مقدمة: الحرف العربي : المعارضة التونسية شبيهة بالجامعة العربية : المقاطعة و الفضاء الاعلامي : لماذا ترشيح صادق شورو ؟ لماذا الفتوى الرئاسية ؟ أيها المواطن التونسي مقدمة: من الطبيعي أن تزداد وتيرة الاحداث سرعة و نحن على أبواب إنتخابات رئاسية محسومة سلفا لملك تونس أدام الله ظله ، يطل علينا كل خمس سنوات على خشبة المسرح في ثياب رئيس جمهورية امام جمهور لا يُبالي كثيرا بما يدور حوله...و حتى إن سألته : من الذي أتى بك إلى مدارج المسرح ، سيُجيبك بكل برودة دم و خفة ظل : لقد جيئ بي . و من المنطقي أن ينحاز كل فرد لعشيرته و يستميت في الدفاع عنها في عصبية عمياء و حزبية مقيتة دون التأكد من رجاحة عقل و مصلحة وطن و مقاصد شرع لا همّ له سوى زيادة عدد الاصوات لمرشحه بالاستعانة بالمال الحرام و الوعود الكاذبة و البطاقات المزورة و التقارير الامنية الملفقة لمن يقف حجر عثرة امام فوز رئيسه المتوقع و الفائز قبل فرز الاصوات و بعدها و آفة التحزب الاعمى في عالمنا العربي أعمت البصر و البصيرة حتى لرجال المعارضة الذين يقدسون زعمائهم و أحزابهم إلى حد التأليه و يسقطون في الشرك الاصغر دون أن يشعروا بذلك و هي لعمري آفة كبرى نسأل الله ان يقينا شرها و تبعاتها .
الحرف العربي : و من نعم الله علينا أن علم الله آدم الاسماء كلها و أصبح الحرف العربي بعد رسمه و ترصيفه و ترتيبه على نحو لغة تخاطب و علم ومعرفة إلى أن أصبح للخط العربي مدارس و جامعات و معارض تجوب العالم العربي الناطق بها و العالم الغير الناطق بها وللحروف العربية اسرار و ألغاز احتار علماء اللغة و اللسانيات في تفكيك معانيها و رموزها و شاءت حكمة الله ان يستفتح كثير من سور القرآن بهذه الحروف المركبة كمثل : "كهيعص" "المص" "الم" " ص" " ن" و ذلك لتبقى اللغة العربية بحرا لمداد قلم يُسطّر درب طريق أمة عبث بها سلطانها فظلّها عن طريق الهداية و افرغ روحها من آدميتها و جعلها كالبهيمة همّها بطنها و ما بين فخذيها و الحمد لله الذي انعم علينا بحرية الكتابة بعيدا جدا عن شرطة الصحافة و بوليس الاقلام ...فأيها السادة لا تُفسدوا علينا حريتنا و رفقتنا للحرف العربي الذي خفف عنا الكثير من المواجع و كان لنا سكنا في مصيبتنا و خير صديق في غربتنا و لا تكونوا شبح جنرال بن علي في منفانا و تُصادروا حقنا في الكتابة بالوكالة عن نظام لا يحترم العربية لغة و هوية وتاريخا و آمل أن تكون الرسالة قد وصلت و قد تم استيعابها لمن بالداخل و الخارج . أما قول البعض من أن كثير مما قيل فيه تضارب و تناقض فأقول بالمختصر المفيد أن مثل هذه الدعاوى قيلت في القرآن ككونه مليء بالتناقض و الاختلاف و جاؤوا بأمثلة كثيرة و حتى لا أطيل على السادة القراء و للذين لهم رغبة في زيادة معرفة بمثل هذا العلم ادعوهم للاطلاع على كتب علوم القرآن و تأويل مشكل القرآن و رد الشبهات على تناقض القرآن قد تُسهّل على كثير في دحض هذه الاتهامات القديمة الجديدة .
المعارضة التونسية شبيهة بالجامعة العربية : كنت أُمنّي نفسي بأن تخرج علينا المعارضة التونسية بالمهجر إثر اجتماعها الاخير بتوصيات و قرارات مصيرية و خطة عمل تُنسينا بها كبوات السنين الماضيات و تفتح لنا أفاق امل لبناء الوطن و تعميره من جديد بعد الضغط على النظام و جره للقبول بتنازلات و فتح الباب للمعارضة بالمشاركة في مستقبل تونس إلا أن بيانها جاء نسخة مطابقة للاصل لبيانات جامعة الدول العربية في التنديد و الاستنكار و الشجب و الندب فضلا عن الاستجداء و المطالبة بأن يُسلمها النظام مستحقاتها و حريتها و هي تعلم أن هذه الامور من المستحيلات لنظام تعتمد سياسته على الاقصاء و تصفية الخصوم . القارئ لبيان المعارضة الاخير يأتيه إحساس قوي بأن الذي صاغ البيان و الذين اجتمعوا عليه هم رجال حرية و إنصاف و ليس رجال المعارضة الذين نعرفهم لأن ما جاء في البيان ما هي إلا تقارير يومية لانتهاكات حقوق الانسان و تعديات على الحريات العامة مما جعلني أقرأ البيان مرة أخرى و التأكد من الجهة التي أصدرته و مما دفعني للتسائل : هل أفلست المعارضة أم اجتمعت من أجل الاجتماع ؟ هل المعارضة التونسية تُذكرنا بماض تعيس عشناه و مازلنا نعيشه مع انتكاسات الجامعة العربية ؟ و لماذا اجتمعت أصلا مادامت لا تملك خطة عمل و لا رؤية واضحة للحراك السياسي القادم ؟
المقاطعة و الفضاء الاعلامي : اختارشق كبير من المعارضة التونسية مقاطعة الانتخابات الرئاسية و التشريعية بحجة عدم إعطاء شرعية لهذا النظام ...و لكن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هو : متى كان هذا النظام شرعيا في الطريقة التي وصل بها للحكم و الطريقة التي بها جدد فيها ولايته و الطريقة التي حرّف بها دستور البلاد و بنوده حتى يتناسق و مقاسه العلوي و السفلي وإعادة تنصيب نفسه كل خمس سنوات إلى ان يقضي الله أمرا كان مفعولا ؟ و لكن أعتقد أنه من الحكمة و المصلحة الوطنية أن تسلك المعارضة مسلكا آخر أكثر جدية و فاعلية و ترك بصمة و توقيع على الساحة السياسية لا ينساهما النظام أبدا و تلاحقانه إلى ان يذعن لشروط المعارضة و متطلباتها ،أما أن تختار المقاطعة السلبية و تخلد للنوم في وقت كل الناس تُكافح فيه لتثبت و جودها و تسعى لتمرير شيئا من برامجها عبر تحالفات او نشاط إعلامي مبرمج أو معارضة إيجابية و فاعلة . آمل من السادة زعماء المعارضة أن يُعيدوا النظر في مقاطعتهم السلبية و يوجهوا نشاطهم في أسوأ الظروف و اضعف الايمان إلى الجالية التونسية بالخارج و التي تُقدر 1.5 مليون نسمة و تشكل العمود الفقري للاقتصاد التونسي و هم بالتأكيد أقرب للمعارضة منهم إلى السلطة لاعتبارات عديدة لا تخفى على أحد .
لماذا ترشيح صادق شورو ؟ باعتباره رمز أجمعت عليه المعارضة الوطنية و ناصرته المنظمات الدولية الحقوقية منها و الانسانية ، و كل معارض تونسي يمكن أن يجد في سجين الحرية مقصده و مناله و عبر شورو يمكن للمعارضة جميعا أن تمرر رسالتها لان شورو ليس ملكا لنفسه أصبح ملكا للوطن و للتونسيين عامة و للمعارضة خاصة ،هذا من جانب و من جانب آخر فهو وصمة عار في جبين نظام المافيا و المنافس القوي بلا منازع في زعزعة استقرار النظام التونسي و اهتزاز عرشه المتآكل و الحكومة التونسية تُدرك هذا البعد تمام الادراك و لهذا تمت محاكمته مرة أخرى بعد أن قضى 18 سنة سجنا انفراديا لإحساسها بخطورة الرجل إذا ما تم الافراج عنه و رشح نفسه للرئاسة . كما أنه مدخل ناجح لاي تحرك إعلامي لضمان سلامته اولا ثم لتحقيق مطالب مشروعة و نزول النظام لرغبات المعارضة بعد فضحه امام الراي العالمي و كشف نفاقه السياسي في قهر المعارضة و البطش بها داخل السجون و حجتنا في ادعائنا هذا سجين الحرية شورو و بقية السجناء الموزعين على سجون الموت بالتراب التونسي شمالا و جنوبا و شرقا و غربا .
لماذا الفتوى الرئاسية ؟ كم بقي لنا من العمر حتى ننتظر خمس سنوات أخر و من بعدها خمس سنوات متتاليات ، فلقد خاب الامل في الديقراطية العربية و الحداثة التونسية و خاب الامل في الوعود الكاذبة و الامنيات الزائفة و في كل مرة نستمع لنفس الاسطوانة و اللحن و الخدعة الكبيرة في غد مشرق مليئ بالحريات و الانجازات و الامل ...و لكن بعد أن تتم مبايعته يتحول بقدرة قدير لحن الاسطوانة إلى صوت السياط و صعقات الكهرباء و سلسلة الشتائم البذيئة و تعود حليمة إلى عادتها القديمة . لا صوت يعلو على صوت السياط و الكلبشات ، كُممت الافواه و طوت الصحف و منعت التجمعات و الاجتماعات حتى تلاوة القرآن في المساجد تحتاج لتصريح أمني ، تُكره التونسية المسلمة على تعرية رأسها باسم القانون و الكشف عن ساقيها تحت ضغط ثقافة الانحلال و العري و الاباحية ، المجتمع من سيئ إلى أسوأ انتشرت الفاحشة و عمت البلوى و تهدمت الاسرة و تشنج الشباب و اصبح العنف و الارهاب لغة التخاطب في الشارع و الملاعب و البيوت و الاسواق حتى الساسة أصابتهم العدوى و تحولت صالة اجتماعاتهم من صالة فكر و ثقافة إلى صالة ملاكمة . قطيعة بيّنة أو بالاحرى حرب خبيثة على الاسلام و الهوية و العروبة سياسة مُعتمدة لفصل الشعب التونسي عن أصله و فطرته و ربه و يمكن أن تشاهد ذلك في التعليم و القوانين و الثقافة و الاعلام و الاقتصاد فكانت نتيجة تلك الحرب المسعورة ان تبوأت تونس المرتبة الاولى على المستوى العالم العربي في الطلاق و الجريمة و الانتحار و الاجهاض و قطع البحار و المخدرات ...و القائمة تطول ...و ماذا تنتظر من نظام يُحارب الله و رسوله و يُعادي الفطرة و الانسانية و يعتمد الحبس و البتر و القتل و المنع و المطاردة و المراقبة و الرعب و الارهاب إلا غضب الله و من بعده غضب عباده ...و لا يظنن النظام ان الشعب التونسي مغلوب على امره فلا تخدعه جيوشه العاطلة و امواله الكثيرة التابعة لخزينة الدولة فالخير في امة محمد الى يوم الدين و القرآن الذي في صدور التونسيين سيضيئ نورا يهتدي به الفلاح و العامل و العاطل و الموظف و الطالب و يجمعهم الشوق الى الله و الحرية و كرامة الانسان ...و في تونس نماذج و عبر و دروس . أيها المواطن التونسي ...يوم الانتخاب يومك...تملك فيه حريتك و إرادتك ...انت السيد...و عليك أن تختار لانك مسؤول عن نفسك و لا تزر وازرة وزر اخرى ...فصوّت لمن يحفظ بيتك و اهلك و يحترم آدميتك و دينك و يُشعرك بالامان في كل شيء و يُشرّف وطنك و سمعة بلادك ...و لا أحسب أن الرئيس الحالي يستحق هذا التفويض و هو في خصومة مع إسلامه و ربه ...فكيف تصوت لمن خاصم الله ...؟ ايها المواطن التونسي أسألك بربك و بالقرآن الذي تقرأه في يوم رمضان و أسألك بكل ركعة ركعتها لله و كل سجدة سجدتها لله و كل يوم صمته لله في هذا الشهر الفضيل أن تسأل نفسك قبل التصويت و تخيل انك واقف بين يدي الرحمان و يسألك الخالق عز و جل : لماذا صوت لخصمي ؟ و لماذا صوت لمن إتخذني عدوا ؟ لماذا صوت من يحارب آياتي و عبادي الصالحين ؟ فبماذا تُجيب الرحمان ، و الدال على الشر كفاعله .؟ حمادي الغربي