انقلب الساحر على السحر (هكذا!)، وبات دانييل ستريتش مسلما بين عشية وضحاها.. لم يستوعب عقيدة التثليث المسيحية التي تبنّاها «بالوراثة»، بحث عن إجابات في ديانة عيسى عليه السلام، فوجدها في نبوءة محمد صلى الله عليه وسلم.. من السّهل أن تتبنّى فكرة، لكن من الصّعب أن تغيّر جلبابك الديني «وطقسك» اليومي بجرّة تصريح أو بلاغ، ليس فيه من البلاغة سوى هذا «الانقلاب» المفاجئ، في عالم، المفاجآت فيه هي القاعدة، والوقائع هي الاستثناء... بالأمس استعدى ستريتش المآذن في سويسرا بعباءة سياسية وبخلفية (الكتاب المقدس)، وجد أن أصوات المآذن أعلى من ناقوس الكنائس، فاتخذ سبيله إلى العداء للآذان سبيلا، بوعي «ديمقراطي شعبي» وبحس «وطني» وحرص «مدني»، قبل أن «يثوب إلى رشده» ويكتشف أن «سويسرا بحاجة ماسة إلى مزيد من المساجد»... اللافت، أن ما كان سببا في نقد الرجل ورميه بالكفر والزندقة والعداء، هو ذاته الذي رفعه إلى مصاف «السحرة البررة»، الذين تُنشر صورهم على صدر الصفحة الأولى لصاحبة الجلالة في بلاطها الذي يستوعب القاصي والداني، عدو الأمس وصديق اليوم وربما حليف الغد وزعيم المستقبل.. من المسيحية إلى الإسلام.. ومن حزب الشعب إلى الحزب الديمقراطي.. ومن «الإنجيل» إلى القرآن الكريم.. ومن تمتمات وصلوات لا يفقهها إلا المسيحيون إلى صلوات خمس معلنة في مساجد بيرن والأزقة الخلفية لمدينة كانتون فريبورغ، يبدو انتقال دانييل أشبه بالسحر، في واقع عولمي، المستحيل واللامعقول فيه أكثر من الممكن.. بالأمس «فعلها» روجي غارودي الذي أصبح رجاء غارودي، واليوم يلحق به ستريتش في انتظار أن يجد بديلا (لدانييل) في شهادة الميلاد أو في جواز السفر.. وعندئذ سيكون مجبرا على المرور عبر المسح الضوئي في المطارات السويسرية قبل الأوروبية.. لأن الأرض التي بات يقف عليها، هي اليوم على رأس لوائح الاتهام. في حرب وزرها الوحيد، أن توقيت نهايتها ليس من «المعلوم بالضرورة».. صالح عطية