من يُخادع من ؟ مقدمة : المجتمع الاوروبي يبحث عن السلام بالمنطقة : تونس ديمقراطية حقيقية : الرئيس التونسي يبحث عن سترة نجاة : حزب اسلامي بأمر وزير الداخلية : الثقة المفقودة و المستقبل المجهول : هدية العيد و الزلزال السياسي : أسئلة تبحث عن جواب :
في البداية يتجاهلونك ثم يسخرون منك ثم يحاربونك ثم تنتصر ... المهاتما غاندي مقدمة : أمطار لبضع ساعات تفضح سياسة النظام التي تعتمد على خدعة ماكينة الدعاية و الاعلام ،مدينة بأكملها تغرق في مياه الامطار و وحل البنية التحتية و الازدهار الاقتصادي و التفوق المعماري الذي فتن أعين التائبين و العائدين و أهل الردة ، و كان حري بهم ان يغضوا أبصارهم عن مفاتن الدنيا و محاسن تونس الجميلة حتى لا يُفسدوا إيمانهم و يُبطلوا وضوئهم و يقعوا في المحظور . شعب الرديف أولى بالمساعدات من غيرهم و لا تحق الصدقة خارج البيت و أهله جياع فالاقربون اولى بالمعروف ...إرسال طائرات إغاثة محملة بالمواد التموينية و بعض الاغطية و مياه الشرب لدولة إفريقية سكانها قادرون على التحمل و تجاوز المحنة و ذلك لطبيعة تركيبتهم و ظروف حياتهم البرية .إن سياسة الخدعة و لفت الانتباه و تحويل الانظار عن المشكلة الام أصبحت سياسة لا تخفى على أحد و موضة قديمة يئس منها الشعب التونسي ناهيك عن النخبة المثقفة و الاحزاب السياسية و بنفس المنطق يتعاطى النظام التونسي المتخلف و المتعجرف بهذه النظرية في كل مسائل الحياة و يترك المشكلة الام و يذهب ينبش في قضايا ثانوية ليجد متنفسا له و بديلا عن الضيق و الحرج الذي ألمّ به و لعمري إنها ازدواجية في التعامل و ارتباك في الرؤية السياسية قد تجدون لها تفسيرا في الكتاب الاخير عن حياة الجنرال بن علي الموجود بوفرة في الاسواق اللبنانية .
المجتمع الاوروبي يبحث عن السلام بالمنطقة : المجتمع الدولي الشرقي منه و الغربي تعب من إبداء النصح لنظام البوليس التونسي حول مسألة الحريات و حقوق الانسان و الحوار مع المعارضة التونسية الجادة و ضربوا له مثلا في الزعيم الليبي الاكثر شراسة و بطشا بخصومه و كيف قبل بالامر الواقع و فتح صفحة جديدة في التعامل السياسي الوطني و ان سياسة الرعب و الاقصاء ليست دائما الحل الامثل و الوحيد مع الخصوم و أن المجتمع الدولي في حاجة للسلم و العيش المشترك لان القمع و الكبت في بلدان المغرب العربي تنعكس سلبا على المجتمعات الاروبية و بالتأكيد سوف يصوبوا الاسلاميون المضطهدون غضبهم نحو الغرب باعتقاد منهم ان الاروبيين هم الذين يوفرون الغطاء و الحماية لنظام الفاشية و الاستبداد و في اعتقاد البعض منهم أن ضرب المصالح الغربية و المناطق الحساسة لاوروبا سوف تُغير سياسة التعاطي و احتضان الانظمة العربية القمعية . هذه النتيجة المنطقية و التحليل السليم لقراءة الواقع و الاستفادة من التجارب جعلت المجتمع الاوروبي يضغط بقوة و كم من مرة و عن طريق كم من وسيط للضغط على النظام التونسي للتعامل مع المعارضة التونسية الحقيقية بشئ من الاعتدال و التعقل و ان الغرب طفح به الكيل و غير مستعد للتضحية بمصالحه الموجودة بالاراضي العربية المتمثلة في الشركات و رؤوس الاموال الضخمة المستثمرة بشمال افريقيا ناهيك عن امنه و استقراره بالداخل . الاتحاد الاوروبي اتخذ موقفا لا رجعة فيه وهو إذا ما لم يتعقل النظام التونسي و يغيّر من سلوكه الشاذ و الذي يتسم بالارهاب و القمع فإن المجتمع الدولي سيجد نفسه مضطرا للبحث عن بديل يحفظ له أمنه و استقراره و عن شريك يقبل بالعيش المشترك و التحاور مع الاخرين و احترام الحريات و حقوق الانسان و تونس تعج بزعماء و ساسة يُحسنون قراءة الاحداث و الوقائع و ذوي كفاءة و دراية تُؤهلهم لقيادة أمة و رئاسة شعب يطمح لغد أفضل بعيدا عن المطاردات البوليسية و سجون الموت و قمع الحريات .
تونس ديمقراطية حقيقية : المجتمع الدولي استفاد من تجارب الماضي و غير مستعد ان يشهد احداث 11 من سبتمبر ثانية بأروبا التي كانت نتيجة حتمية لسياسة امريكا لدعمها لزعماء المافيا و قامعي الشعوب و لذلك كانت نظرية تنظيم القاعدة تعتمد على ضرب العدو البعيد لتأديب العدو القريب و في هذا الاطار كان الهجوم على الولاياتالمتحدة و هذا ما صرح به الرجل الاول للقاعدة و اثبتت التحقيقات الامنية مع مشتبهي الاعمال الارهابية الذين سجنوا بالمعتقالات السرية باوروبا صحة النظرية و مصداقية التحاليل و الاستنتاجات القائلة بان الغرب هو الذي يُوفر الامن و الحماية للدول العربية المستبدة . فكان لا بد من إعادة النظر و مراجعة سياسة بلدان البحر الابيض المتوسط و الشراكة العربية الاروبية و انه مايجري في جنوب بحر المتوسط يهم كثيرا بلدان الشمال بل يُؤثر سلبا و إيجابا بناء على السياسة المتبعة محليا من رؤساء المنطقة. الحوار أصبح مطلبا عالميا وإعادة الاعتبار للاسلام و رجاله أصبحت ظاهرة مشهودة و مُعتادة في السياسة الدولية وهي بشكل او بآخر محاولة للاعتذار على سياسة بوش الصليبية ضد كل ما هو اسلامي و عربي إذ أصبح الاسلام رقما صعبا و واقعا ملموسا لا يمكن تجاوزه او الاستهانة به و عليه كان الانفتاح الاوروبي على حماس و حزب الله و حتى طالبان ذوي العمائم السوداء و رغم كل ما قيل فيها تسعى الولاياتالمتحدة للتحاور معها و إيجاد خروج مشرفا لقواتها من الاراضي الافغانية وعدم رغبتها في استمرارية كرزاي و عصابته التي نهبت أموال الشعب و ميزانية الدولة . و الجمهورية التونسية ليست بمنأى عن خيار المصالحة مع الاسلام و قاعدته العريضة بل المصالحة مع الله و قرآنه إلا أن قادتها اختاروا الخصومة والعداوة على الحكمة و التعقل و الشذوذ على الاجماع الدولي . على لسان زعيم تونسي معارض بالخارج قوله أن الاتحاد الاروبي في دورته الجديدة و بقيادة إسبانيا سيأخذ موضوع الديمقراطية بتونس و حرية تشكيل حزب سياسي إسلامي فضلا عن حرية التعبير و النشر و الحركة بحزم و صرامة شديدين و انه من اولويات الرئيس الاسباني في وظيفته الجديدة الانفراج السياسي في تونس.
الرئيس التونسي يبحث عن سترة نجاة : الرئيس التونسي يعيش في مأزق حقيقي، سجله الحقوقي أسود و ملفه الانساني مُلطخ بالدماء و تاريخ الحريات عنده مُكبل بالحديد و النار و الاتحاد الاوروبي يُطالبه بصرامة بالتجاوب مع الحركة الاسلامية و فتح لها الباب في العمل السياسي و المشاركة الوطنية و الكف عن الاعتقالات و الزج بالمعارضة في السجون و العمل بقانون الإرهاب السئ السمعة. و كالعادة... العقلية الامنية لا تغيب في مثل هذه الظروف الحرجة و سجل زعيمنا حافل بالمناورات و الانقلابات و المكايدات فكان لا بد من صناعة حركة اسلامية على المقاس التي تقتضيه المرحلة و المدة الزمنية و بأمر من الامن التونسي و تحت رعاية و عناية الامن السياسي الذي يُجيد صناعة الزعماء و الاحزاب وقت ما شاء و يحلها وقت ما شاء ايضا و بذلك يُلبي طلب الاتحاد الاوروبي بالسماح للاسلاميين المعتدلين بالمشاركة في الحياة السياسية دون غيرهم من المتشددين و الارهابيين و التكفريين اصحاب الفتاوى الشرعية و يخرج من المأزق الدولي و الحرج الاوروبي منتصرا كعادته زعيما فذا لا مثيل له على الخارطة السياسية العربية و انه النموذج الذي يجب ان يُحتذى به في قمع الارهاب و القضاء على التطرف .
حزب اسلامي بأمر وزير الداخلية : بيان الردة الذي نُشر على صفحات النات قبل فترة ليست بقصيرة الذي جاءت فيه البيعة لرئيس ما فتأ يُحارب الله و رسوله و شعبه فضلا على ان الموقعين على البيان لم يسلموا من بطشه و التنكيل بهم و حرمانهم من ابسط حقوق الحياة التي كفلها الله تعالى للحيوان ناهيك عن البشر، هم النواة الاولى لمشروع حزب اسلامي مُعتدل كما يصوره النظام التونسي و لكن نسي عناصر مشروع الحزب أنهم كالدمى المتحركة في اصابع رجال الامن و أن مأكلهم و مشربهم و نومهم و استيقاضهم و حركتهم و سكونهم و نطقهم و صمتهم و ان نظرهم و سمعهم صعودهم و نزولهم غضبهم و فرحهم افراحهم و اطراحهم مرهونة بإذن الامن الذي منحهم حق العودة المشروطة و المذلة لانهم ليسوا اهلا للثقة فقد خانوا إخوان القضية و درب النضال و غدروا بأشد الناس لهم قُربا و وفاء فكيف لا يخونوا عدو الامس و جلاديهم و سجانيهم و قاتل اخوانهم و بما أنهم صنيعة البوليس التونسي فانهم لا يملكون قرار انفسهم و ياتمرون بأمر وزارة الداخلية و برنامجهم السياسي عبارة عن أجندة أمنية تعمل على تفتيت الحركة الاسلامية و التشكيك في قيادتها و العمل على اصطياد الاسلاميين الذين اتعبتهم سنين الغربة و شدهم حنين الاوطان .
الثقة المفقودة و المستقبل المجهول : يذكر المؤلف سعيد الجزائري في سلسلة مؤلفاتة الاستخباراتية عن مثل هذه الحالات المتكررة في كثير من بلدان العالم في صناعة معارضة محلية لتنفيذ اجندة امنية محددة و غالبا ما تكون الاجندة القصد منها النيل من المعارضة الوطنية و إضعاف موقفها و العمل على التشكيك في مصداقيتها و لكن دائما مثل هذه الاعمال القذرة لا تعيش كثيرا نظرا لهشاشة المعارضة المصطنعة و عدم مصداقيتها لسبب واحد و بسيط لانها صناعة بوليسية و في كثير من الحالات ينتهي الامر بهذه الاحزاب المصطنعة إما للتصفية الجسدية أو السقوط في وحل الخيانة و العمالة الى حد النخاع شريطة الحفاظ على سلامتهم و إبقائهم على قيد الحياة و لكن بهذه الطريقة المذلة يُعتبرون أنهم في عداد الموتى لانهم من البداية أصلا اختاروا طريق الانتحار السياسي بالتعامل سويا مع أجهزة الامن و تبقى مسألة الحياة و الموت مرهونة بيد البوليس التونسي لانهم يملكون بعض خيوط المؤامرة و اسرار اللعبة و بما انهم غرباء في جسم الامن التونسي و لهم سابقة سيئة في خيانة إخوانهم يبقوا دائما موضع شك و ريبة و عدم الاطمئنان لهم و يبقى دائما خيار التصفية و الاقصاء خيارا يُراود عناصر الامن صباحا مساء و في كل حين ،و في كثير من الحالات يُقرر المغرر بهم الفرار و الاختفاء بعيدا عن أعين صياديهم و يصل بهم الحال الى انتحال شخصيات جديدة هروبا من الملاحقة الامنية و التصفية الجسدية و يقضوا بقية حياتهم في صراع نفسي و إرهاب معنوي الى ان يلقوا الله و لن يجدوا من يدفنهم باعتبارهم بدون هوية أو غير معروف لديهم . حفظ الله الجميع و نسأله حسن الخاتمة .
هدية العيد و الزلزال السياسي : كانت هدية العيد السياسية و هي عبارة عن مبادرة للخروج من عنق الزجاجة و طرح خريطة طريق تحفظ ماء وجه النظام و في نفس الوقت اختبار مصداقية جماعة بيان الردة في اتهامهم و ترديدهم اسطوانة قديمة مفادها ان الحركة الاسلامية التونسية اختارت سياسة المغالبة و انها عاجزة على مواكبة الحدث و الاخذ بزمام المبادرة و التشكيك في وطنيتها و في هذا الاطار كانت أيضا امتحانا للسلطة في رغبتها الحقيقية في المصالحة و التجاوب مع التيار الاسلامي المعتدل الذي قدم تنازلات ما كان يتوقعها النظام البوليسي و أجهضت حجته الواهية أمام المجتمع الدولي القائلة بأن الحركة الاسلامية التونسية لا تقبل بالعيش المشترك و أنها حركة إرهابية لا تفهم في السياسة . و عليه قد يفهم القارئ الكريم و المتابع للمقالات السابقة الهجمة المسعورة على صاحب المبادرة إذ شعروا بأن البساط سُحب من تحت أقدامهم و ان ركيزة انسلاخهم من الحركة قد هُدمت و لم تكن مُقنعة من الزمن الذي أطلت فيه هدية العيد و ربما لاحظتم التغيير المطلق في سياسة مقالاتهم الجديدة أصبحوا لا يتحدثون عن المغالبة و التشدد إنما اليوم بدأ ينكشف بعض خيوط المؤامرة فهم لا يؤمنون بتأسيس حزب على اساس مرجعية اسلامية و قبلها كانوا يروجون لانفسهم أن سبب انسلاخهم من الحركة هو إنشاء حزب إسلامي معتدل و أصبحوا يلمحون لامكانية التعامل مع الميثاق الوطني بعدما أحيا ذكراه وزير العدل في اجتماع سابق من هذا الشهر و في مناسبة حزبية للتجمع الدستوري . فإذا كان الميثاق كما يدعون يمكن ان يكون بوابة للمصالحة و الانفراج السياسي ،فلماذا لم يتحدثوا عنه قبل ذلك و لماذا لا يكون مصباح هداية لهم في انشقاقهم عن الحركة و اندماجهم مع النظام ؟
أسئلة تبحث عن جواب : أسئلة كثيرة و مريبة تبحث عن جواب ...بيان الردة موجود في كل سفارات تونس بالخارج و لكل تونسي يرغب في تجديد جواز سفره أو تغييره يُطلب منه التوقيع على البيان اولا ثم الاستماع الى مطالبه . الحزب الجديد المزمع تأسيسه ...من سيتولى رئاسته ؟ و ماهي قائمة المكتب التنفيذي ؟ ام البوليس لم يُسلمهم بعد القائمة ؟ أليس مُستبعدا أن يكون الشيخ الماطري هو رئيس الحزب الاسلامي الجديد نظرا لتاريخه الاسلامي العريق و إمكانياته الضخمة و مساهماته الدينية المشهودة في الاقتصاد الاسلامي والاعلام الديني فضلا عن الثقة التي لا تتوفر في غيره من المستجدين و الحالمين ؟ هل ينجح الرئيس التونسي في خدعة المجتمع الاوروبي بعد تشكيله الحزب الاسلامي المعتدل و بذلك يضرب عصفورين بحجر واحد ؟ هل ينجح الامن التونسي في مخادعة الفئة المنشقة و يرمي بها في مستنقع العمالة و الخيانة و يُوظفها في أجندته القذرة ؟ هل تتمكن رؤوس بيان الردة في استمالة عدد أكبر من أبناء الحركة الاسلامية و استدراجهم لطابور العمالة ؟ الايام القادمة وحدها كفيلة بكشف الحقائق و الله المستعان ....؟ حمادي الغربي