الناصرة بعد أن حسمت "إسرائيل" أمرها وأعلنت رسمياً رفضها وقف النشاط الاستيطاني في القدسالمحتلة، وتعليقه جزئياً وموقتاً في المستوطنات الكبرى في الضفة الغربية، أكدت تصريحات كبار أركانها أن جل همهم ينصب الآن على إقناع الرئيس الفلسطيني محمود عباس بالمشاركة في لقاء قمة ثلاثي مع الرئيس الأميركي باراك أوباما ورئيس الحكومة "الإسرائيلية" بنيامين نتانياهو، الأسبوع المقبل في نيويورك على هامش الجمعية العمومية للأمم المتحدة. وترمي "إسرائيل" من عقد «قمة استعراضية» إلى تحقيق أمرين أساسيين، الأول التأكيد للعالم أن حكومتها اليمينية المتشددة شريكة طبيعية للمفاوضات، بغض النظر عن مواقفها من المسائل التي ستتناولها المفاوضات وعن نتائجها، وأنه إذا كان الفلسطينيون لا يقاطعونها فإنه ينبغي على العالم التصرف على النحو ذاته، والثاني تخفيف مرارة واشنطن من عدم تجاوب إسرائيل مع مطلبها تجميد البناء في المستوطنات في شكل تام، وذلك من خلال تحقيق «إنجاز» أول للسياسة الأميركية الخارجية بعد ثمانية أشهر على بدء ولاية الإدارة الأميركية الحالية وتقديم القمة على أنها اختراق سياسي مهم. وأجمعت وسائل الإعلام العبرية على القول ان لقاء الموفد الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط جورج ميتشل مع نتانياهو أمس لم يؤد إلى نتائج عملية في اتجاه «انتزاع» موافقة إسرائيلية حتى على «تعليق» البناء في مستوطنات الضفة الغربية. ويبدو أن هذه الموافقة الشكلية باتت مشروطة بموافقة الرئيس الفلسطيني على المشاركة في قمة نيويورك. ويُفترض أن يلتقي نتانياهو اليوم ميتشل ليستمع إلى ما سمعه من المسؤولين الفلسطينيين مساء أمس. وليس مستبعداً أن يرجئ نتانياهو إعلان «تعليق» البناء، حتى موعد القمة الثلاثية في حال الاتفاق على عقدها لتكون بمثابة «ثمرة» للقمة وللمشاركين فيها. وجاء من مكتب نتانياهو أن الاجتماع بين الأخير والموفد الأميركي كان «جيداً»، وأنهما التقيا في خلوة لمدة أكثر من ساعتين وسيلتقيان صباح اليوم. ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن أوساط قريبة من نتانياهو قولها انه تم تسجيل تقدم آخر في الاتصالات مع الأميركيين حول تعليق البناء في المستوطنات، وأن النقطة الخلافية المتبقية تدور حول مدة «التعليق»، ففي وقت تطالب الولاياتالمتحدة بأن تمتد إلى عام، قبلت إسرائيل بنصف هذه المدة. وتوقعت الأوساط أن يتم التوصل إلى «تسوية» تقضي بتعليق البناء 9 أشهر. وقال ميتشل قبل بدء الاجتماع إنه يأمل في أن يتوصل الطرفان (الإسرائيلي والفلسطيني) إلى «تفاهمات تتيح الانتقال إلى المرحلة المقبلة (المفاوضات) وعقد اللقاء الثلاثي». ورد نتانياهو قائلاً: «نمد يدنا للفلسطينيين بحثاً عن السلام ونأمل في أن يتحقق الازدهار والأمن في منطقتنا». نتانياهو يرفض إنهاء المفاوضات خلال عامين وكانت صحيفة «هآرتس» نقلت في عنوانها أمس عن نتانياهو تأكيده لوزراء حزبه «ليكود» أنه لن يدخل في مفاوضات مع الفلسطينيين «نتائجها محددة ومعروفة سلفاً». وأضافت أن نتانياهو أبلغ وزراءه أيضاً برفضه الالتزام بإنهاء مفاوضات التسوية الدائمة خلال عامين، كما يرغب الرئيس الأميركي. وقال إن «قضية المستوطنات هي فقط جزء من المحادثات التي نجريها مع الأميركيين، لكن المسألة الجوهرية تتعلق بإطار المفاوضات». وتابعت الصحيفة أن أقوال نتانياهو هذه جاءت رغم الرسائل الأميركية الأخيرة له التي تضمنت مطالبته بتليين مواقفه في قضية البناء في المستوطنات وأن يطلق تصريحات تتيح للفلسطينيين «النزول عن الشجرة» والقبول باللقاء الثلاثي في نيويورك، الأسبوع المقبل، «وهو لقاء يعتبر الأميركيون عقده مصيرياً للإدارة الحالية لتقدمه على أنه أول إنجاز لسياستها الخارجية». بيريز يرمي بثقله لمساعدة نتانياهو إلى ذلك، كشفت «هآرتس» أن الرئيس "الإسرائيلي" شمعون بيريز التقى سراً الأسبوع الماضي في مقره في القدسالمحتلة كبير المفاوضين الفلسطينيين الدكتور صائب عريقات وطالبه ب «رفع المقاطعة عن نتانياهو»، داعياً إياه إلى ممارسة الضغوط على عباس ليوافق على لقاء نيويورك. وأضافت أن بيريز أكد لعريقات أنه يجب بذل كل جهد مستطاع لاستئناف عملية التفاوض حتى نهاية الشهر وعدم تفويت الفرصة، طالباً منه نقل هذا الموقف إلى عباس. وقال بيريز أمس خلال استقباله الديبلوماسيين الأجانب في مقره إنه يمكن البدء في المفاوضات بين "إسرائيل" والفلسطينيين فوراً، «وفي موازاتها التطبيق العملي على الأرض للتفاهمات». وأضاف أنه يمكن حل القضايا الجوهرية للصراع «لأن بديل ذلك سيئ». وتابع: «ممنوع تفويت الثالث والعشرين من الشهر الجاري الموعد المخطط للقاء الثلاثي في نيويورك... من جهتنا، فإن رئيس الحكومة نتانياهو لا يمانع في إجراء الاجتماع وننتظر الآن الرد الفلسطيني». في غضون ذلك، انتقد وزراء ما اعتبره «استجداء» "إسرائيل" الفلسطينيين لعقد اجتماع مع عباس. وقال وزير المال القريب من رئيس الحكومة يوفال شتاينتس إن نتانياهو «لا يجب أن يتوسل لعقد لقاء مع عباس». الاستيطان حول القدس سيتواصل واستبعد وزير السياحة القطب في حزب «إسرائيل بيتنا» المتطرف ستاس مسجنكوف أن تسفر المفاوضات في حال استئنافها عن تسوية. وقال مهاجماً عباس: «كنا نتمنى رؤية شريك أكثر جدية وبراغماتية وقادر على توحيد الفلسطينيين... لكنني أتصعب في رؤية أبو مازن شريكاً موازياً لنا لأنه ضعيف ولا يمثل كل الفلسطينيين، وقد طُرد بمهانة من قطاع غزة والعديد من رجاله قتلوا هناك، وعليه هو ليس مخولاً للتحدث باسم كل الفلسطينيين». لكنه رأى أنّه يجب على إسرائيل أن لا تعرقل جهود «صديقتنا الكبيرة وشريكتنا الاستراتيجية» الولاياتالمتحدة المعنية بدفع عملية السلام، «وعليه يمكن التحدث إلى أبو مازن عن السلام الافتراضي الذي لا أراه قريباً أو عن تسوية أمنية لنا وتسوية أمنية - اقتصادية للفلسطينيين حتى يتيقنوا أن هناك ما يخسرونه من عدم الهدوء والعمليات ضدنا». وشدد على إن "إسرائيل" «لن تتنازل عن حقها في بناء بلدات (مستوطنات) جديدة حول القدس (المحتلة) وتشجيع الاستيطان فيها، ولن نتنازل عن تكثيف الاستيطان في المستوطنات القائمة بحسب حاجاتنا الديموغرافية للتجاوب مع التكاثر الطبيعي». وأضاف في حديث للإذاعة العامة أن «في الإمكان التقدم في العملية السياسية بحسب الهيكلية الممتازة التي وضعها رئيس الحكومة». وأضاف أنه يتفق مع نتانياهو في تقليص حجم البناء في المستوطنات، «لكن بشرط أن تقر ذلك الحكومة أو من خلال وثيقة تفاهمات مع الولاياتالمتحدة ومعرفة المقابل الذي سيقدمه العالم العربي على التنازل المؤلم الذي نقدمه لفترة محددة». واعتبر رئيس حزب «البيت اليهودي» الأكثر تطرفاً دانئيل هرشكوفتش طلب الفلسطينيين التجميد التام للبناء «غير مقبول». وقال إنهم إذا ما أصروا على ذلك، «فإنهم يقضون على احتمالات التحاور». وأضاف: «التحاور مهم جداً، وهو لا يضر، لكن لا يتحتم علينا التوسل من أجل أن نتحاور». واعتبر البناء من أجل «التجاوب مع التكاثر الطبيعي... ليس مسألة سياسية إنما أخلاقية. علينا توفير الحلول للعائلات التي تتكاثر». من جهته، قال نائب وزير الخارجية داني أيالون إن وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون ستصل الشرق الأوسط قبل نهاية العام الجاري لتحريك المفاوضات بين "إسرائيل" والفلسطينيين، رداً على دعوة وجهها لها باسم وزير الخارجية الإسرائيلية أفيغدور ليبرمان. أسعد تلحمي