مقترح قانون لتنقيح قانون الإبلاغ عن الفساد وحماية المبلّغين    وزير السياحة يؤدي زيارة إلى ولاية جندوبة    بطولة برلين للتنس: انس جابر تودع مسابقة الفردي بعد الهزيمة في ربع النهائي امام التشيكية ماركيتا فوندروسوفا 2-صفر    عاجل/ العامرة: إزالة خامس مخيّم للمهاجرين يضم 1500 شخصا    منصّة "نجدة" تساعد في انقاذ 5 مرضى من جلطات حادّة.. #خبر_عاجل    خبير يوضح: الأمطار تفرح الزياتين وتقلق الحصاد... هذا ما ينتظرنا في قادم الأيام    منتدى الحقوق الاقتصادية يطالب بإصلاح المنظومة القانونية وإيجاد بدائل إيواء آمنة تحفظ كرامة اللاجئين وطالبي اللجوء    بداية من 172 ألف دينار : Cupra Terramar أخيرا في تونس ....كل ما تريد معرفته    عاجل: القلق الإسرائيلي يتصاعد بسبب تأجيل القرار الأميركي بشأن الحرب على إيران    عاجل: اتحاد الشغل يطالب بفتح مفاوضات اجتماعية جديدة في القطاعين العام والوظيفة العمومية    البريمرليغ: "محمد صلاح" ضمن قائمة المرشحين لجائزة أفضل لاعب    المنتخب التونسي للكرة الطائرة يختم تربصه بإيطاليا بهزيمة ضد المنتخب الايطالي الرديف 3-1    مواعيد كأس العالم للأندية اليوم بتوقيت تونس: مواجهات نارية وأمل كبير للترجي    وزير الإقتصاد في المنتدى الإقتصادى الدولي بسان بيترسبورغ.    الحماية المدنية: 552 تدخلا منها 98 لإطفاء حرائق خلال ال 24 ساعة الماضية    عودة التقلّبات الجوّية في تونس في ''عزّ الصيف'': الأسباب    ''مرة الصباح مرة ظهر''.. كيف يتغيّر توقيت اعلان نتيجة الباكالوريا عبر السنوات وما المنتظر في 2025؟    "ليني أفريكو" لمروان لبيب يفوز بجائزة أفضل إخراج ضمن الدورة 13 للمهرجان الدولي للفيلم بالداخلة    من مكة إلى المدينة... لماذا يحتفل التونسيون برأس السنة الهجرية؟    بلومبيرغ: إيران تخترق كاميرات المراقبة المنزلية للتجسّس داخل إسرائيل    كاس العالم للاندية : ريال مدريد يعلن خروج مبابي من المستشفى    روسيا تحذّر أمريكا: "لا تعبثوا بالنار النووية"    عامان سجناً لمعتمد سابق و15 سنة سجناً لنائب سابق بالبرلمان المنحل    عاجل/ عقوبة سجنية ثقيلة ضد الصّحبي عتيق في قضية غسيل أموال    صاروخ إيراني يضرب بئر السبع وفشل تام للقبة الحديدية...''شنو صار''؟    طقس اليوم: أمطار بهذه المناطق والحرارة في ارتفاع طفيف    ''التوانسة'' على موعد مع موجة حرّ جديدة في هذا التاريخ بعد أمطار جوان الغزيرة    عاجل/ طهران ترفض التفاوض مع واشنطن    كأس العالم للأندية: الترجي الرياضي يواجه الليلة لوس أنجلوس الأمريكي    ميسي يقود إنتر ميامي لفوز مثير على بورتو في كأس العالم للأندية    تقص الدلاع والبطيخ من غير ما تغسلو؟ هاو شنو ينجم يصير لجسمك    ما تستهينش ''بالذبانة''... أنواع تلدغ وتنقل جراثيم خطيرة    100 يوم توريد... احتياطي تونس من العملة الصعبة ( 19 جوان)    عاجل/ سعيّد يكشف: مسؤولون يعطلون تنفيذ عدد من المشاريع لتأجيج الأوضاع    خامنئي: "العدو الصهيوني يتلقى عقابه الآن"    استقبال شعبي كبير في شارع بورقيبة لقافلة الصمود    الأوركسترا السيمفوني التونسي يحتفي بالموسيقى بمناسبة العيد العالمي للموسيقى    بالفيديو: رئيس الجمهورية يشرف على اجتماع مجلس الوزراء...التفاصيل    إيران تطلق موجتين صاروخيتين جديدتين وارتفاع عدد المصابين بإسرائيل    كأس العالم للأندية: أتليتيكو مدريد يلتحق بكوكبة الصدارة..ترتيب المجموعة    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    ملف الأسبوع...ثَمَرَةٌ مِنْ ثَمَرَاتِ تَدَبُّرِ القُرْآنِ الْكَرِيِمِ...وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ    شارع القناص ...فسحة العين والأذن يؤمّنها الهادي السنوسي .. الثقافة وهواة اللقمة الباردة : دعم ومدعوم وما بينهما معدوم.. وأهل الجود والكرم غارقون في «سابع نوم»!    موسم الحبوب: تجميع4.572 مليون قنطار إلى غاية 18 جوان 2025    خطبة الجمعة... ذكر الله في السراء والضراء    وفاة أول مذيعة طقس في العالم عن عمر يناهز 76 عاما    الاستثمارات الاجنبية المباشرة تزيد ب21 بالمائة في 2024 في تونس (تقرير أممي)    أمطار أحيانا غزيرة ليل الخميس    إسناد المتحف العسكري الوطني بمنوبة علامة الجودة "مرحبا " لأول مرة في مجال المتاحف وقطاع الثقافة والتراث    بعد 9 سنوات.. شيرين تعود إلى لقاء جمهور "مهرجان موازين"    اطلاق بطاقات مسبقة الدفع بداية من 22 جوان 2025 لاستخلاص مآوي السيارات بمطار تونس قرطاج الدولي    وفاة 5 أعوان في حادث مرور: الحرس الوطني يكشف التفاصيل.. #خبر_عاجل    الخطوط التونسية: تطور مؤشرات النشاط التجاري خلال أفريل وماي 2025    لجنة الصحة تعقد جلسة استماع حول موضوع تسويق المنتجات الصحية عبر الانترنت    عاجل: أمل جديد لمرضى البروستات في تونس: علاج دون جراحة في مستشفى عمومي    بعد تعرضها للهجوم .. نجوم الفن المصري يدعمون هند صبري بأزمة "قافلة الصمود"    قافلة الصمود تُشعل الجدل: لماذا طُلب ترحيل هند صبري من مصر؟    عاجل : عطلة رأس السنة الهجرية 2025 رسميًا للتونسيين (الموعد والتفاصيل)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قاضي الإرهاب الفرنسي الشهير جون لوي بروغيير:لا حوار مع القاعدة


الإسلاميون لا يملكون شخصيات محورية
حاوره:هادي يحمد
إذا كان "أسامة بن لادن" المطلوب الأول لأجهزة الاستخبارات الغربية فإن "جون لو بروغيير" -وكما يتندر البعض- هو "المطلوب الأول للجهاديين في العالم" ففي "مكتب" في الدائرة الثامنة من العاصمة الفرنسية باريس استقبلنا قاضي فرنسا الأشهر "جون لوي بروغيير" أو "صائد الإرهابيين" كما يسمونه بمناسبة صدور كتابه "ما لم أستطع قوله" (Ce que je n'ai pas pu dire) وهو الكتاب الذي لخص فيه ثلاثين سنة من العمل كرئيس الجهاز القضائي المكلف بمكافحة الإرهاب بفرنسا.
بنظراته الحادة واعتداد مبني على معرفة دقيقة بتفاصيل الحركات الجهادية في العالم لم يتردد "بروغيير" في القول إنه "لا يصدق مراجعات بعض الجماعات الجهادية وتخليهم على العنف".. معتبرا أنه مجرد "تكتيك" وفي هذا الحوار الخاص مع موقع "إسلاميون.نت" يكشف عن سر ما يعتبره "استثناء فرنسيًّا في تجنب العمليات الإرهابية"؛ بالرغم من تأكيده الدائم بالاحتمال القائم لتعرض فرنسا لهجمات، كما يعرج "بروغيير" على ملفات الحرب على الإرهاب في من الجزائر والباكستان وأفغانستان.
وفي ما يلي الحوار كاملا مع "جون لوي بروغيير":
* تقولون إنه ليس من الصدفة أن لا تقع عمليات إرهابية بفرنسا منذ سنة 1996 ( تاريخ آخر تفجير في محطة مترو في باريس ) فما تسمونه "بالاستثناء الفرنسي" مقارنة بغيرها من الدول الغربية هو نتيجة ماذا تحديدا بحسب رأيك؟
- الأكيد أنه نتيجة يقظة كبيرة ونشاط حرفي من قبل الأجهزة الأمنية الفرنسية منذ حوالي خمسة وعشرين سنة وحتى قبل صعود تنظيم القاعدة على مسرح الأحداث وهي يقظة بدأت منذ بداية الحرب الباردة والتي قامت فيها العديد من المنظمات الفلسطينية آنذاك باستهداف الأراضي الفرنسية كالتفجيرات التي قام بها تنظيم "فتح - المجلس الثوري بقيادة أبو نضال" (عملية الحي اليهودي "ري دي روزي" سنة 1982) وغيرها من العمليات.

بعد سقوط حائط برلين دخلنا في مشكل آخر في فرنسا وهو الأحداث الجزائرية الدامية وظهور (GIA) "الجيا" (الجماعة الإسلامية المسلحة في الجزائر) وواكبنا الأخطار المتأتية طوال السنوات الأخيرة مع تغيير عناوين التنظيم الذي تحول اليوم (تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي)، (AQMI والذي مر بمرحلة سمي فيها "بالجماعة السلفية للدعوة والقتال" GSPC).
ولكن مع بداية سنوات التسعينيات كان الأمر مختلفًا، وكانت الجيا هي ممثل التيار السلفي الراديكالي الجهادي وكانت لها نفس إيديولوجيا القاعدة اليوم في المناداة بالخلافة العالمية والجهاد العالمي وغيرها من الشعارات الأخرى، ويجب أن أذكر هنا أن أيمن الظواهري الذي كان في ذلك الوقت أمير الجماعة الإسلامية المصرية ثم أصبح اليوم الرقم الثاني في تنظيم القاعدة كان في زمن الجيا على اتصال مباشر بقيادات الجهاد العالمي في العاصمة البريطانية لندن آنذاك، من أمثال "أبو قتادة" و"أبو حمزة".. والجيا الجزائرية كما يجب أن نتذكر أنه مع صعود العنف الإسلامي في الجزائر بين سنتي 1993 – 1994 كان لنا نفس الظاهرة في مصر وكانت هذه الجماعات تستهدف آنذاك إما قوات الأمن وإما السياح، ويجب ألاّ ننسى أنه في تلك الفترة أي سنة 1993 تحديدا حدث الهجوم الأول بالمتفجرات على برج التجارة العالمي في نيويورك.
وفي هذا الجو كنا نحن في قلب المعركة وخاصة أننا لا زلنا محط تهديدات عديدة وتعرض مواطنونا إلى عمليات اغتيال في الخارج وفي نهاية سنة 1994 (25 ديسمبر تحديدا) وقع تحويل طائرة للخطوط الجوية الفرنسية في رحلتها بين الجزائر وباريس من قبل عناصر تابعة لجمال زيتوني (قائد الجيا في ذلك الوقت) ولقد توصلت تحقيقاتنا (عن طريق وثائق وجدت في شقة تابعة لأحد عناصر الجيا في لندن) إلى أن مشروع تحويل هذه الطائرة وخطفها كان يستهدف استعمالها في عملية انتحارية فوق باريس أي أن فكرة استعمال الطائرات كسلاح ولدت قبل أحداث الحادي عشر من سبتمبر بحوالي عشرة سنوات.
واكبت من قريب عملية خطف الطائرة التي أحبطتها القوات الفرنسية الخاصة في مطار مرسيليا ثم عرفنا بعدها بسنة سلسلة التفجيرات الإرهابية الدامية التي ارتكبتها الجماعة الإسلامية المسلحة ما بين يوليو وأكتوبر 2005 ثم تلتها بسنة الهجوم الذي وقع في محطة مترو 1996 وهو آخر هجوم وقع في فرنسا في مثل هذا الأجواء عملنا؛ أي في ما أسميه بفترة " سنوات الرصاص".
وبشكل عام ومنذ تلك الفترة التي هزت فرنسا عملنا بجهود أمنية وبمكتب قضائي مضاد للإرهاب كنت أقوده من أجل استباق التهديدات والتحرك ضدها في الوقت المناسب بطرق قانونية ضد كل الأشخاص الذين لهم علاقة بالإرهاب سواء من الناحية اللوجستية او العملياتية، وقمنا بجهود من أجل متابعة كل الخلايا الناشئة أو التي كانت بصدد التشكل وإحباط عملها في المهد وحتى في مرحلة التفكير أحيانا قبل التحرك، وهذا ما جعلنا نوقف العديد من الأشخاص الذين كانت لهم نوايا أو مبادرات ميدانية من أجل القيام بأعمال ما، وربما كانت أبرز قضية تبرز هذا المجهود الاستباقي هي إحباط العمليات الإرهابية التي كانت تستهدف تفجير كاتدرائية ستراسبورج سنة 2000، والتي نسقنا فيها الجهود مع البلجيكيين والألمان وتمكنا من إيقاف الخلية التي كانت قاب قوسين من تنفيذ عمليتها، وهي مجموعة كانت لها علاقة "بالجماعة السلفية للدعوة والقتال" التي خلفت "الجيا" (الجماعة الإسلامية المسلحة)، وكان من ضمن أفرادها أشخاص ينتمون إلى جماعات جهادية دولية أخرى.
اتساع نواة العنف
* رغم استقرار الأوضاع في الوقت الحالي تواصلون التحذير من مغبة وقوع عمليات إرهابية بفرنسا وتقولون إن احتمال تعرض فرنسا إلى تفجيرات إرهابية "أمر محتمل جدا", إلى ماذا تستندون في تسريب مثل هذه التحذيرات؟
- التهديد في رأيي يبقى قائما لأسباب عدة؛ أولها أن الوضعية الباكستانية – الأفغانية التي تزداد كل يوم تدهورا وخاصة في منطقة القبائل وباكستان بشكل عام ونلاحظ أن نواة العنف اتسعت وهناك جماعات لا تتردد في تصدير هذا العنف إلى مناطق أخرى (عملية بومباي والحدود الإيرانية) في إطار ما أطلقوا عليه "الجهاد العالمي"، كما نتابع في الوقت الحالي تطور بعض الجماعات الجهادية في آسيا الوسطى وخاصة في أوزباكستان، ولنا أدلة على ارتباطات بين عناصر معينة في هذه الجماعات مع عناصر أخرى في أوروبا وفي المغرب العربي مع "تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" (AQMI) وكذلك "الجماعة الإسلامية المقاتلة في ليبيا" (GISL) و"الجماعة الإسلامية المقاتلة في المغرب" (GISM) وتطور عمل هذه المجموعات التي تمددت من أجل هز استقرار منطقة الساحل ومنطقة الصحراء جنوب الجزائر والتي أصبح فيها تنظيم "القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي" بمثابة ممثل القاعدة الرئيسي في المنطقة، وتمدد التنظيم جنوبا في اتجاه مالي وموريتانيا، وهذه الأخيرة أصبحت المعقل الثاني للتنظيم في المغرب العربي بعد الجزائر، وبنفس منطق هذه الجماعات في الانتشار جنوبا والقيام بعمليات في منطقة ما تحت الصحراء فإنها تبحث منذ مدة عن استعادة سيناريو 1995 من أجل نقل العنف إلى شمال المتوسط وتحديدا إلى فرنسا ومحاولة توجيه رسائل إلى "خلايا نائمة"، والتي يمكن أن تكون موجودة في بلادنا أو في البلاد الأوروبية التي تجاورنا.
*ولكن تنظيما مثل "القاعدة في البلاد المغرب الإسلامي" يواجه في الوقت الحالي صعوبات كبيرة في الجزائر أمام الضربات الموجعة التي يوجهها له الجيش الجزائري، وهو بالنسبة للعديد من المراقبين يعيش مرحلة نضوب في قدرته على التجنيد في صفوف الشباب الجزائري.. هل باستطاعته فعلا أن يقوم بتجنيد أفراد له في فرنسا أو يعاود إحياء خلاياه النائمة؟!
- نعم هذا واقع التنظيم إلى حد ما في الجزائر، ولكنه يمكنه بشكل ما ومن أجل الخروج من حالة الانسداد هذه تحريك "خلايا نائمة" في مكان ما في بلادنا وحتى الاتصال بناشطين مستعدين لعمل أمر ما أو أشخاص بعيدين عن المراقبة الأمنية من أجل تحريكهم للقيام بعمليات معينة لصالح هذه المنظمة.
* عندما تتحدثون عن عملية توسع تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي في منطقة الساحل جنوب الصحراء الكبرى وخاصة تجاه مالي والتشاد هل تعتقدون أن نشطاء القاعدة قادرون على تجنيد المسلمين الأفارقة وخاصة لما نعلمه من طبيعة "الإسلامي الإفريقي" التقليدي من ابتعاد عن كل ما هو حركي وعنيف بعكس الإسلام الأفغاني والباكستاني الذي يبدو أكثر قابلية لذلك؟
- قولك وجيه إلى حد ما ولكن الواقع يثبت أن موريتانيا التي تنتمي إلى منطقة الساحل تعيش حالة تجنيد كبيرة في صفوف تنظيم القاعدة، ويجب أن نشير إلى أنه من هذه المنطقة خرجت علينا عناصر شديدة التشدد، من أمثال مفتي تنظيم القاعدة الموريتاني (أبو أنس الموريتاني) ونعلم أن القواعد الصحراوية المورتانية أصبحت حامية لظهر القاعدة في الجزائر والكثير من عناصر القاعدة الجزائرية يتحركون بسهولة في الصحراء الموريتانية.
* بخصوص تنظيم "القاعدة" الجزائري والجماعات المغاربية المرتبطة به أو التي تتبنى نفس أفكاره, ما رأيكم في المراجعات التي أعلنت عنها العديد الحركات الجهادية وأذكر بالخصوص "الجماعة الإسلامية" و"الجهاد" في مصر و"الجماعة الليبية المقاتلة" وبعض السلفيين الجهاديين في المغرب؟
- أعتقد أن كل ما تقول به هذه الحركات هو مجرد "تكتيك" ينطلق من مبدأ الانحناء للعاصفة حتى تمر العاصفة كما يقال؛ فلدينا معلومات أكيدة تقول إن "الجماعة الليبية المقاتلة" (التي أجرت مراجعاتها وأطلق أفرادها من السجون الليبية) على سبيل المثال منخرطة بشكل كبير في المعركة التي يخوضها تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي في الجزائر، ووصلتنا معلومات تقول بأن المقاتلين الليبيين فكروا لكثرة عددهم في تنظيم القاعدة في تكوين جماعة أو "فيلق" خاص بهم ضمن قاعدة الجزائر والصحراء، كما نجد في القيادات العليا للقاعدة الجزائرية قيادات تنتمي إلى "الجماعة الليبية المقاتلة".
مستقبل الظاهرة الجهادية
* تحددون الخطر الأكبر وربما مستقبل الظاهرة الجهادية الإسلامية في منطقة الباكستانأفغانستان فكيف ترون الوضع الآن في هذه المنطقة؟
- هذا هو المعقل الكبير في الوقت الحالي ونلاحظ أن الخلايا الأوروبية وفي مناطق أخرى قد عاودت تحركاتها من أجل الاتجاه إلى هذه المنطقة للتطوع بعد أن كان العراق في وقت سابق قبلة هؤلاء، وفي الساحة الباكستانية وبحسب معلوماتنا التي ترجع إلى سنة 2002 والتي تكررت في سنتي 2004 و2006 أن المشكل أن هناك أسلحة ومعدات للجيش الباكستاني وصلت إلى أيادي الإرهابيين، وهذا يطرح أكثر من سؤال حول بعض أدوار بعض المسئولين في الجيش الباكستاني، وهو أمر لاحظناه بالرجوع إلى فترة "الجنرال برويز مشرف" (الرئيس الباكستاني السابق) الذي قام بلعبة مزدوجة؛ فقد أعطى الانطباع للأمريكيين أنه يشتغل لصالحهم في إطار حربهم على الإرهاب، ولكن من جهة أخرى كان يدعم الأحزاب الأصولية والعديد من المنظمات الأخرى، وخاصة إتاحة المجال لعناصر معينة في الجيش من أجل التواصل مع العناصر المتطرفة والقاعدة في منطقة القبائل.. وجرى التواصل مع هؤلاء عن طريق ما يسمى "التضامن القبلي الباشتوني"، وخاصة لقرب العديد من قيادات الجيش الباشتونية مع زعماء هذه القبائل المتمردة المنتمين إلى نفس العشيرة الباشتونية، وبحسب المعلومات التي نملكها فإن أقساما عديدة من الجيش قدمت مساعدتها لطالبان باكستان باسم التضامن القبلي، والسؤال المطروح اليوم هو: هل هذه الوضعية ما زالت قائمة حتى بعد رحيل مشرف؟.
* وماذا بالنسبة للوضعية في أفغانستان؟
- أعتقد أن المشكل ليس عسكريا فقط ولكنه أيضا سياسي ويجب التفريق في رأيي بين الوضع الأفغاني والوضع الباكستاني في مقاومة الإرهاب؛ لأن شرعية "حامد كرزاي" في أفغانستان أصبحت محل شك، ووقع الاحتجاج على الانتخابات، ولا نملك بالتوازي الرجل القوي في البلاد، وما يتحكم في البلاد هم قادة الحرب القدماء، بالتوازي مع استشراء الفساد كثيرا.. والقاعدة وطالبان تنتعشان من هذا الواقع الأليم؛ أما عسكريا فيبدو أن الأمريكيين أنفسهم واعون بصعوبة مهمتهم، وبالتالي يجب الوصول إلى إعادة بناء الدولة وإعطاء أمل للأفغان؛ لأننا يجب ألاّ ننسى أن القوى الغربية والأمريكية تعتبر في نظر المواطنين قوى احتلال، وهو الأمر الذي توظفه حركة طالبان جيدا.
* وماذا عن المطلوب رقم واحد في العالم أسامة بن لادن.. هل تعتقد أنه ما يزال على قيد الحياة؟
- أعتقد ذلك, ليس لدي معلومات معينة, ولكن من المرجح أن يكون في منطقة القبائل الباكستانية, والمعلومات في هذا الملف لا تعطى هكذا!.
* لنفترض جدلا أنه تم القبض على بن لادن وعرض للتحقيق أمامكم ما السؤال الذي يشغلك حول هذا الرجل؟
- ليس هناك سؤال محدد هناك العديد من الأسئلة؛ ولكن السؤال الأهم ربما هو ما الذي جعل قضية اختفائه وعدم القبض عليه تدوم كل هذا الوقت وهل يتمتع بدعم ما يمنع من القبض عليه!!
* هل تلمحون إلى إمكانية تمتعه بحماية أطراف أو دول معينة؟!
- نعم.. من جماعات معينة وربما من أطراف نافذة وكل الاحتمالات قائمة, فلا يمكن أن يواصل اختفاءه طوال هذه المدة هكذا دون أن يكون متمتعا بتضامن ومساعدة قوية!.
* من بين المئات من الإسلاميين الذين استجوبتهم هل هناك شخصية أثارت انتباهك أكثر من غيرها؟
- لا.. هل تعلم أن مشكل الإسلاميين أنهم لا يملكون شخصيات محورية وليس هناك قادة مركزيون ويتحركون بمنطق الجماعة والقطيع, وكل شخص فيهم يملك مؤهلات عادية ويكررون شخصيات بعضهم البعض وليس هناك شخصية مميزة على غيرها؛ طبعا هناك شخص أذكي من شخص آخر، ولكن في العموم فهم لا يملكون التميز الفردي.
مشكلات العالم الإسلامي وظاهرة العنف
* من خلال مئات الملفات التي أشرفت عليها في مواجهة الجماعات الإسلامية.. ما العوامل والمبررات التي تدفع شابًّا مسلما إلى الانزلاق نحو العنف والقيام بعمليات إرهابية؟
- طبعا هذا السؤال يتعلق بالإجابة على سؤال المرور إلى "الراديكالية" وبشكل عام وفي الأوساط الإسلامية ليس هناك طريق واحد يؤدي إلى الراديكالية، ولكنها طرق متعددة تتعلق أغلبها بالتجربة الفردية، طبعا هناك الدوافع الخارجية، فالحرب على العراق كانت حافزا خارجيا والمشكل الإسرائيلي – الفلسطيني وهو مشكل قديم غير أن مشكل العراق ظل الملف الأبرز عن طريق المغامرة الخاطئة التي قام بها جورج بوش.
* الباحث الفرنسي "فرنسوا بورغا" يقول كما يقول العديد من الباحثين في الإسلاميات بأن جزءًا من معالجة مشكلة التشدد الإسلامي والعنف يأتي من حل مشاكل العالم الإسلامي وخاصة القضية الفلسطينية؟
- لا أعتقد ذلك.. نعم ربما سيسهل عملية إقناع الشباب بالعدول عن الإرهاب، ولكنه لن يوقفه؛ فلا شك أن أوضاع الشرق الأوسط زاد من عمق مشكلة الإرهاب، ولكنها لم تخلقه، وأنا لا أوافق هذا التوجه الذي يقول بأن حل مشكل الإرهاب يأتي من حل القضية الفلسطينية الإسرائيلية؛ فهذه القضية وقع توظيفها من قبل بروبجندا القاعدة لا أكثر ولا أقل، فهؤلاء لهم عقيدة اسمها "الجهاد العالمي" تهدف إلى تغيير العالم وإجباره على الخضوع لمعتقداتهم الخاطئة.
* وماذا تقول للذين يقولون بأنه يجب التفاوض مع القاعدة وطالبان؟
- طالبان في أفغانستان شيء والقاعدة شيء آخر.. لا يمكن أن تتفاوض مع شخص هدفه الأساسي هو تحطيمك.
الإسلاميون
18-11-2009
صحفي تونسي مقيم بباريس.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.