باريس– السيراميك الملون الذي يزين جنبات قاعة الصلاة مجلوب من مدينة فاس المغربية، والجبس المنقوش حوله من مراكش.. أما مهندس المسجد فهو مصري، ومرتادوه هم في الغالب من الأجيال الجديدة من مسلمي فرنسا، على الرغم من أن قيادة المسجد هي من جيل الآباء المهاجرين. تلك هي صورة بورتريه لمسجد "النور" بضاحية "جانفيليي" في شمال غرب باريس الذي يستقبل رمضان هذا العام رسميا لأول مرة. وفي تصريحات خاصة ل"إسلام أون لاين.نت" يقول "بن علي محمد"، مدير جمعية النور التي تدير المسجد: "هذه السنة الأولى رسميا التي نستقبل فيها شهر رمضان، وقد أتممنا المسجد كليا وفي انتظار تدشينه بحضور المسئولين الفرنسيين رسميا في أكتوبر القادم". طالع أيضا * الجيل الأحدث من مسلمي فرنسا الأكثر تدينا ويضيف: "رمضان هذه السنة يمثل لنا رسميا الأول الذي نحييه في مسجدنا؛ حيث سبق لنا أن أخذنا رخصة استثنائية العام الماضي من أجل استغلال باحته لصلاة التراويح". والمسجد هو عبارة عن بوابة كبيرة بلورية مقوسة يعلوها على الجانبين مئذنتان على الطراز الهندسي التركي، وتعلو باحة الصلاة الرئيسية قبة ضخمة تغطي ثلاثة أرباع المسجد تقريبا مضاءة بفوانيس خافتة تنير أرضية المسجد الزرقاء، وقد انتشر فوقها المصلون الذين غلب عليهم الجيل الثاني والثالث من شباب ضاحية جانفيليي. ويقدر عدد سكان الضاحية بخمسين ألف نسمة، يمثل المسلمين ثلثهم تقريبا، وهم مسلمون جاءوا مع بداية موجة الهجرة الأولى لفرنسا؛ حيث كانت المنطقة في الماضي عبارة عن منطقة صناعية بامتياز؛ لذلك فإن أعداد الجيل الثاني والثالث من الشباب الفرنسي المسلم كبيرة في الضاحية لقدم الهجرة فيها، بحسب بن علي محمد. ملامح رمضان وبدت على المسجد الملامح الرمضانية، فقبل موعد الإفطار بدقائق قليلة يقف بعض الشباب من الجيل الثاني والثالث يحملون أباريق الماء وبعض التمرات للمصلين من الشيوخ. ويعلق بن علي محمد على هذا المشهد قائلا: "كانت فرحة هؤلاء الشباب بإتمام بناء المسجد فرحة لا تعادلها فرحة، فلأول مرة يتوفر لهم مسجد بمثل هذا النظام والنظافة والهندسة الجميلة, مسجد يفخرون بالانتماء إليه بعد أن كانوا يترددون على أقبية وكاراجات موزعة في مناطق عديدة من ضاحية جانفيليي". ويضيف رئيس الجمعية: "هؤلاء الشباب تعودوا على التردد على المدارس الفرنسية المنظمة ومراكز الشباب النظيفة والمزينة، وعندما كانوا يعودون إلى بيوتهم يشعرون بعقدة نقص وهم يرون آباءهم يصلون في كاراجات قذرة تحت أرضية العمارات؛ لذلك فإن مسجدا كهذا يزيل عقدة نقص تابعتهم طوال طفولتهم، ولذلك فهم أكثرنا فرحة بإتمام بناء المسجد". مدرسة أيضا وفضلا عن قاعة الصلاة الكبيرة التي تشغل حوالي 2000 متر مربع وتتسع لحوالي 2800 مصل، فإن المسجد في انتظار إتمام مشروع بناء مدرسة يقول رئيس الجمعية إنها تحتاج إلى تمويل، وهي مدرسة لتعليم اللغة العربية وتحفيظ القرآن. ومبنى المسجد ذو الواجهة البنية الفاتحة الذي يرتفع اليوم على ثلاثة طوابق يحتوي أيضا على مرأب للسيارات تحت الأرض، هذا المرأب يستغل جزء منه في الوقت الحالي من أجل إقامة مائدة إفطار بمناسبة رمضان يتوافد عليها المعوزون من المسلمين وغير المسلمين من سكان الحي من أجل أكل "شربة الحريرة" ذات المذاق المغربي التي تسبق للجالسين على مائدتها تحية "صحة شريبتكم"، أي بما معناه "صح رمضانكم وتقبل الله صيامكم". ودام بناء مسجد جانفيليي حوالي ثلاثة سنوات جمعت خلالها تبرعات بنائه من المصلين ومن المساجد الأخرى في باريس، وأما قطعة الأرض فقد كانت هدية من بلدية الضاحية التي يقودها الحزب الشيوعي الفرنسي. مراسل شبكة إسلام أون لاين. نت في فرنسا. الاثنين. أغسطس. 24, 2009