أحد مؤسسي الحزب أكد أن الحزب سيدافع عن مصالح جميع البلغار وأن الانضمام إليه مفتوح للجميع علي يوزيروف أكد أن الحزب يقوم على أساس احرتام القيم الاخلاقية التي تتفق عليها كافة الأديان بما فيها الإسلام إطلاق حملة جمع توقيعات في مدينة "سلافيانوفو"، ذات الأغلبية المسلمة والواقعة شمال شرق بلغاريا لدعم تأسيس حزب بلغاري جديد تحت اسم "الحزب الإسلامي الديمقراطي".. فجر موجة كبيرة من القلق لدى الأوساط الرسمية والإسلامية في هذا البلد على حد سواء. قلق المؤسسة الرسمية تمثل في تصريحات لرئيس البلاد أعرب فيها عن مخاوفه من تهديد هذا الحزب المزمع إنشاؤه لما أسماه ب"السلام العرقي" في المجتمع، أو تبنيه لتوجهات ما أسماه ب"الإسلام الراديكالي"، بينما أعربت أوساط إسلامية عديدة في تصريحات خاصة ل"إسلام أون لاين.نت" الأحد 4-10-2009 عن خشيتها من استغلال البعض مثل هذه الخطوة للتحريض ضد الإسلام والمسلمين ورأى بعضها أن توقيت الإعلان عن تدشين هذا الحزب "غير مناسب". وكان الأخوان علي ويازير يوزيروف قد أعلنا يوم 29 -9-2009 عن حملة توقيعات في مدينة "سلافيانوفو"، ذات الأغلبية البلغارية المسلمة المنحدرة من أصول تركية وذلك لدعم تأسيس حزب أطلقا عليه اسم "الحزب الإسلامي الديمقراطي". ونفى على يوزيروف في تصريحات ل"إسلام أون لاين.نت" قيام الحزب على أساس إسلامي وهو ما يتعارض مع الدستور، مؤكدا أن الحزب يقوم على أساس احترام القيم الأخلاقية التي تشترك فيها جميع الديانات وفيها الإسلام، وأنه سيدافع عن مصالح الجميع وأن الانضمام إليه مفتوح للمسلمين وغير المسلمين. وتعليقا على هذا الإعلان، أكد الرئيس البلغاري "جورجي بارفانوف" أنه لا يمانع شخصيا إنشاء هذا الحزب، موضحا في تصريحات أدلى بها للصحفيين، أن كل ما يهمه هو التأكد من عدم اتخاذ هذا الحزب المزمع تأسيسه توجهات ما أسماه ب"الإسلام الراديكالي". كما أعرب، خلال افتتاحه العام الأكاديمي الجديد في جامعة صوفيا يوم 1-10-2009، عن مخاوفه من تهديد إنشاء هذا الحزب ما أسماه ب"السلام العرقي في المجتمع"، وأوضح قائلا إن "الكثيرين يتمنون استغلال هذا الأمر سياسيا.."، في إشارة ضمنية إلى الأحزاب القومية التي قد تستغل مسألة إنشاء الحزب المزمع تأسيسه للتحريض على المسلمين من أجل تحقيق مكاسب سياسية. قلق إسلامي أيضا القلق الذي ساور المؤسسة الرسمية في بلغاريا، وجد طريقه أيضا في بعض الأوساط الإسلامية في هذا البلد سواء المستقلة أو ذات التوجهات الرسمية. وفي اتصالات هاتفية ل"إسلام أون لاين.نت"، استنكرت مصادر إسلامية بلغارية مقربة من دار الإفتاء، ما سمعته من خلال الجرائد وقنوات التلفزة البلغارية، عن حملة لجمع التوقيعات لتأسيس أول حزب إسلامي في بلغاريا. وأوضحت هذه المصادر، التي طلبت عدم ذكر اسمها، أن "هناك حالة من الغموض تحيط بمحاولة تأسيس هذا الحزب"، وتساءلت في استنكار "من؟ ومتى؟ وكيف حدث هذا؟"، مشيرة إلى أن هذا الغموض دفع بمسلمي بلغاريا إلى استقبال هذا الخبر بشيء من التوجس والحذر. وأبدت هذه المصادر استغرابها من أنباء العزم على تأسيس هذا الحزب؛ نظرا لأن "الدستور البلغاري يمنع تأسيس أي حزب سياسي يقوم على أساس ديني أو عرقي"، مبدية توجسها من الآثار السلبية التي قد تعود على المسلمين من جراء تأسيسه. حماسة تفتقد الخبرة "حسين عودة"، وهو ناشط إسلامي بلغاري من أصل فلسطيني، أبدى هو الآخر استغرابه من سماع أخبار العزم على تأسيس حزب إسلامي، ورأى أن السلطات الرسمية ربما لا تسمح بتسجيله بحجة تعارضه مع الدستور البلغاري الذي يمنع تأسيس أحزاب على أساس ديني أو عرقي. وفي حوار عبر الهاتف مع "إسلام أون لاين.نت" أشار عودة، الذي يعمل مديرا لمؤسسة طيبة الخيرية في بلغاريا، أنه يعرف جيدا الأخوين اللذين يقودان مساعي تأسيس الحزب الجديد، مثنيا على سلوكهما وتدينهما، لكنه انتقد الأسلوب الذي يتبعانه في العمل العام. وقال: "من يريد أن يعمل في الحقل السياسي ويسعى لتأسيس حزب سياسي، لابد له أولا من فقه الواقع الذي يعيش فيه وعدم الزج بالمسلمين بمغامرات غير مدروسة؛ لأن ذلك سيزيد من حدة التوتر بين المسلمين ومواطنيهم المسيحيين، خاصة أن بعض الأحزاب القومية ووسائل الإعلام تستخدم مثل هذه الحالات للتحريض على الإسلام والمسلمين". ورأى أن الحزب المزمع تأسيسه "لا يملك كوادر محلية يقوم عليها ويعتمد عليها في تنفيذ برامجه التي سوف يتقدم بها إلى المجتمع". ولفت إلى أن الأخوين المؤسسين للحزب سبق لهما أن تسببا في ضجة سابقة استفزت وسائل الإعلام والجهات الرسمية حينما قاما بتأسيس مؤسسة خيرية باسم الهلال الأحمر ووضعا لها شعار حمل رمز الهلال. وأضاف أن هذه الضجة "لم تهدأ إلا بعد أن اضطر الأخوين للتراجع وإضافة رمز الصليب بجانب الهلال بناء على نصائح شخصيات مسلمة"، وهو ما دفع عودة إلى التأكيد على أن الأهداف النبيلة التي يسعى لها الأخوان "لن يكتب لها النجاح ما ظلت حماسة هذين الأخوين تفتقد للخبرة بالواقع المحيط، وتنقصهما الحكمة في التعامل معه والأخذ في الاعتبار عدم استفزاز المجتمع المحيط". وردا على تصريحات بعض الأوساط الإسلامية بعدم الحاجة فعليا إلى حزب إسلامي في بلغاريا بحجة وجود حزب "حركة الحقوق والحريات" برئاسة "أحمد دوغان"، الذي يضم في غالبيته بلغاريين مسلمين من ذوي الأصول التركية ومعهم بلغاريون من غير المسلمين، رأى عودة أن الحزب الأخير يحمل توجها علمانيا وليس في أجندته القضايا الإسلامية التي تهم مسلمي بلغاريا. كما أشار إلى أن حزب "حركة الحقوق والحريات" شارك في الائتلاف الحكومي على مدار دورتين كاملتين خلال السنوات الثماني الماضية؛ لكنه خسر الانتخابات الأخيرة قبل نحو شهر وخرج من الائتلاف الحكومي البلغاري. لا تخدم المشروع الإسلامي الرئيس السابق لجمعية "الاتحاد الإسلامي للتنمية والثقافة" في بلغاريا، "عارف عبد الله"، رأى من جانبه أن خطوة تأسيس هذه الحزب "لا تخدم المشروع الإسلامي لمسلمي بلغاريا في الوقت الراهن"، رغم تأكيده أنه من أشد المؤيدين لمبدأ "إطلاق الحريات لجميع الأديان في تأسيس أحزاب تمثلها وتعبر عن قيمها". وفي اتصال هاتفي ل"إسلام أون لاين.نت"، اعتبر عبد الله أن هذه الخطوة من قبل علي ويازير يوزيروف "خطوة مستعجلة وغير مدروسة وتمثل مغامرة؛ نظرا لأنهما غير معروفين في الحقل الدعوي الإسلامي في بلغاريا، كما أنهما يفتقدان للشعبية التي تثق فيهما وتقف بجانبهما في أي انتخابات قادمة". وأوضح قائلا: "علي ويازير يوزيروف كانا يقيمان في الأصل في بلجيكا؛ ثم عادا مؤخرا إلى بلغاريا؛ حيث أسسا جمعية الهلال الأحمر في بلغاريا، والتي أثارت ضجة السلطات الرسمية؛ ثم قاما بهذه الخطوة التي فوجئ بها الجميع وفيهم مسلمو بلغاريا أنفسهم". احتراما للقيم ورغم كل الانتقادات والمخاوف السابقة أعلن مؤسسا الحزب عزمهما المضي قدما في إجراءات تأسيس الحزب. ورد "علي يوزورف" على انتقادات البعض لاتخاذه خطوات نحو تأسيس الحزب الجديد، نافيا في تصريحات خاصة ل"إسلام أون لاين.نت" عزمه تأسيس حزب يقوم على أساس إسلامي وهو ما يتعارض مع الدستور، مشيرا إلى أن الحزب يحترم القيم الأخلاقية التي تشترك فيها جميع الديانات وفيها الإسلام. وبرر اختيار اسم إسلامي للحزب، قائلا: "الاسم الإسلامي في التسمية لا يعني أن هذا الحزب هو حزب إسلامي بلوائحه ونظامه الداخلي؛ ولكن سيكون مثل (الحزب الديمقراطي المسيحي) المرخص في بلغاريا، أي نقصد بالتسمية احترام القيم الإسلامية، مثل هذا الحزب المسيحي الآخر الذي أعلن أنه يحترم القيم المسيحية". وأكد علي يوزورف أن كل شخص مسلم أو غير مسلم يمكنه أن يصبح عضوا في هذا التنظيم السياسي الجديد ما دام يلتزم بالمعايير الأخلاقية التي تدعو لها الديانات السماوية المختلفة وفيها الإسلام، موضحا أن الحزب السياسي الجديد من شأنه الدفاع عن حقوق جميع المواطنين البلغار ومنها حقوق المسلمين. وردا على استفسار: ماذا لو تم رفض طلبه لتأسيس الحزب؟ قال: "سنناضل بكل الوسائل للحصول على الترخيص من خلال المحاكم البلغارية والأوروبية والدولية". مسلمو بلغاريا وتعد بلغاريا إحدى دول منطقة البلقان، وتبلغ مساحتها نحو 111 ألف كيلو متر مربع؛ ويبلغ عدد سكانها حوالي سبعة ملايين ونصف المليون نسمة؛ ويشكل العرق البلغاري الغالبية بنسبة 84%؛ يليهم الأتراك بنسبة 9.5%، ثم الروما (الغجر) بنسبة 4.6%؛ بينما تشكل العرقيات الأخرى نسبة 2%. وتصل نسبة مسلمي بلغاريا بحسب الإحصائيات الرسمية حوالي 12% من تعداد السكان، بينما تقدر مصادر في دار الإفتاء الإسلامية ببلغاريا نسبتهم بنحو 20%. وينتمي مسلمو بلغاريا إلى ثلاث عرقيات رئيسية هي: الأتراك ومعهم التتار ويشكلون نحو 61% من إجمالي تعداد المسلمين، ويتمركزون في الشمال على الحدود مع اليونان، وفي الشرق بمحاذاة الساحل الغربي للبحر الأسود، وفي الجنوب الشرقي على الحدود مع تركيا. ويقطن البوماك، وهم من سكان البلد الأصليين، مرتفعات رودوب في الجنوب على الحدود مع اليونان، وتبلغ نسبتهم حوالي 22%، أما الغجر، وهم من البدو الرحل، فإن نسبتهم تمثل نحو 17% من مسلمي بلغاريا وينتشرون في مختلف أنحاء بلغاريا. ومن الناحية الاجتماعية والاقتصادية ينتمي مسلمو بلغاريا إلى الطبقات الفقيرة؛ حيث إن غالبيتهم من سكان القرى التي تتمتع بمستوى معيشي منخفض مقارنة بسكان المدن في هذا البلد. هاني صلاح الأحد. أكتوبر. 4, 2009