حقا لا يكفي الخازوق الذي أعددناه للسفير التركي. الان ينبغي استدعاء السفير الاردني (وهو بالذات دبلوماسي متعاطف يعرفنا جيدا وبحكم رأيي يستطيبنا ايضا، ولكن ماذا يهم؟) واعطاؤه ضربات على رأسه. يوجد ألف سبب وسبب لاجلاسه على أريكة منخفضة: فمنذ سنتين لم تزرنا شخصية اردنية كبيرة؛ في البتراء يرفعون أسعار الدخول أمام السياح الاسرائيليين؛ سلطة الاثار الاردنية تتذكر فجأة بأن تطالبنا بأن نعيد لها الوثائق السليبة؛ وفي تظاهرات الشوارع في عمان يحرقون علم اسرائيل؛ سفيرنا يتعرض للتهديد؛ الاتحادات المهنية تقاطعه. فلماذا يشعر سفيرهم، علي العايد، أنه مظلوم؟ لندعُه فورا ونصفعه على الرأس. ولا ننسى ان ندعو الكاميرات. يمكن، بسهولة ايجاد مائة سبب وسبب لان ندعو ايضا ياسر رضا، السفير المصري. صحيح، سلاح الهندسة المصري يحفر بنشاط اساسات لجدار فولاذي يرمي الى اغلاق انفاق التهريب الى غزة. هذا جيد لاسرائيل أيضا. ولكن ما هو الجدار الفولاذي هذا مقابل الكاريكاتيرات اللاذعة عن رئيس الوزراء نتنياهو في صحف القاهرة؟ ولماذا توقفوا هناك عن التشهير بليبرمان؟ أيتساوى طقس الاهانة مع التجاهل المتعمد لوزير خارجية اسرائيل؟ صحيح اننا أغلقنا حساباً مريراً وطويلا مع وزير الثقافة المصري، فاروق حسني، وأفشلنا حلمه في الوصول الى منصب امين عام اليونسكو، ولكن كل الاتحادات المهنية المصرية، ولا سيما تلك التابعة لوزارة الثقافة، تقاطعنا. لندعُ السفير ونصوره وهو يتلقى الصفعات. توجد فقط مشكلة فنية صغيرة: رضا، السفير المصري، طويل جداً، ورأسه قد يبرز ايضا حتى لو أجلسناه على الاريكة المنخفضة. الاكثر سهولة هو الشقاق مع كل العالم. وأسهل من ذلك الشقاق مع سفراء الدول المجاورة التي تذكر علاقاتنا معها بورق شجر تتقاذفها رياح عاصفة. غزة تشتعل بقوة في عظامهم. السفير المصري (بسيوني أتذكرون؟) أخرجوه من هنا بسبب قصف سلاح الجو في غزة، واستغرق الامر سنوات طويلة من الاستجداء الى أن اعادوه الى تل أبيب. وكذا السفير الاردني دفعوه الى اجازة احتجاج طويلة بسبب الحرب في غزة. فهل فكر أحد ما بامكانية أن ينقل حضرة السفير التركي تقريراً مفصلا عن الاهانة بالبث الحي والمباشر وان يستدعيه وزير خارجيته الى تشاور ممزق للاعصاب في أنقرة؟ كيف نعيد سفيراً استدعي الى وطنه؟ ماذا نفعل بسفيرنا عندهم؟ أنطيره بمبادرتنا أم ندعهم يطيرونه هم. في أيام افضل كانت لدينا ممثليات دبلوماسية ومكاتب مصالح ايضا في قطر، في تونس، في عُمان، في المغرب وفي موريتانيا. في الايام الافضل ذاتها كان بوسع موظفي وزارة الخارجية ان يرفعوا الهاتف للبحرين، لابو ظبي ودبي. منذ حرب غزة بقينا مع ثلاث سفارات اسلامية، مع غضب متعاظم في الشارع العربي ومع كرامة وطنية مصابة عندنا. هذا هو الموجود، كما يقال، وليس بالضبط ما حلمنا به. ولكن العلاقات مع تركيا مهمة. الرابط الاستراتيجي مع الاردن مجدٍ، مبارك هو "ح س" (حامي السلام) مع عض على الشفتين. سلسلة التعليم التي اجتازها السفير التركي لن تقمع حماسة رئيس وزرائه. كيف كنا سنرد لو ان وزارة الخارجية في أنقرة أجلست غابي ليفي، سفيرنا، على اريكة منخفضة وصفعته أمام عدسات الكاميرا. كيف كنا سنبدو في العالم بعد قضية الاريكة؟ صحيح، من المحظور الصمت اذا كان الطرف الاخر يتجاوز الخطوط الحمراء. ولكن لا ينبغي ان ننسى انه عندما يلقي طرف ما حجرا في ماء عكرة، فان الف حكيم من الطرفين لن يتمكنوا من اخراجه. ثمة على الاقل عشرة سبل للاعراب عن الاحتجاج ولا سيما اذا كان موجه الضربة لا يريد أن يحطم الاواني، فيتعرض بالذات الى ندبة عميقة من الشظايا. عن "يديعوت" تاريخ نشر المقال 14 كانون الثاني 2010 نقلا عن الايام - فلسطين