بعد أزمة الكلاسيكو.. هل سيتم جلب "عين الصقر" إلى الدوري الاسباني؟    آخر ملوك مصر يعود لقصره في الإسكندرية!    قرار جديد من القضاء بشأن بيكيه حول صفقة سعودية لاستضافة السوبر الإسباني    "انصار الله" يعلنون استهداف سفينة ومدمرة أمريكيتين وسفينة صهيونية    قيس سعيد يستقبل رئيس المجلس الوطني للجهات والأقاليم    قيس سعيد: الإخلاص للوطن ليس شعارا يُرفع والثورة ليست مجرّد ذكرى    ل 4 أشهر إضافية:تمديد الإيقاف التحفظي في حقّ وديع الجريء    جهّزوا مفاجآت للاحتلال: الفلسطينيون باقون في رفح    اتحاد الفلاحة ينفي ما يروج حول وصول اسعار الاضاحي الى الفي دينار    ماذا في لقاء رئيس الجمهورية بوزيرة الاقتصاد والتخطيط؟    أخبار النادي الصفاقسي .. الكوكي متفائل و10 لاعبين يتهدّدهم الابعاد    القبض على شخص يعمد الى نزع أدباشه والتجاهر بالفحش أمام أحد المبيتات الجامعية..    في معرض الكتاب .. «محمود الماطري رائد تونس الحديثة».. كتاب يكشف حقائق مغيبة من تاريخ الحركة الوطنية    تعزيز الشراكة مع النرويج    بداية من الغد: الخطوط التونسية تغير برنامج 16 رحلة من وإلى فرنسا    وفد من مجلس نواب الشعب يزور معرض تونس الدولي للكتاب    المرسى: القبض على مروج مخدرات بمحيط إحدى المدارس الإعدادية    منوبة: الاحتفاظ بأحد الأطراف الرئيسية الضالعة في أحداث الشغب بالمنيهلة والتضامن    دوري أبطال إفريقيا: الترجي في مواجهة لصنداونز الجنوب إفريقي ...التفاصيل    هذه كلفة إنجاز الربط الكهربائي مع إيطاليا    الليلة: طقس بارد مع تواصل الرياح القوية    انتخابات الجامعة: قبول قائمتي بن تقيّة والتلمساني ورفض قائمة جليّل    QNB تونس يحسّن مؤشرات آداءه خلال سنة 2023    اكتشاف آثار لأنفلونزا الطيور في حليب كامل الدسم بأمريكا    تسليم عقود تمويل المشاريع لفائدة 17 من الباعثين الشبان بالقيروان والمهدية    رئيس الحكومة يدعو الى متابعة نتائج مشاركة تونس في اجتماعات الربيع لسنة 2024    هذه الولاية الأمريكيّة تسمح للمعلمين بحمل الأسلحة!    الاغتصاب وتحويل وجهة فتاة من بين القضايا.. إيقاف شخص صادرة ضده أحكام بالسجن تفوق 21 سنة    فيديو صعود مواطنين للمترو عبر بلّور الباب المكسور: شركة نقل تونس توضّح    تراوحت بين 31 و26 ميلمتر : كميات هامة من الامطار خلال 24 ساعة الماضية    مركز النهوض بالصادرات ينظم بعثة أعمال إلى روسيا يومي 13 و14 جوان 2024    عاجل/ جيش الاحتلال يتأهّب لمهاجمة رفح قريبا    تونس: نحو إدراج تلاقيح جديدة    سيدي حسين: الاطاحة بمنحرف افتك دراجة نارية تحت التهديد    بنزرت: تفكيك شبكة مختصة في تنظيم عمليات الإبحار خلسة    هوليوود للفيلم العربي : ظافر العابدين يتحصل على جائزتيْن عن فيلمه '' إلى ابني''    ممثل تركي ينتقم : يشتري مدرسته و يهدمها لأنه تعرض للضرب داخل فصولها    باجة: وفاة كهل في حادث مرور    نابل: الكشف عن المتورطين في سرقة مؤسسة سياحية    اسناد امتياز استغلال المحروقات "سيدي الكيلاني" لفائدة المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية    عاجل/ هجوم جديد للحوثيين في البحر الأحمر..    أنس جابر تواجه السلوفاكية أنا كارولينا...متى و أين ؟    كأس إيطاليا: يوفنتوس يتأهل إلى النهائي رغم خسارته امام لاتسيو    المنستير: افتتاح الدورة السادسة لمهرجان تونس التراث بالمبيت الجامعي الإمام المازري    نحو المزيد تفعيل المنظومة الذكية للتصرف الآلي في ميناء رادس    فاطمة المسدي: 'إزالة مخيّمات المهاجرين الأفارقة ليست حلًّا للمشكل الحقيقي'    تحذير صارم من واشنطن إلى 'تيك توك': طلاق مع بكين أو الحظر!    في أول مقابلة لها بعد تشخيص إصابتها به: سيلين ديون تتحدث عن مرضها    الناشرون يدعون إلى التمديد في فترة معرض الكتاب ويطالبون بتكثيف الحملات الدعائية لاستقطاب الزوار    وزارة المرأة تنظم ندوة علميّة حول دور الكتاب في فك العزلة عن المسن    دراسة تكشف عن خطر يسمم مدينة بيروت    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    أولا وأخيرا .. الله الله الله الله    فيروسات ، جوع وتصحّر .. كيف سنواجه بيئتنا «المريضة»؟    جندوبة: السيطرة على إصابات بمرض الجرب في صفوف تلاميذ    مصر: غرق حفيد داعية إسلامي مشهور في نهر النيل    بعد الجرائم المتكررة في حقه ...إذا سقطت هيبة المعلم، سقطت هيبة التعليم !    خالد الرجبي مؤسس tunisie booking في ذمة الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفجرنيوز تستضيف رئيس حزب المؤتمر من أجل الجمهورية د. منصف المرزقي
نشر في الفجر نيوز يوم 12 - 11 - 2009

الصورة من حوار سابق لم ينشر بسبب خلل في التسجيل ( من اليمين الى اليسار:الحبيب لعماري د . منصف المرزوقي )"الفجرنيوز"
الدكتور منصف المرزوقي حقوقي وباحث وكاتب ومعارض سياسي تونسي بارز، هو غني عن التعريف لمواقفه المختلفة وحضوره المتميز
هذا الحوار مع د.منصف المرزوقي هو حلقة جديدة من هذه السلسلة من الحوارات التي تجريها «الفجرنيوز» وتعدكم انها ستواصل هذا النهج من التنوع والاستقلالية فهي منبرا مفتوحا لكل المناضلين .
------------------------------------------------------------------------
السلطة خرجت من "الانتخابات"مهيضة الجانب فاقدة أكثر من أي وقت مضى لكل هيبة نزفت آخر قطرة من الشرعية
كل الأطراف الضالعة في هذا النظام الإجرامي مرتبطة ببعضها البعض وستقاوم لآخر رمق للحفاظ على مصالحها
فشل مشروع جبهة للتحرير الوطني نتيجة شلل النهضة والصراع القائم منذ سنوات داخلها بين تيارين متناقضين وبسبب حسابات الديمقراطي التقدمي الشخصية والحزبية.
قيادة المؤتمر المقبلة هي التي ستقرّر مع من وكيف يجب بناء جبهة حقيقية ضد الدكتاتورية
لا شيء ينتظر من الأحزاب والأشخاص الموجودين حاليا على الساحة.هذا جيل انتهت مهمته وأساليب انتهت صلوحيتها
من هنا إلى بداية السنة المقبلة سأتخذ قراري بإعادة التموقع على خارطة النضال من أجل الاستقلال الثاني لتونس.
مستقبل تونس: تغيير الدستور ، الرئاسة مدى الحياة ، تزايد القمع ، تعفن الوضع الاجتماعي والاقتصادي ، تململ متزايد للشباب والشعب وربما انفجارات
والان الى تفاصيل الحوار:
الدكتور منصف المرزقي مرحبا بكم في جريدة الفجرنيوز بادئ ذي بدء لو طلبنا منكم تقييم " الانتخابات " الأخيرة ؟
خرجت منها السلطة مهيضة الجانب فاقدة أكثر من أي وقت مضى لكل هيبة نزفت آخر قطرة من الشرعية ، صارت مسخرة الداخل وحتى الخارج ، تعرّت ، انفضحت بالكامل ، الملك عاري كما يقول المثل الفرنسي ، ومن ثم عصبية الدكتاتور وتهديداته والشراسة التي أظهرها تجاه عبد الرءوف العيادي وحمة الهمامي وتوفيق بن بريك وسليم بوخذير وكل الأبطال الآخرين.
أن تكون لدينا فكرة واضحة عن طبيعة النظام القائم على أعناق التونسيين. النواة هي عصابات حق عام سيكشف المستقبل كم من جرائم اقترفت سواء كانت جرائم سرقة المال العمومي أو التعدي على الحرمات والأرزاق أو قتل الناس تحت التعذيب أو تحويل وجهة القضاء والشرطة والجمارك.
هذه النواة الإجرامية بحاجة لغطاء سياسي توفره ما تسمونه أحزاب المحاصصة ومنها التجديد.غريب أمر هذا الحزب الذي يقبل أن يكون جزءا من واجهة الديكور ومن يلقي الحجر عليه وأغرب منه الذين عاضدوه في المهزلة الأخيرة من الديمقراطيين الذين تناسوا أن له " بتيندا" من طرف الدكتاتورية أنه تلقى 130 ألف دينار لحملته الانتخابية الأخيرة، أنه قبل ولا يزال بوجود ممثلين له انتحلا مع كل الآخرين صفة ممثلي الشعب وهم معينين من البوليس السياسي. صحيح أن بدوي جلف مثلي غير قادر على فهم العمق السياسي والمناورات الذكية والرؤيا الستراتجية الثاقبة لهؤلاء الناس.
بجانب هذا الغطاء هناك كل التشريع الفكري والدعاية التي يقوم بها مثقفون مرتزقة هم أيضا جزء من النظام الذي يجب تفكيكه غدا ومحاسبة كل من ساهموا فيه.
كل الأطراف الضالعة في هذا النظام الإجرامي مرتبطة ببعضها البعض وستقاوم لآخر رمق للحفاظ على مصالحها ووجودها والسذاجة كل السذاجة تصور إمكانية تسليم مثل هذا النظام للسلطة وهي ضمانه الأوحد ضد عدم المحاسبة.
الفجرنيوز: وصف اخيرا رئيس احد احزاب الديكور بعض المعارضة بالطابور الخامس والحركيون الجدد كيف تردون على هذا القول؟
هل هناك عاقل يعطي قيمة لما يقوله شخص كهذا ؟
الفجرنيوز: ما تقييمكم لدور المعارضة في هذه الحملة الأخيرة ، نقصد المعارضة الحقيقية؟
لا أذيع سرا إن قلت أن المؤتمر سعى طوال الصيف لكي يعقد في جنيف مؤتمر للمعارضة ينتهي بندوة صحفية للأربعة أحزاب الرافضة للمهزلة أي المؤتمر وحزب العمال والنهضة والديمقراطي التقدمي تعلن فيها المقاطعة بصفة جلية وتدعو لتنظيمها وتكون نقطة انطلاق جبهة للتحرير الوطني . فشل المشروع نتيجة شلل النهضة والصراع القائم منذ سنوات داخلها بين تيارين متناقضين وبسبب حسابات الديمقراطي التقدمي الشخصية والحزبية.. عملية اغتصاب لسيادة الشعب من طرف نظام مهزوز وفي آخر مراحله وما تسمي نفسها معارضة عاجزة عن الحد الأدنى المطلوب منها أي التقدم بالبدائل والاستعداد لها !!!!..
الفجرنيوز: هل يعني هذا نهاية الأمل في كل عمل موحد وماذا يستطيع المؤتمر من أجل الجمهورية أن يفعل وحده ؟
قيادة المؤتمر المقبلة هي التي ستقرّر مع من وكيف يجب بناء جبهة حقيقية ضد الدكتاتورية . فيما يخصني شخصيا أقول وأردّد حتى ولو بعض قيادي المؤتمر لا يوافقوني الرأي ، أنه لا شيء ينتظر من الأحزاب والأشخاص الموجودين حاليا على الساحة.
هذا جيل انتهت مهمته وأساليب انتهت صلوحيتها . ومن ثم قراري من هنا إلى بداية السنة المقبلة بإعادة التموقع على خارطة النضال من أجل الاستقلال الثاني لتونس.
الفجرنيوز: ماذا عن حزب المؤتمر من أجل الجمهورية وهل يصنف في اليمين أو في اليسار أو في الوسط؟
كل هذه المصطلحات لا تنطبق إلا على فرنسا الستينات . قاد اليسار سياسة يمينية واليمين هو من عيّن وزراء من أصل إفريقي وعربي.
المؤتمر لا يفهم دون العودة لمنتصف التسعينات عندما دمر الدكتاتور كل مؤسسات المجتمع المدني .وخصوصا الرابطة والاتحاد واصطنع أحزابه . يومها قلت لكل من حولي هذا الدكتاتور الذي لا يقرأ يتصور لأنه لا يعرف التاريخ أن بوسع البوليس السياسي تأطير المجتمع المدني وهو لا يستطيع إلا عرقلته. آذاك بدأنا أنا ومجموعة تعدّ على الأصابع مشروع إعادة بناء المجتمع المدني عبر خلق منظمة حقوقية جديدة هي المجلس الوطني للحريات ومنظمة كتّاب هي الرابطة التونسية للكتاب الأحرار وحتى مشروع نقابة جديدة وبالطبع حركة سياسية . كنت ضد تسميتها حزبا لقناعتي أنه لا وجود لحزب معارضة تحت دكتاتورية إلا حزبا سريا وهو ما كنا نرفضه أو حزب مدجن وكنا نرفض هذا أكثر. كنت أقول أن وضع قواعد وقوائم لن يكون إلا تقديم الناس للمجزرة كما حدث مع النهضة. هكذا أخذ القرار بأن يتشكل المؤتمر كحركة سياسية علنية تمثل مواقف وقيم تتحمل مسؤولية الدفاع عنها في نظام دكتاتوري مجموعة قادرة على مواجهة التعسف ومهمتها بعث وتطوير شبكة صداقات يمكن استثمارها عندما يأتي وقت التنظيم . وفعلا هذا ما حصل وتعرفون ما حصل لي وللعيادي ومعطر وام زياد وعبو وبوخذير. هذه المجموعة على قلتها المسنودة بتعاطف كبير من داخل كل التنظيمات والأحزاب وخاصة الشباب تبذر لحركة وطنية جديدة تتجاوزها ولا تخطط لكي تكون الحزب القائد. نحن الحركة الوحيدة التي تسعى للذوبان لا للتفرد والامتياز. ما يهمنا هو خلق جبهة مقاومة مدنية لسنا فيها إلا الخميرة. أما فكر هذا الحركة فهو مضمن في أدبياتها على موقعها وهو نقلة نوعية في تفكير سياسي ضحل لا زال يتحرك داخل منظومة الجزب البورقيبي او اللينيني دون أن يأخذ بعين الاعتبار التحولات الجوهرية للفعل السياسي وللمطلب السياسي من قبل مجتمع ملّ
الفجرنيوز: يتردد بعض المعارضين المستقلين من هنا وهناك في مساندة حزبكم نظرا لارتفاع سقف خطابكم وعدم يقينهم انه لن يحصل لهم ما حصل لو وصلتم الى الحكم ما هو تعليقكم على هذا؟
غريب حكاية السقف هذه . في الطب أنت تنصح مريض بالسكري بالحمية أو بالحبوب أو بالحقن أو ببتر الساق لا حسب مزاجك وإنما حسب ما تقتضيه حالة المريض. الأمر كذلك في السياسة بمفهومها النبيل. ما الذي يقتضيه وضع تونس اليوم ؟ . هو طبعا وضع حد للقمع ...للفساد...للتزييف...لانهيار القيم والمؤسسات . كيف؟ طبعا بإنهاء هذا النظام وقد اتضح أن بن علي يكذب علينا بصفاقة منقطعة النظير وهو يتحدث عن المسار الديمقراطي والحال أنه وضعنا منذ عشرين سنة على مسار استبدادي نحن الآن في آخر مراحله. هم جربوا سقف المشاركة والمشاركة النقدية وتسول الإصلاح وأداروا خدهم الأيسر ألف مرة بعد لطم النظام ألفين مرة خدهم الأيمن ولا يستحون من الحديث عن السقف العالي للمؤتمر للتغطية على العجز والجبن. لا، سقف المؤتمر ليس لا عالي ولا هابط . هو الردّ الملائم على تطرف السلطة وعدم قابليتها للإصلاح . ويوم تكون هناك سلطة وطنية تقبل بالصلح والإصلاح والمصالحة شريطة أن لا يكون وراء الكلمات تمويه وخداع فسنكون أكبر المعتدلين ، لا لأننا معتدلون بالطبع أو متشددون بالغريزة وإنما لأن الوضع هو الذي سيفرض علينا الاعتدال وسنقبل به لأننا واقعيون.
ما لا يفهمه الكثير أنه لا التشدد رذيلة ولا الاعتدال فضيلة وإنما الفضيلة أن تكون متشددا أين يجب أن تكون متشددا ومعتدلا وقت الاعتدال ...والرذيلة أن تكون " معتدلا" في وضع كهذا وغدا متشددا في وضع يتطلب من الجميع قدرا كبيرا من المرونة والحكمة.
الفجرنيوز: هل تعتقد ان المعارضة التونسية الحقيقية والتي اكتوت ولا زالت من فقدان الحرية والاستبداد والانفراد بالراي قادرة على ان تبني مجتمع يسوده العدل والحق واحترام حقوق الانسان والسماح للراي والراي الاخر قولا وفعلا ؟
نعم بالتأكيد المشكلة أن هذه المعارضة لن تصل أبدا السلطة وهي لم تتجاوز منطق الاحتجاج والتسول ولا تريد أن تفهم طبيعة النظام الذي تحارب. الأمل الوحيد لتونس في جيل جديد من السياسيين يقطع مع الجيل القديم يتوجه للشعب لا للنظام ويؤطر المقاومة المدنية ويقود معركة الاستقلال الثاني والهدف استئصال الاستبداد من جذوره وإعلان الجمهورية وإرساء النظام الديمقراطي دون أي مهادنة مع أصحاب التطور الديمقراطي والمسار الديمقراطي والخطوة وخطوة وكلها شعارات يبيعها خبثاء لأغبياء وجبناء.
الفجرنيوز: كيف ترون مستقبل تونس في القريب العاجل؟
تغيير الدستور ، الرئاسة مدى الحياة ، تزايد القمع ، تعفن الوضع الاجتماعي والاقتصادي ، تململ متزايد للشباب والشعب وربما انفجارات كالتي حدثت في الحوض المنجمي ،عمليات إرهاب يقودها البوليس السياسي لمزيد من التعفين ، صراع على السلطة وراء الستار بين العصابات وبين كبار الضباط في الجيش والبوليس ، تمخض الوضع عن منقذ جديد من صلب المؤسسة وأولى مهامه امتصاص جيوب الغضب وإبقاء الوضع على ما هو عليه ، تسارع جماعة سبّق الخير في المعارضة " المعتدلة" للمناصب الوزارية ، انفراج مؤقت وعودة المسلسل لعشرية أخرى من الاستبداد المقنع يحفظ كل مكتسبات النظام البوليسي ومصالح العصابة المنتصرة على العصابة الأخرى – الأرجح عصابة ليلى واخوتها التي ستقدم ككبش فداء لكل النظام الفاسد....كل هذا سيقع اللهم إلا وجدوا جبهة مقاومة وطنية تقول كفى وتستطيع أن تفرض الإصلاحات التي يعدونا بها منذ نصف قرن.
الفجرنيوز: شهدت بعض الاقطار العربية والاسلامية وصول الحركات الاسلامية الى البرلمان او الى ادارة الحكومة كما هو الحال في تركيا وغيرها كيف ترون هذا الامر وهل انتم مع الاعتراف بالحركات الاسلامية في العمل السياسي؟
طالبت حين كان الأمر من قبيل المحظورات بالاعتراف بحق الإسلاميين في التواجد السياسي وحتى في إدارة البلاد إذا أعطاهم الشعب السلطة وبقوا في إطار المنظومة الديمقراطية . لكن لا يجب أن نقارن الوضع في تركيا حيث وصلت حركة إسلامية للسلطة بصفة مستقلة بدخولية أحزاب إسلامية لبرلمانات الدكتاتورية في كثير من الأقطار العربية . بقدر ما يثمّن المرء ستراتجية الأتراك بقدر ما يجب أن ندين لعبة الإسلاميين العرب لأنهم خلافا لما يدعون وبتمام المعرفة هم يخدمون النظام الذي يستخدمهم.
الفجرنيوز: فلسطين جرح الامة النازف والقضية المنسية وبعد نجاح العدو في جعل الصارع فلسطيني فلسطيني كما نجح من قبل في توسيع وتثبيت دول الحصار ما هو مستقبل حوار الفصائل الفلسطينية والقضية الام برمتها؟
ما يجري في فلسطين كارثة بأتم معنى الكلمة. لكن من العبث تناولها بمفردها . انهيار القضية جزء من الانهيار العربي الشامل وهذا الانهيار هو بفعل نظام سياسي واقتصادي واجتماعي وثقافي انتهت صلوحيته . الخيار لهذه الأمة وللفلسطينيين أكثر من أي وقت مضى هو رهان وجود : نكون أو لا نكون. ولأننا أمة كبرى وإن كنا في الحضيض الآن، فلن نقبل بالاندثار ولن نندثر. سنصل القاع وسنحفر بأظافرنا لمزيد منه ، لكن في آخر المطاف ستجد فينا قوى الحياة والتعافي طريقها لذلك فإنني أتوقع في العشريتين المقبلتين ثورات عارمة ستعيد صياغة كل المعطيات وقد أصبح التعامل مع الجزئيات أمر تجاوزه الوضع.
الفجرنيوز: مرت الان سنة على وصول الرئيس براك اوباما الي الحكم ولم يحقق شيئاً من وعوده وكل يوم تتكبد فيه قواته خسائر كبيرة في المستنقع العراقي والافغاني كيف ترون الامر؟
أمريكا لا يحكمها شخص كما هو الحال عندنا. أمريكا محكومة بمصالح ستراتجية ومؤسسات المعروفة منها والمخفية. كان من السذاجة منذ البداية توقع ثورة في سياسة أمريكا تجاه العالمين العربي والإسلامي . يبقى مع هذا أن خطاب أوباما في القاهرة كان إيجابيا وخفف كثيرا من الاحتقان . هذا أقصى ما يقدر عليه الرجل. شخصيا لا أنتظر منه إلا أن يمكن 50 مليون أمريكي من الضمان الاجتماعي وهذا سيكون نصر كبير له وبالنسبة لي كطبيب صحة عمومية أمر مهمّ . أما سياسة أمريكا الخارجية فلن تتغير شعرة ويجب أن نستعدّ لذلك
الفجرنيوز: ماهي أهم ثلاثة كتب تودون ان تكون دائما في كل بيت ؟
القرآن- بلا حواشي ومفسرين وكتب صفراء حوله - وطبائع الاستبداد للكواكبي والتقرير الأخير لبرنامج الأمم المتحدة للتنمية في العالم العربي.
الفجرنيوز: أهم ثلاثة أشياء تفضلون / وثلاثة تكرهون اصطحابها معكم لو كنتم محبوسين في جزيرة ؟
الجحيم في مثل هذه الجزيرة ألا أجد إلا بيان 38 أكتوبر ونسخة من جريدة لابراس وتلفزيون ليس فيه إلا تونس 7 الانتحار مؤكد . لانتظار بعثة الإنقاذ في أحسن الظروف - بعد وجود الماء والثمار الكفيلة بجعل الانتظار ذو معنى- فبالتأكيد ديوان المتنبي والسمفونية التاسعة لبتهوفن ورقعة شطرنج
الفجرنيوز: لو كان بإستطاعتكم العيش في أي زمن من التاريخ , أي الأزمان ستختارون؟
الماضي مرفوض لأنني لا أتصور نفسي أعيش في زمن بلا طبيب أسنان. المستقبل مرفوض وقد انتهت خرافة التقدم الحتمي . لم يبق إلا الحاضر بتعاساته والعاقل لا يترك ما يعرف من أجل ما يتخيّل .حتى بالنسبة للزمان يمكن أن نقول شدّ مشومك وهل ثمة أشأم من هذا الزمان؟
الفجرنيوز: أهم كتاب قرأتموه وتنصحون بإقتنائه؟
كتاب بالإنجليزية لكاتب أمريكي أعجب به كثيرا وقرأت بنهم كل ما كتب هو Jared Diamond والكتاب هو Collapses – How societies choose to fail or survive.
إنه كتاب رهيب لأنه دراسة ميدانية معمقة لأسباب انقراض المجتمعات والحضارات مثل حضارات أمريكا الوسطى قبل الغزو الإسباني أو مجتمعات جزيرة الفصح في الهادي أو جزيرةGroenland. ويظهر الكاتب ببراعة كيف أن العالم المعاصر يعيش أزمات شبيهة بالتي عرفتها هذه المجتمعات مثل تدمير البيئة والتكاثر السكاني. إنه كتاب للقراءة للنظر للسياسة والمجتمعات من أعلى القمم وليس من الحضيض كما هو حالنا اليوم .
ما هي الكتابات السياسية التي تشتغلون عليها ؟
أكره شيئا قدر الكتابة في الشأن السياسي وخاصة التونسي. عندما تنظر لأساليب السلطة واستعمالها لأخس الوسائل من ضرب حمة إلى توزيع الكاسيتات البرنوغرافية ضد زوج أم زياد إلى رمي امرأة على توفيق بن بريك مثل ما فعلوا معي ومع سليم بوخذير تقول حتى معارضة هؤلاء الناس" تطييح قدر".
من حسن الحظ أن هناك الميادين الفكرية الأخرى التي تمكنني من العيش على الأقل في الفضاء الروحي في جوّ نقي ومنعش. وللردّ على سؤالكم يسعدني أن أقول لقرائي أن النسخة الأخيرة ل"كتاب الرحلة "وهو أهم ما كتبت على الإطلاق طيلة الربع قرن الأخير موجود على موقعي www.moncefmarzouki.com.هذا المؤلف أخذ بالضبط 15 سنة كتابة ووضعت فيه كل تجربتي للحياة . وابتداء من هذا الشهر بدأت أواجه مشروعا آخر أضخم هو "كتاب الصحة" الذي أجمع مواده منذ عشرين سنة عبر العمل الميداني وجمع الوثائق وأطمح أن يكون مساهمة متواضعة في الفكر الطبي العربي
- ما عدا هذا في ماذا تفضلون قضاء وقتكم
- المشي خاصة في غابات الخريف ...الموسيقى خاصة روائع باخ وموزار وبتهوفن وفيروز والشيخ إمام ...اللعب مع حفيدتيّ عزّة وهناء. ما علمتني إياه الحياة أن المرء حتى وهو في أعمق الأزمات قادر على أن يجد في محيطه ما يشحن به بطارياته وما يجعله يتواصل بالحدّ الأدنى من السعادة وصفاء الذهن والروح شريطة ألا يتدلّل كثيرا على العالم وأن يفهم أن أهمّ الأمور ليست ما يجري وراءها وإنما التي لا يلتفت إليها .
الفجرنيوز: لو كان بإستطاعتكم إعادة عقارب الزمن الى الوراء هل ستقومون بتغيير أي شيء قمتم به ؟
لا شيء باستثناء الولادة . أن يولد الإنسان في هذا العصر عربيا وفقيرا وفي بلد كتونس تهوّر ما بعده تهوّر. ما يبرئ ساحتي أنها لم تكن مسؤوليتي وأنني لم أكف لحظة عن تدارك كل العواقب .
الفجرنيوز: في الاخير وبعد ان نشكركم لاتساع صدركم وقبول اجراء هذا الحوار معكم نترك لكم كلمة اخيرة تودون توجيهها عبر جريدة الفجرنيوز؟
ما أردده منذ التسعينات: حقوقنا نمارسها ولا نطالب بها ، ارفعوا رؤوسكم ، لا خوف بعد اليوم ، ولا بدّ لليل أن ينجلي ...ربما كلمة أخيرة أو شعار آخر: لا تيأسوا أبدا لا من بلدكم ولا من أهلكم ولا من أنفسكم وإلا كونوا آخر من ييأس ويلقي السلاح .تذكروا حكم الأمة والشعب "وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر" أو " ما يبقى في الواد كان حجره" فكونوا البدر والحجر .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.