الملايين، من أجل تكريس ما سمي بفرقان الحق، طباعة ونشرا وتفسيرا وتوزيعا، ليكون بديلا للقرآن، لمجرد أنه استُل منه مفهوم الجهاد، وأيضا مفهوم النكير على الصليبيين لما أحدثوه في الدين من شرك ووثنية، فتبين إذن أنه لا علاقة للوسطية بهذا التوجه الاستسلامي، الذي هو توجه من صناعة بريطانية وأمريكية وأهداف صهيونية.
* ولكن ما هي الوسطية؟
حدد الشيخ القرضاوي الوسطية في عشرين نقطة، يمكن أن نجمعها في نقطة واحدة، "الوسطية هي الاعتدال بين طرفين مذمومين، وليست مطلق الاعتدال بين طرفين متباعدين".
فلو كان الأمر هندسيا، نقطة في خط مستقيم بين نقطتين متقاربتي المسافة، كل منهما إلى اليمين أو الشمال بنفس المسافة، لكان من قتل عشرين نفسا وسطا بين من لم يقتل وبين من قتل أربعين، وكان من سرق ألفا وسطا بين الأمين الذي لم يسرق، وهذا خطأ.
إذن.. فالوسطية ليست وسطية هندسية ميكانيكية، ولكنها وسط بين طرفين مذمومين.. كالكرم فهو وسط بين البخل والتبذير، والشجاعة فهي وسط بين الجبن والتهور، وكغيرها من الأطراف المذمومة، التي وسطها هي الأحسن والأجدى.
وهناك معنى آخر للوسطية في اللغة، وهو الجودة، فوسط الشيء هو أعلاه وأجوده، وهي معانٍ متكررة في المعاجم العربية؛ لأن الشجاعة هي أجود الاختيارات بين الجبن والتهور، كما أن الكرم أجود الاختيارات بين البخل والتبذير، كما أن الإيمان أوسط الاختيارات بين الخرافة وبين الإلحاد.
وبهذا لا تكون الوسطية قرينا دائما للين، فقد يكون اختيار القوة في بعض المواقف والمواضع أجود من اختيار المسالمة والمهادنة، فإذا كانت المهادنة قرينة الاستسلام، فلا تكون وسطا، وإنما تكون خيانة ونذالة وسقوطا واستسلاما.
الوسطية والقيم
* وأين مكان الوسطية دخل خريطة القيم الإسلامية؟
والوسطية بعد هذا التوضيح التصوري واللغوي العام هي بالأساس منهج الدعوة الإسلامية؛ لأن الله عز وجل جعل الأمة وسطا، بين من غالوا في الدنيا كاليهود، ومن غالوا في الآخرة كالنصارى، بين من أفرطوا في الإيمان لدرجة الخرافة كالنصارى، وبين من فرطوا في الدين إلى درجة الإلحاد الدنيوي كاليهود.
الوسطية أيضًا وسط في الأرض، فالأرض الإسلامية وسط بين كل الأراضي والأقاليم والقارات، وسط في الاختيارات فهي تجمع بين خيري الدنيا والآخرة، تجمع بين الجهاد والسلام، فالإسلام دين السلام، ودين الجهاد، وليس هناك تناقض، فالإسلام ليس دين إبادة وعنف، وليس دين استسلام وسلبية وانتحار.
الوسطية في التصورات وفي العقائد، وفي التصور الكوزمولوجي الكوني الوجودي، حيث الألوهية لا تلغي الإنسانية، وحيث يستطيع الإنسان أن يجد موقعه الكريم والمكرم في ظل الألوهية؛ لأنه يجمع بين كونه عبدا لله، وسيدا للكون وفقا لمبدأ التسخير.
الوسطية في الأخلاق، فلا مثالية تجعل الإنسان ضحية للخديعة، ولا مادية تجعل الإنسان نهابا مكارا سارقا أثيما، الوسطية في التعامل مع الناس.
وفي العلاقات الاجتماعية والزوجية، وسطية في الأسرة بين تطرف حرم الزواج أصلا ودعا للإباحية، وبين تطرف حرم الطلاق وجعل قدسية الأسرة تساوي استمراريتها؛ إذ أباح الله سبحانه وتعالى الطلاق مع وجود حرمة عظيمة لما سمي بالميثاق الغليظ، وهو الصلة بين الرجل والمرأة.
هكذا نجد الإسلام يطرح في تشريعاته التعبدية والمعاملاتية، والعلاقات الاجتماعية، وفي تصوره الوجودي، وسطية في العمودين المتعامدين.. أحدهما إلى أعلى صلة بالله.. والآخر إلى الوسط صلة بين الإنسان.
الوسطية في الدعوة إلى الله، حيث الصرامة في الدفاع عن الله دون مجاملة من أحد، وفي نفس الوقت اللين، والكلمة الحسنة {ادْعُ إلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ}، ولكن {وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا}، فلا نتطرف تطرف المذاهب الكنسية التي أباحت الشذوذ، وسمحت للقساوسة أن يكونوا شاذين، بل وزوجتهم داخل حرم الكنيسة، ولا نصل إلى الدخول على الناس إلى بيوتهم وانتهاك حرماتهم، بحجة التفتيش الأخلاقي، كما أعلنته الفرمانات البابوية، وعلى رأسهم فرمان البابا جريجوريوس الأول الذي حوَّل باسم الدين والأخلاق، بيوتَ الناس إلى حرمات منتهكة بحجة البحث عن الفاسدين والمنحرفين.
الدين الإسلامي أيضًا وسط في مواجهته للآخر في حربه وصراعه معه، فالأصل هو العلاقة الإنسانية {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}، فالأصل التعاون على الخير، (وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُم}، والمصاهرة مع أهل الكتاب حل لنا، ولكن من الجهة الأخرى، {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}.
وسطية في الجمع بين الرؤية الواقعية والرؤية المثالية؛ لأن الإسلام ينطلق من معطيات الواقع، ويقف أمامها موقف المعتبر، فالقرآن الكريم نفسه هو راعَى الواقع، فانفك عن ترتيب الأزلي الذي في المصحف، إلى ترتيب النزول، وراعى أسباب النزول، وراعى المكي والمدني، وصارت علما، وراعى الناسخ والمنسوخ وصارت علما.
حتى الوحي نفسه خضع للواقع وراعى الواقع، ولكن الإسلام في نفس الوقت جاء لإصلاح الواقع وتطويره، وليس للخضوع له، فواقعية الإسلام ليست وقوعا في الواقع، ولكن مراعاة الواقع، وهذا هو الفرق بين الرؤية الوسطية في التعامل مع الواقع وعدم الرؤية الوسطية.
عمومية الوسطية
* لكن هناك سؤال يطرح نفسه.. فمفهوم الوسطية عام وواسع وفضفاض، هل هذا الطرح الفضفاض ميزة تميزه بحيث يستوعب الجميع، ويقصي التطرف أم أنه يعيبها باعتباره غير محدد؟
جميع المفاهيم تأخذ طابعا عقليا مجردا عامًّا، وإلا ما صلحت أن تكون قاعدة، فليس العيب في صياغة المفاهيم أن تكون عامة، وإلا لو كانت خاصة ما أصبحت مفاهيم، لصارت فتاوى أو وقائع أو تطبيقات رياضية عملية.
كما أنه ليس هناك عيب في تعريف يعرف الآخر، فالنظرية البنيوية قامت على تعريف الشيء بما ليس هو، وهذا موجود في كل النظريات الهندسية، من علم الهندسة إلى علم الأصوات، ففي كل المجالات تحديد الشيء بما ليس هو؛ لأن التعريف حد، والحد هو رسم الخط الفاصل بين الشيء ونقيضه، الذي هو نهايته سواء بالمعنى الهندسي أو بالمعنى النظري.
إذن ليست المشكلة أن يكون مفهوم الوسطية مفهومًا عامًّا، لكن المشكلة في تنزيل الوسطية، وهذا ليس خاصا بالوسطية، بل خاص بكل المفاهيم والمعالم، فالتنزيل يدخلنا إلى عالم آخر، يخرجنا من عالم الفكر إلى عالم السياسة، وأنا أقول إن الوسطية في التصور الإسلامي هي العلاقة مع الآخر سلميا، وهي استثناء لعلاقة قتال لدفع معتدٍ، وفق الآية التي ذكرناها.
متى أنزل اختيار الحرب أو اختيار السلم؟.. هذا يتعلق بالقرار السياسي للأمة أو للجماعة أو للدولة، وهذا القرار يتخذ بالشورى، فنجد أنفسنا ملزمين بتعريف الوسطية بوجه عام أنه منطق الأشياء وطبيعتها، وأن تنزيلها يحتاج إلى القرار الشوري، فإذا كان العلماء مجتمعين في تنزيل نازلة، أو إصدار فتوى، في واقعة -وفق منظور إسلامي- فلابد أن تراعى الشورى، وأن يراعى أهل الذكر من العلماء، إذا كان القرار جمعوي، فالهيئة أو المنظمة المدنية أو الجمعية الأهلية أو المجتمع المدني المنعقد ينبغي أن يتخذ قراره وفق المصادر والقوانين، إذا كانت دولة لها مجلس شورى وعلماء فإنها تتخذ قرار الحرب أو السلم عن طريق الشورى، وإذا كانت حركة إسلامية دعوية، فينبغي ألا تكون هيئة القيادة مستبدة، وغير مقصية للآخرين في القرار ومستوعبة للتجديد والتطوير وللاقتراحات.
العصمة الشورية
* إذن الوسطية نظرية في حاجة لسياسات لتنزل؟
الوسطية بشكل عام هي اختيار فكري فلسفي منبثق من الطبيعة السمحة للإسلام، هي وسطية الإسلام نفسه، {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا}، ولكن تنزيلها على الأرض، وإخراجها من فضفاضيتها النظرية، يكون بالقرارات المسئولة والتي ليس لها إلا ضامن واحد وهو الشورى.. لأن هذه الأمة لا تؤمن بالعصمة لأئمتها؛ لأن العصمة فقط للأنبياء والنبوة ختمت، ولكن الأمة معصومة في مجموعها، فلا تجتمع الأمة على ضلال، فينبغي أن ننشد القرار الصائب بالاقتراب من العصمة عن طريق الشورى.
* عرفت وأصلت للمفهوم وفرعت عليه أيضا.. ولكن تظل القضية هنا عن أي وسطية نتحدث.. إذا كان الإخواني والسلفي وغيرهم.. كلهم يتحدثون عن الوسطية.. هل الوسطية هي الإسلام نفسه، أم أنها تيار داخل الإسلام؟ ومن هو الوسطي الأمة.. أم الإسلام نفسه؟ وما زالت نقطة التحديد هي الإشكال حتى الآن؟
أولا: نحن نسند الصواب دائما إلى الإسلام في كل المواقف والاختيارات.. سواء الوسطية أو غيرها.. فعندما أخذنا مثلا قضية العقيدة وهي قضية حساسة، وعندنا نظريات في العقيدة وفلسفاتها وكتبها، تصورات الأشاعرة أو المعتزلة، ليست هي العقيدة الإسلامية السمحة، ولكن هي اجتهاد بشري لإدراك وجه السماحة في هذه العقيدة.
ولذلك نحن لا ننسب السلامة إلا لعقيدة الإسلام، وليس لفكرنا العقدي؛ لذلك فالوسطية ننسبها للإسلام، ونتنافس {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ} في الاقتراب منها، ومقاربتها عمليا وتطبيقها على أرض الواقع، ونجتهد في أن نبحث عن أصول تنظيرية تخرج الوسطية من الهلامية، أو هذا الطابع الأخلاقي النظري، كي تدخله في إجراءات عملية مضبوطة تؤسس للفكر النظري.
وإذا كان الكل يطلب ود الوسطية، وصلا بليلى، وليلى لا تقر لهم بذاك.. فإن هذا دليل على تطور الوسطية، فقبل عشرين سنة كانت الوسطية سُبة، وموسوم بها علماء السلطان، وهي تهمة الإسلام الأمريكي والبريطاني والصهيوني، بالعكس ما كان السلفي يقبل أن يكون وسطيًّا، وما كان الثوري والمقاوم يقبل ذلك، ولا حتى الراديكالي أو الشيعي، بالعكس الآن صار الجميع يتكلم عن الوسطية ويسندها لنفسه ويحتكرها دون الآخر ويدعي أنه الأحق بها.
هذا انتصار لفكرة ضمن مجموعة من المعالم، استطاع تيار أن يخرجها من القرآن ويستخرجها من الدين، واستطاع أن ينظر لها، وهذه صناعة الأفكار التي تكلم عنها مالك بن نبي في كتابه "ميلاد مسلم" وكتابه "مشكلة الثقافة" وكتاب "الصراع الفكري في بلاد مستعمرة"؛ لأن إخراج الأفكار من القرآن وبلورتها كمفاهيم تاريخ تقدم الفكر الغربي، وهم الآن وضعوا مادة تدرس في الجامعات الغربية تسمى "تاريخ الأفكار"، ولم يسموها تاريخ الفكر، ويدرسون أيضا تطور الأفكار، الغرب السياسي والاجتماعي والتعاقدي النضالي.. الغرب بالكامل تطوره هو تطور أفكار، ونحن الآن بدأنا أن ننتج أفكارا.
وفكرة الوسطية ليست جديدة على الإسلام، لكن جديدة على الفكر الإسلامي، استخراجها وغرسها وجعلها البوصلة، قد تصبح عنوان عصر آخر، قد يصبح عصر النهضة، أو عنوان العصر التكنولوجي، وهذا لا يعني أننا نستبعد الوسطية، ولكن الآن وفي هذه المرحلة، نحن فاقدو البوصلة، بين الاستسلام أو المقاتلة حتى الموت، هل نكون راديكاليين أو مسالمين، فاختيار المرحلة الآن هو إبراز فكرة الوسطية، حتى إننا نرى الجميع يخطب وُدَّها، ويتغزل بها ويدعيها.
من الوسط؟
* هل الوسطية في الأمة أم الوسطية في الإسلام؟
الوسطية في الإسلام، والوسطية في الأمة.. الوسطية في الإسلام تحققا، والوسطية في الأمة وجدانا، لقوله عز وجل {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا}، فنحن نحتاج إلى أن نعرف ما هو الجَعل مثلما نعرف الإخراج {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ}.
الجَعل اختياري إرادي ديناميكي بين الإرادة الإلهية والمشيئة الإلهية، وهما شيئان مختلفان، كما نبه ابن القيم -رحمه الله- في كتابه "إعلام الموقعين" عندما قال: "إن الله يريد ما يشاء، ويشاء ما لا يريد"، فالله عز وجل يقول {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ * وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ}، ويقول {وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ}.
فالله يريد بفعل مباشر، ويشاء بفعل غير مباشر، وبالتالي بين المشيئة والإرادة حركة إنسانية، مساحة للإنسان؛ لذا فإن فكرة الربانية والإسلام لا تناقض فكرة الإنسانية؛ لأن مجال الفعل والحرية الإنسانيان ممتدان في ظل مفهوم الإلهية، فليس في الإسلام جبرية، وليس عندنا مفهوم قدري كالذي عند اليهود والنصارى، ليس عندنا استسلام وانتهاء، ليس عندنا مفهوم القدر المأساوي، كما في الفلسفة اليونانية والتي امتدت جذورها إلى الفلسفة الغربية إلى اليوم، فتمردت على الدين؛ لأنها لم تر فيه لقاء المشيئة الإنسانية.
فما بين المشيئة الإلهية والإرادة الإلهية مسافة بآلاف السنوات الضوئية، يقطعها الإنسان في كدح، يقول الله عز وجل {يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إلى رَبِّكَ كَدْحاً}، فالله أراد لنا أن نكون الأمة الوسط، وعلينا أن نسعى نحن لخدمة هذا المفهوم، بجهدنا.
ونحن أمة وسط ليس تحققا بالإرادة الإلهية، كما هو من الناحية الجغرافية، ولكن بجهدنا، تماما مثل قوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}، لو فهم السلف هذه الآية بما فهمه البعض، لما كان جهد عمر بن الخطاب في توحيد المصحف، ولما كان جهد أبو بكر في تدوينه، ولا جهد عثمان في تصحيح المصحف، ولا جهد المسلمين في تدوينه وكتابه وتوثيقه وحفظه.
ولما كانت كل تلك الملايين من الكتاتيب القرآنية، لمئات السنين تحفظ القرآن، فالقرآن حفظ بإرادة الله، لكن بجهد البشر، ولولا هؤلاء البشر لا أقول قد ضاع القرآن، ولكن لأبدلهم الله بقوم يحققون إرادته، ونحن نؤمن بالإرادة الإلهية، ولكننا نتسابق ونتنافس من أجل تحقيقها؛ لأن الله يهددنا ويتوعدنا بوعيد الاستبدال {إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ}.
مؤسسات الوسطية
* بين منتدى الأردن للوسطية ومركز الكويت العالمي.. هل يمكن القول إن الوسطية أخذت طريقها نحو المأسسة؟
كل عمل يتمأسس هو عمل موعود بالاستمرار؛ لأنه يخرج من تقلبات الشخص، ثم يدخل إلى الخلود النسبي، ما خلدت الدنيا، وأنا سعيد جدا بظهور منتديين للوسطية حتى الآن، منتدى في الكويت، والآخر في الأردن، وعلى اختلاف التوجهات والدوافع والخلفيات، نحمد الله على وجودهما؛ لأنهما في النهاية يمثلان الإجماع على القرار الرسمي والشعبي على أمر الوسطي، فمنتدى الأردن أقرب إلى الجهة الرسمية، ومنتدى الكويت أقرب إلى الجهة الشعبية، وهذا ما يدل على أن الأمة الآن رشدت ونضج قرارها، واهتدت نفسها إلى هذا الاختيار فصار التنافس عليه من كلا الجهتين الشعبية والرسمية.
أما الشيخ يوسف القرضاوي فهو بمثابة مؤسسة بمفرده حتى لو توفاه الله بعد عمر مديد في طاعته وخدمة دينه، فقد ترك ما لا يقل عن 20%، مما كتب بشكل مباشر في الوسطية، وكل ما كتب فهو بشكل غير مباشر في الوسطية، فعندنا الآن 3 مراجع، عندنا شخص قدم فكرة، وكما هو في الغرب كفولتير أو لومبير أو كانط أو هيجل.
وبعد منشئ الفكرة، لابد من مؤسسة تتلقفها، وفي الغرب كانت تقوم بهذا الدور الجامعات والمعاهد، ونحن أيضا لدينا مؤسسات للوسطية، وأتمنى أن تزيد وأن تتنافس بخلفية ثقافية محلية، فالثقافة السودانية غير المغربية، فلابد أن يكون هناك إبراز لمفهوم الوسطية من داخل الثقافة المحلية، حتى تأخذ الوسطية مفهوم الثقافة الشعبية والثقافة الحضارية، وليس فقط المفهوم النظري المجمع عليه من القرآن والسنة.
الثانية: هي تجميع تراث الوسطية وتدوينه وأشير هنا إلى التراث غير العربي، ومشكلتنا نحن أننا نخلط بين الفكر العربي والإسلامي، وبشكل طبيعي لهيمنة اللغة العربية على الثقافة، ولكن هناك فكر عملاق ترجم بعضه كفكر محمد إقبال، ولم يترجم أغلبه، فنحن في حاجة إلى تجميع التراث الإسلامي الوسطي الذي يعني من شأن الجمع بين الأشياء المتناقضة "مانويا".
الفكر الغربي فكر مانوي؛ لأنه يأخذ فكرة الصراع بين الثنائية الحادة بين الشر والخير، بين الدنيا والآخرة، والظلام والنور، في حين أن الإسلام يقدم ألوانا، في الموقف والرؤيا والفكر.
وعندنا نحن أشكال من الفكر الإسلامي كالفكر الهندي والتركي أو الفارسي والإفريقي، وإذا أنشأنا مؤسسة ضخمة لترجمة كل هذه الثقافات بتلمس معالم الفكر الوسطي وتجميعه سيكون عندنا تراث، ثم إحداث كرسي وسطية في أهم الجامعات الإسلامية الكبرى، يتصدر للتدريس فيه شخص اشتهر وعرف عنه أنه رائد من رواد الفكر الوسطي.
بمناسبة الحديث عن رواد الفكر الوسطي.. هل لك أن تبرز لنا بعض رواد ذلك الفكر على مستوى الأفراد والجماعات؟
نعم، هناك شاب كان في بدايات عمله الفكري والسياسي كالأخ محمد الحامدي –مع اختلافنا معه- كتب وهو شاب كتيب "البيان وخط الاعتدال" في وقت كانت الحركة الإسلامية في تونس تعتبر هذا الكلام نوع من الهزيمة والاستسلام، وهذا إنسان رائد مع العلم أنه كان دون الخامسة والعشرين عندما كتب هذا الكتيب، ولكن أتى برؤية ثاقبة واسترشادية على أن الوسطية هي الخط في نهاية المطاف الذي ينبغي أن يأوي إليه الجميع في تونس حكومة وشعبا.
وعندنا الشيخ الجليل عصام البشير وزير الأوقاف السابق في السودان، ويعتبر الشيخ عصام مَعْلَم من معالم الوسطية، وأنا لا أريد أن أدخل إلى التنظيمات؛ لأنني ليس لدي انتماء لهذا التنظيم بالمرة، ولكن من باب الإنصاف، عندنا خط الإخوان المسلمين عموما –مع اختلافنا معهم في بعض التصورات الدنيوية- فالروح العامة للإخوان المسلمين ما هو إلا تأصيل لخط الوسطية في التعامل، فهم تجنبوا العنف ولم يسقطوا فيه، وأنكروا تخاذل بعض الجماعات الإسلامية الأخرى، وهم أنفسهم الذين قاتلوا في فلسطين، وهذا منهج الوسطية، فحسن البنا هو الذي رباهم على الجهاد في فلسطين، وهو نفسه الذي رباهم على السلمية.
وها هي جماعة الجهاد في مصر بعد 25 سنة، وبعد آلاف الشهداء وبعد ملايين من الخسائر المادية، يعودون إلى حركة التصحيح وينشرون الآن أكثر من عشرة كتب سميت "سلسلة تصحيح المفاهيم"، ويرجعون عن تشنيعهم على الإخوان المسلمين، في تسميتهم بالمتخاذلين والجبناء، الآن يعودون لكي يشيدوا بهم، والقرضاوي الذي كانوا يكفرونه الآن ينقلون النصوص الطوال بالصفحات من كتبه في كتب المراجعة التي ألفوها في السجن.
لو عدنا إلى حسن البنا نفسه، وهو مرشد الإخوان المسلمين، وملهم أحمد ياسين الذي أسس حركة حماس من رحم الإخوان المسلمين، ألا يعلمنا أحمد ياسين الوسطية عندما يقول للصحفيين إنه مصرٌّ على مقاومة إسرائيل بالإعداد لهم ما استطاع من قوة، إذا لم يجنحوا للسلم.
وفي نفس الوقت عندما سأله الصحفيون عن قتال فتح وحماس كان يرد عليهم بأنه يستحضر قوله تعالى: {لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لأَِقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ إني أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ} وهذا مستوى من النضج والرشد، ولهذا الذي يؤصل {وقاتلوهم}، هو الذي يؤصل {ما أنا بباسط يدي}، وهذا ما يمثل عمق الوسطية، حسن اختيار الموقف المناسب في اللحظة المناسبة، تجاه أخي إذا اعتدى علي فأنا مسالم، وتجاه العدو أنا لا أريد أن أعاديه، ولكن إذا اضطرني إلى ذلك سأقاتله، وهذه حركة مدعومة ومباركة من الإرادة الإلهية والمشيئة الإلهية.
وحتى في اختيارات الجهاد تلهمنا الوسطية، ففي الجهاد نرفع السلاح ثم ننتهي مع انتهاء المعركة بعدها، لا قتل.. وأنا تتبعت التاريخ الغربي.. وخلاصته لربع قرن.. القتل في تاريخ التجربة الغربية قبل المسيحية وبعدها لا يبدأ إلا بعد انتهاء المعركة فبعدها يبدءون في قتل المستسلمين، وفي الإسلام القتل ينتهي بعد القتال فورًا، لا يمكن بعد نهاية القتال ولو بثانية واحدة أن تقتل شخصًا، ولو حدث فأنت قاتل وتُقتل به، وقال سيدنا عمر في رسالته إلى جنده في بلاد الترك: "بلغني أن بعضكم يستدرجهم بإشارة منه، أنه يسالمه ليقتله، فو الله الذي لا إله إلا هو ما بلغني من أحد أنه يخدع مقاتلا ليقتله في بلاد الترك إلا وضربت عنقه"، وهذه رسالة إلى الجند في المعركة، لا يقول من قتل يقتله خارج المعركة، فمن قتل الأعجمي الذي لا يعرف العربية أن تخدعه بإشارة تفيد المسالمة، فيأتي لتقتله، وعده سيدنا عمر بضرب عنقه.
وهذا مفهوم الوسطية كما تأصل في فكر الإخوان المسلمين، وكل الحركات الإسلامية استرشدت بروح الإمام البنا، وأنا أعتبر الإمام البنا مَعْلمًا من معالم الفكر الوسطي، لم ينظر إليه كثيرا، ولم يؤلف كتبا، وجمع الشباب بعض خطبه ومواقفه ومذكرات سريعة، لكن بمنهجه التربوي المنظم وبمساره يبين ما هي الوسطية.
فالوسطية لا تعني أن تنزع فتيل الجهاد من المؤمنين، وليس أن تجعلهم انتحاريين، يؤمنون بالقتل من أجل القتل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.