كثر الحديث في الفترة الأخيرة عن موضوع حقّ عودة المهجرين بعد تسريبات كانت في البداية من جهات أمنية تحثّ على عودة بعض الآجئين السياسيين للبلاد ، ممّا دفع لاحقا بعض العشرات ممن كانوا من أنصار حركة النهضة التونسيّة للإتصال بالقنصليات التونسيّة المتواجدة بالخارج والشروع في ترتيبات العودة ضمن اشتراطات بلغت أحيانا حدّ المقايضة والإبتزاز وأمام تزايد عدد الراغبين في العودة ، بعث ما يسمى " بالمنظمة الدوليّة للمهجرين التونسيين " وهي منظمة تقول عن نفسها بأنها تعمل على تحقيق العودة الآمنة والكريمة والشاملة لكل المهجرين التونسيين بسبب أفكارهم و انتماءاتهم و أنشطتهم المعارضة وتفاعلا مع هذا الحدث قام وزير العدل السيّد البشير التوكاري بعدّة تصريحات ولقاءات صحفيّة أكد فيها بأنّ كلمة «مهجّر» ليس لها أيّ معنى قانوني ولا وجود لها في الواقع و أنّ الدستور التونسي يمنع تهجير أو نفي المواطنين ويقر حق كل مواطن في العودة إلى بلده وهي ميزة كما يقول في الدستور التونسي تعود أصولها إلى أسباب تاريخية تتعلق بالحركة الوطنية". مضيفا بأنّ " هناك مجموعة من الأفراد التونسيين المقيمين بالخارج هاربون من العدالة أفلتوا من أحكام قضائية صدرت ضدهم وآثروا البقاء خارج الوطن عوض ممارسة حقهم القانوني في الإعتراض على الأحكام الصادرة أو الانتفاع بالإجراء المتعلق بسقوط العقاب بمرور الزمن، مشيرا إلى أنهم تعمّدوا إخفاء ما تعلق بهم من أحكام وأسندوا لأنفسهم صفة المهجّر التي لا وجود لها في القانون التونسي". وخدمة للرأي العام الراغب في الإطلاع على الحقيقة بدون الخوض في تفصيلات خلفيّة إدعاء ات السيد الوزير نريد الوقوف عند بعض ماجاء في هذه تصريحات ومدى تطابقها مع واقع الحال ونخصّ بالذكر حالة السيّد أحمد العش كعيّنة لمعرفة الأبعاد الحقيقيّة من وراء تلك التصريحات في تضليل الرأي العام . إنّ لجوء السيّد أحمد العش وغيره من إخوانه إلى مغادرة أرض الوطن كان بسبب الملاحقة الأمنية والإعتقال وحالات التعذيب التي طالت العديد من كوادر ومناضلي حركة النهضة مطلع التسعينات من القرن الماضي ، كما أنّ الحكم الصادر في حقّه في ذلك الوقت كما ذكر السيّد الوزير وكما أكدته لنا بعض الدوائر المطلعة على أحكام القانون التونسي قد سقط بمرور الزّمن نظرا لوجود السيّد العش خارج أرض الوطن لأكثر من ثمانية عشر سنة ، لذلك فإنّ اعتراضه على الحكم وعدم انتفاعه بالإجراءات المتعلّقة بسقوط العقاب بمرور الزمن يجعل تصريحات السيّد الوزير فاقدة لأيّ مصداقيّة عندما يحاكم السيّد العش اليوم بأربعة سنوات سجنا نافذة ، كما تؤكّد هذه المحاكمة بأنّ السّلطة لن تتعامل مع ملف المغتربين إلا ضمن شروط الإهانة والإذلال وإذا كان الدستورالتّونسي كما قال السيّد الوزير يمنع تهجير أو نفي المواطنين ويقرّ حقّ كلّ مواطن في العودة إلى بلده فقد كان حريّا بالسيّد الوزير أن يذكر في تصريحاته بأنّ السّجن هو وطن الأحرار والمناضلين حتّى تتضح الصورة جليّا لكلّ حرّ كريم يعشق معاني الحريّة ويكره الإستبداد لذلك نقول للسيّد الوزير بأنّ تونس التي نريدها هي تونس الحب و الحضارة والتاريخ وهي تونس التي قال فيها الشاعر : أهيم بتونس الخضراء حبا فاق ظني ... هنا أصلي وميلادي .... هنا أهلي ، هنا سكني .... وأرفع هامتي فخرا بها وأقول وأغني .. لتحيا تونس الخضراء ... في مجد على الزمن ، معا من أجلها الخضراء ... مثل الروح للبدن وهي تونس الشابي وخيرالدين وابن خلدون بمعالمها الحضارية وتراثها العريق لا تونس القتل والتدمير نريدها أن تكون لكلّ التونسيين ، بعيدة عن الإبتزاز والإهانة والإذلال ، وعن السطو والسرقة وإهدار المال العام ( انظر محاكمة صهري الرئيس بن علي بتهمة السرقة ) نورالدين الخميري 12 . 08 . 2009