الرد علي اغتيال مغنية.. هل يؤدي لحرب جديدة؟ حالة من الترقب وحبس الأنفاس برهان بخاري : تل أبيب أضعف من أن ترد علي أي فعل عسكري لحزب الله دمشق شادي جابر: مع استمرار الغموض الذي يحيط بعملية اغتيال القيادي البارز في حزب الله عماد مغنية، وبانتظار نتائج التحقيقات التي أعلنت دمشق أنها ستكشف عنها في وقت قريب، تسيطر حالة من الترقب وحبس الأنفاس حيال ما سيسفر عن أي رد محتمل لحزب الله علي تلك العملية التي اتهم إسرائيل بالوقوف وراءها، وهددها علي لسان أمينه العام السيد حسن نصر الله بعواقب وخيمة.. وإذا كانت سيناريوهات اغتيال مغنية قد أثارت وما زالت تثير الكثير من التساؤلات.. فإن الانعكاسات والتداعيات التي يمكن أن تترتب علي ردّ حزب الله تبقي السؤال الأكثر إلحاحاً ومشروعية.. فهل يمكن أن يؤدي رد قاسي محتمل لحزب الله إلي إشعال حرب جديدة في المنطقة؟ وما هي حدود هذه الحرب؟ وهل ستقتصر علي الجبهة الإسرائيلية اللبنانية أم ستتعداها لتشمل جبهات أخري؟ وهل يمكن أن تستغل واشنطن تمدد الجبهات لتصفي حساباتها مع إيران وسوريا؟ وماذا لو كانت عملية الاغتيال فخاً إسرائيلياً لجر سوريا وإيران إلي مواجهة عسكرية مفتوحة مع إسرائيل وأمريكا؟. لا نية إسرائيلية بالحرب الراية طرحت هذه الأسئلة علي عدد من الكتاب والمحللين السوريين، وكانت البداية مع المحلل السياسي ثابت سالم الذي أشار إلي احتمالين، الأول هو أن تكون إسرائيل وراء عملية اغتيال مغنية، وهذا يعني أنها قد وضعت في حسبانها أي رد فعل عنيف من قبل حزب الله عليها، وبالتالي تكون لديها نية مبيتة لتصعيد الموقف، في وقت تشهد الساحة الداخلية اللبنانية انقسامات خطيرة وتسليحاً لبعض الفئات لإشغال حزب الله علي الجبهة الداخلية إلي جانب الجبهة الإسرائيلية. وقال سالم: أما الاحتمال الآخر فهو أن تكون جهات أخري غير إسرائيل وراء هذه العملية، خاصة أن مغنية كان مطلوباً لدي 45 دولة.. ومن هنا ربما تكون دول أخري قد شاركت في عملية الاغتيال، وقد تكون من بينها دول عربية كما ذكرت بعض التقارير المسربة وغير الرسمية.. وبالتالي الموضوع يكون علي الأرجح عدم نية إسرائيل بالقيام بعملية عسكرية واسعة تشمل سوريا وأبعد من سوريا. واستبعد سالم أن تكون إسرائيل قد أصبحت جاهزة للقيام بعملية عسكرية، مشيراً إلي تقارير تتحدث عن أن أي حرب قادمة ستكون شاملة.. بمعني أن سوريا ستجد نفسها مضطرة للمشاركة فيها بشكل أو بآخر، مشيراً إلي احتمال أن يكون اختيار سوريا لتنفيذ الاغتيال مؤشراً لرغبة في إشراكها بأية عمليات عسكرية مقبلة. وأضاف أن هذا يعني أن هناك جبهتين علي الأقل في مواجهة إسرائيل، جبهة حزب الله وجبهة سوريا، وأعتقد أن هذه جبهة كبيرة بالنسبة لإسرائيل، وهذا مع افتراض أن إيران لن تتدخل.. وبالتالي فلا مصلحة لإسرائيل في الحرب، إلا إذا كانت الإدارة الأمريكية تريد أن تخلق فوضي واسعة قبل انتهاء مدة ولاية الرئيس الحالي جورج بوش. وعن احتمال أن تكون هذه العملية قد تمت بالتنسيق بين واشنطن وتل أبيب لتصفية الحسابات مع إيران وسوريا قال سالم: لا أعتقد أن المسألة تتعلق بتصفية حسابات مع إيران وسوريا، ومن غير العلمي أن نقول أن حزب الله يأتمر بأوامر سوريا.. وأضاف: صحيح أن الحزب حليف لسوريا وتلتقي أجندته مع الأجندة السورية، لكن عماد مغنية هو أولاً لبناني ومسؤول كبير في حزب الله، مشيراً إلي أن إيران قد تكون معنية بعملية الاغتيال، لكن سوريا ليست معنية إلا من زاوية أن العملية قد نفذت علي أرضها. واستبعد سالم قيام عملية عسكرية واسعة في الوقت الراهن، معرباً عن اعتقاده بأن إسرائيل غير مستعدة لحرب جديدة، لاسيما إذا كانت الجبهة ستتوسع لتشمل سوريا. ورأي أن تقرير فينوغراد الجديد كان واضحاً، وبعد التجربة الأخيرة في حرب تموز يوليو إسرائيل ستفكر ملياً قبل الإقدام علي أي خطوة تصعيدية. مشيراً إلي أن قرار الحرب ليس بالسهولة التي نتصورها إلا إذا كان هناك نية لإغراق المنطقة بالفوضي والصراعات، وفي هذه الحالة فإن الولاياتالمتحدة لن تسأل حتي عن إسرائيل.. صحيح أنها ستعمل علي تسوية الأمور لمصلحة إسرائيل لكن علي المدي المنظور قد تتضرر إسرائيل إلي حد كبير. وخلص سالم إلي أن أي انفجار جديد في المنطقة يعتمد علي مدي حكمة الزعماء السياسيين في المنطقة، وإذا كان هناك انفجار فلن تنجو منه أي دولة بما فيها إسرائيل، ويجب حساب الأمور بخواتيمها. كيان زائل من جانبه اعتبر المحلل السياسي السوري برهان بخاري أن المشكلة أصبحت أعقد مما نتصور، فإسرائيل أضعف من أن ترد علي أي فعل عسكري لحزب الله المرهوب الجانب، معرباً عن اعتقاده بأن الإسرائيليين أخطأوا كثيراً باغتيال عماد مغنية لأنهم صاروا يعيشون حالة من الخوف الدائم كما نري الآن من خلال الاستنفار الدائم والإجراءات الأمنية غير المسبوقة. وحول النفي الإسرائيلي والتنصل من اغتيال مغنية قال بخاري: حتي لو نفت إسرائيل لا نستطيع أن نتهم غيرها.. لأن لديها تقاليد وسوابق مافياوية كثيرة ومعروفة في هذا المجال، وليس بالضرورة أن تعترف بارتكابها عملية الاغتيال.. وعموماً الدول تستفيد من انتصاراتها وهزائمها لكن الكيان الصهيوني ليس دولة بل مافيا كاملة. وقال بخاري إن من يتابع بنية الكيان الصهيوني يري كم أن الإسرائيليين مشتتون ولا يتواصلون مع بعضهم.. وأضاف: أنا لست مع أحمدي نجاد بتدمير إسرائيل، ولكن هو يتحدث عن وقائع حقيقية، وأنا دعوت في عدة مقالات كتبتها إلي اختصار الدم لأن هذا الكيان زائل ولا داعي لهدر المزيد من الدماء. وحول قراءته لما قاله نصر الله عن الحرب المفتوحة والتغيير الاستراتيجي والمفاجأة الكبري.. رأي بخاري أن نصر الله جاد تماماً عندما يقول إن تغييراً استراتيجياً سيحدث في المنطقة في حال قيام أي حرب قادمة، مشيراً إلي أن الصواريخ الأساسية الإستراتيجية التي يملكها حزب الله ويعتمد عليها هي خارج مرمي الإسرائيليين في مناطق بعمق الجبال في بعلبك والهرمل وغيرها.. ومن بينها صواريخ زلزال 3 التي يمكن أن يستخدمها لضرب المفاعل النووي الإسرائيلي في ديمونة. وأضاف أن السؤال الذي يقلق إسرائيل وأمريكا هو هل سيضربون فعلاً؟. وأنا قلت منذ عشر سنوات احذروا.. فالمنطقة معرضة للزلازل، والبنية الأساسية للكيان الصهيوني تقوم وترتكز علي هذا المفاعل الذي يعاني من التصدع بفعل الزمن بعد أن مر عليه نحو نصف قرن. وأضاف بخاري: هناك علماء فيزياء إسرائيليون يقولون إن إسرائيل معرضة خلال السنوات القادمة لزلازل قد تبلغ قوتها 6.2 علي مقياس ريختر.. ولذلك تحدث نصر الله عن تغيير استراتيجي، وبالتأكيد هو لا يقصد أن ذلك التغيير سيتم بإغراق زورق إسرائيلي.. مشيراً إلي مقالات كتبها قبل عشر سنوات وقال فيها إن ما بعد حيفا هو تل أبيب وما بعد تل أبيب هو ديمونة. بعثرة أوراق الكاتب الصحفي محمد الخضر رأي أن السيد حسن نصر الله كان واضحاً عندما تحدث عن الحرب المفتوحة، مشيراً إلي أن الرد علي اغتيال مغنية سيكون قاسياً بحسب توقعات المحللين الإسرائيليين أنفسهم. واعتبر الخضر أن نصر الله لم يسبق أن توعد بفعل ولم ينفذه.. مشيراً إلي أن ما قاله لم يكن كلاماً للتخويف أو مجرد شعارات، لكن كيف ومتي وأين.. فهذا يحدده حزب الله. وقال الخضر: علينا أن نعود إلي الأساس وهو أن إسرائيل ارتكبت جريمة اغتيال قيادي في حزب الله، وجميع المؤشرات تدل علي أنها تقف وراء هذه الجريمة إما مباشرة عبر الموساد أو عن طريق عملاء لها. وأضاف: لا شك بأنها توقعت أن عملية بهذا الحجم تستوجب رداً من حزب الله، وربما كانت لديها إرادة فعلية للوصول إلي تفجير المنطقة برمتها في ظل ظرف إقليمي صعب ومعقد، في ظل استحقاقات لبنانية داخلية تتبدي في استمرار الأزمة السياسية القائمة بين الموالاة والمعارضة. وأشار الخضر إلي احتمال أن يكون من يقف وراء عملية اغتيال مغنية قد أراد البعثرة وخلط الأوراق قبل هذه الاستحقاقات. إضافة إلي محاولة إرباك سوريا والتشويش عليها وهي تتحضر لاستقبال قمة عربية تريدها لرأب الصدع، وارتباط كل ذلك بما يجري في فلسطين والعراق. وعن احتمال أن يؤدي الرد إلي إشعال حرب جديدة قد تمتد إلي جبهات أخري في المنطقة قال الخضر إن موضوع إيران يرتبط بأجندة أمريكية بعيدة ليست ضمن هذه التركيبة، لكن الواضح أن الإسرائيليين يريدون إرباك حزب الله أو إشعال حرب جديدة في ظل ظرف داخلي صعب في لبنان. وأضاف: أنا لا أعتقد أن الحرب إذا ما وقعت ستكون حرباً إقليمية رغم ما يحمله مكان الجريمة من استهداف واضح لسوريا ومحاولة المس بسيادتها. وعن احتمال كون عملية اغتيال مغنية فخاً إسرائيلياً لجر سوريا وإيران إلي مواجهة عسكرية مفتوحة مع إسرائيل وأمريكا رأي الخضر أن الولاياتالمتحدة إذا أرادت المواجهة العسكرية مع إيران فإنها تستطيع ببساطة توجيه استفزاز مباشر للإيرانيين.. مستبعداً أن يكون ما جري في إطار محاولة تستهدف جر إيران إلي مواجهة عسكرية مع الولاياتالمتحدةالأمريكية.