دعوة لإقالة رئيس المخابرات.. وناتنياهو في حرج يواجه جهاز الاستخبارات الاسرائيلي (الموساد) انتقادات حادة بعد أن فشل في إخفاء الآثار التي تدل على تورطه في عملية اغتيال القيادي في «حماس» محمود المبحوح الشهر الماضي في دبي وبعد أن ثبت أنه استخدم اسماء اسرائيليين يحملون جنسيات اخرى. وقد وصلت هذه الانتقادات إلى حد مطالبة العديد من الصحف الإسرائيلية الصادرة أمس بإقالة مدير «الموساد» مائير داغان، بعد الخلل الأمني الكبير الذي رافق عملية اغتيال المبحوح بدبي في العشرين من الشهر الماضي، على إثر اللطمة التي وجهتها شرطة دبي بكشفها تفاصيل الجريمة، بما يمكن وصفه بالفضيحة الأمنية. وكانت الصحف الإسرائيلية قد اعطت انطباعاً واضحاً عن وقوف «الموساد» وراء عملية اغتيال القيادي القسامي، من خلال المديح الذي أغدقته على منفّذي العملية، والتوقف بإعجاب كبير أمام ما وصفته بالمهنية العالية التي ميّزت أداء المشاركين فيها، قبل ان تفاجأ بالفضيحة، التي مُني به «الموساد» في أعقاب الكشف السريع عن هوية المنفذين وأساليبهم. وأصيب قادة دولة الاحتلال بصدمة من السرعة التي تمكنت بها شرطة دبي من فك طلاسم جريمة الاغتيال وكشفها بالصوت والصورة، أدق التفاصيل للخلية التي كلفت من قبل «الموساد» بتنفيذ جريمة الاغتيال وهو ما لم تكن تتصوره على الاطلاق. نجاح فاشل فقد توقع جهاز الموساد أنه سوف يفلت بجريمته كما سبق وفعلها عام 2008، عندما نجح في اغتيال القائد العسكري البارز في «حزب الله» اللبناني عماد مغنية اثناء وجوده بالعاصمة السورية دمشق، ورغم مرور عامين على هذه الجريمة الا ان السلطات السورية فشلت حتى الآن في تقديم اية معلومات عن منفذي الجريمة رغم اقتناعها التام بتورط الموساد. ويقول خبراء أمنيون أنه من البديهي القول إن سلامة عملية الاغتيال التي ينفذها أي جهاز أمني، تتصدّر سلّم الأولويات، وهذه السلامة تشمل هوية الفريق المنفّذ، والأساليب الأمنية والتقنية والفنية التي استُخدمت خلال التنفيذ، وأنه لا يكفي في هذا المجال التغنّي بمجد «تصفية الهدف»، وخصوصاً إذا كان الهدف يتحرك من دون أي حماية. وشبهت الصحف الاسرائيلية الصادرة أمس ماجرى في عملية دبي بالعملية الفاشلة لإغتيال رئيس المكتب السياسي خالد مشعل قبل 12 عاماً عندما ترأس بنيامين ناتنياهو الحكومة وقتذاك، حيث اضطر الى التكفير عن محاولة الاغتيال أمام حلفائه الغاضبين وأمر المسؤولين عنها في المخابرات بتقديم استقالاتهم بعد الكشف عن تورط اسرائيل فيها. وفي هذا السياق كتبت صحيفة «هآرتس» أمس مقالاً تحت عنوان «وقت القرار لإستبدال داغان»، جاء فيه: إن كان صحيحاً، حسب التقارير الأجنبية أن «الموساد» يقف خلف العملية، فعلى ناتنياهو أن يشعر بحرقة قاسية لمشهد يتكرر، محذرة من أن الأزمة الديبلوماسية مقبلة مع دول جرى استعمال جوازات سفرها. ودعت الصحيفة إلى اتخاذ قرار بإنهاء ولاية داغان وبتعيين رئيس جديد للموساد. كما كتب كبير المحللين السياسيين في صحيفة «معاريف»، بن كاسبيت، مقالا تحت عنوان «نجاح تكتيكي وفشل استراتيجي»، قال فيه إن المعلومات الإستخبارية كانت على جودة عالية والتنفيذ كان لامعا، لكن للأسف الشديد، كاميرات الأمن في دبي كانت على جودة عالية أيضاً. فقد خرجت شرطة دبي الرابح الأكبر من العملية. أفشل العمليات في تاريخ الموساد. من جانبه، قال موقع « قضايا مركزية» الالكتروني الاسرائيلي إن العملية التي قام بها جهاز «الموساد» في دبي قد تكون من أفشل العمليات في تاريخه. وذكر الموقع أن سبعة من الإسرائيليين المقيمين في الدولة العبرية ويحملون جوازات سفر أجنبية، يتهمون جهاز «الموساد» الإسرائيلي بانتحال شخصياتهم لتنفيذ عملية الاغتيال. لندن تحقق في هذه الأثناء، ذكرت صحيفة «التايمز» البريطانية في عددها الصادر أمس أن السلطات البريطانية تحقق في كيفية سرقة هويات 6 رعايا بريطانيين من قبل عملاء الموساد الاسرائيلي في عملية اغتيال المبحوح في دبي. ونسبت الصحيفة الى متحدث بريطاني قوله ان السلطات البريطانية تعتقد بان جوازات السفر البريطانية المستخدمة في عملية الاغتيال مزورة وانها قد فتحت تحقيقا مستقلا في القضية. وتقول «التايمز» ان الأسماء وأرقام الجوازات وتواريخ الميلاد في الجوازات المزورة مطابقة لما هو مقيد في الجوازات الأصلية غير أن الصور والتواقيع في الجوازات المزورة مغايرة. لا دليل حاسم في خضم هذه التطورات، اعتبر وزير الخارجية الاسرائيلي افيغدور ليبرمان أمس أن استخدام الفرقة التي اغتالت المبحوح في دبي لهوية اسرائيليين ولدوا في الخارج «لا يثبت أن جهاز الموساد هو المسؤول عن اغتياله». لكن ليبرمان لم ينف صراحة تورط اسرائيل في قتل المبحوح في فندق بدبي الشهر الماضي قائلا ان اسرائيل تلتزم «سياسة الغموض» فيما يتعلق بمسائل المخابرات.