في أي طريق نبحث عن أصالتنا التي نعتز بها مهما كانت كل الأغراءات المحيطة بالعقل لكي ينزلق في متاهات عقيمة لاتنتج سوي مذيد من حوارات داخلية متقطعة الأوصال ومشوهة الأجنة في الأرحام لكوننا لا نجتهد في صد كل الرغبات القاتلة للإبداع والمعرفة وحقوق الآخر ؟ وهنا أجد العديد من البرقيات التي تنهال علي شخصي المتواضع عبر قراءات متأنية في رحلة البحث عن الذات التي تتعلق بلغة لاتعرف تطرف ووهم وعبث بالآخر الذي له الحق في الرأي وأتخاذ قرار ما له منطق أيضا مهما بدا الخلاف في طريقة التعبير من مؤثرات وعوامل قد لا نعتاد عليها كثيرا في تناول البرقية محل الأهتمام لكي ترسل إلي بعض المعنيين بها في خضم الأحداث العامة والجلسات المغلقة والمؤتمرات والأنتخابات الخ ؟ ويقينا أن متعة القراءة تذيد من فاعلية البرقية العامة لدي وقد تأكدت من ذلك عندما أعدت قراءة يوميات الكاتب الكبير عباس محمود العقاد للمرة الثالثة خلال عقد تقريبا لكي أكتشف عالم آخر من حوار مفتوح فيه ذاتي تحتاج إلي مساعدة عاجلة لكي تنجو من شبح الحروف المتقطعة والألوان الباهته والثياب الداكنة ( برقية ) مرسلة إلي الكاتب الكبير عباس العقاد الذي مرت علينا ذكراة دون تذكر منا لهذا الرجل العصامي الجاد والذي أخلص لثقافتنا العربية بمنطق خالي من العبث وبرقيات الشكوي العابثة والتي تخالف الرأي الآخر بلا منطق ؟ ومما لاشك فيه كانت يوميات الكاتب الصحفي الكبير أحمد بهاء الدين تلح علي من النافذة الأخري كبرقية عاجلة لكونه المثقف الشغوف برحلة البحث عن المتاعب في بلاط طاحبة الجلالة وثاني رئيس لمجلة العربي الكويتية بعد الدكتور أحمد زكي فحضوره كان غالبا علي رؤيتي لعالم خرجنا منه اليوم لكي نلعب مباراة كرة قدم تحت الأضواء الكاشفة لكي ننسي عالم النهار ونرتدي شورت وتشرت السهرة ثم نرسل برقية عاجلة بالشكر والأمتنان لمن أحرز الهدف في الدقيقة الأخيرة من الشوط الرابع الأضافي ؟ لكن تكمن العلة دائما في النسيان المتعمد لمن يعرف الصواب من الخطأ ! ومن برقية إلي أخري أجدني حائر في رحلة لأول لها من آخر وأنا أري كثير من الشباب يهربون من واقعهم بالمخدرات بكل أنواعها والجنس كأنه الحل السحري لبرقية العصر التي يتواصلون معها وينتظرونها كأنها نداء مقدس ؟ ثم يلعنون الزمن والبطالة والحقد علي كل مجتهد لايعرف كسل ؟ والحقيقة أنني لم أدهش عندما أخبرني شاب حديث التخرج في الجامعة عن مشاعر الأحباط التي يحاول أن ينقلها له أخوه الأكبر عندما صارحه بأن لديه دراسة أقتصادية علمية شارك في الأشراف عليها استاذه متخصصون في الأقتصاد لخروج الشباب من البطالة عن طريق رؤية جديدة بقرض طويل الأجل ويقسط علي واحد وعشرون عاما وفق آليات السوق ومتغيراته مع زملاء له فما كان من شقيقه الكبير والجامعي أيضا ألا التهكم المستمر له في البيت والشارع كأن برقيته العاجلة ( تافهه ) لاتستحق حتي الثناء في أضعف الايمان ؟ فمن الذي أحدث هذا الشرخ العائلي الجسيم في محيطنا العربي ؟ ومن المسؤل عن هذا الضعف في رابطة المجتمع ؟ تذكرت كيف كان الأخ الأكبر يضحي بدراسته الجامعية من أجل استكمال الشقيق والشقيقة الصغري لرحلة الحياة من علم وزواج بسعادة غامرة ؟ وربما حرم نفسه من الزواج أيضا حتي آخر نفس ( برقية ) عاجلة تحتاج إلي مراجعة قبل فوات الأوان ؟ فالمسؤلية أصبحت عامة وعلي المجتمع العربي الكبير أن يفكر بروح جماعية ( منظومة ) لدفع كل الأخطار بوعي وحكمة وهذا يكمن في استعادة روح الشباب من عبثية البرقيات المميته وعلي رأسها الأدمان والجهل والخروج من عباءة المجتمع ؟ ويقول أبن الرومي العين لا تنفك من نظر والقلب لا ينفك من وطر ومحاسن الأشياء فيك معا فملا لتيك ملالتي بصري متعات وجهك في بديهتها جدد وفي أعقابها الآخر فكأن وجهك من تجدده متنقل للعين من صور وللرومي الشاعر برقيات مشائمة لكنها هنا تحمل رسالة لكل من يبحث عن نصفه الآخر بلا زواج عرفي بقلم عبدالواحد محمد