أعلن في نواكشوط أمس الاحد عن انطلاقة أول نشاط لمرصد الدفاع عن اللغة العربية في موريتانيا. ويسعي هذا المرصد إلي تحقيق أهداف منها العمل علي تفعيل المادة 6 من الدستور الموريتاني القاضية بتعميم استخدام اللغة العربية في الحياة العامة، بوصفها اللغة الرسمية للبلاد، ومتابعة ورصد الخروقات التي تقع من الدوائر الرسمية للدستور المتعلقة بالمادة السادسة، والرد عليها بما يتناسب. ولتحقيق أهدافه يعتمد المرصد علي أمور منها استخدام التشريعات والقوانين في مواجهة الجهات الرسمية المتمسكة بالفرنسة لإقناعها بضرورة استعمال اللغة العربية تطبيقا للدستور والمتابعة القانونية للدوائر الرسمية التي ترفض استخدام اللغة العربية والاتصال الدائم بالمواطنين في كل التراب الوطني من أجل متابعة مدي التزام الإدارة الإقليمية باستخدام اللغة العربية في علاقتها معهم. وتعهد المرصد بنشر لوائح تشهيرية بالمصرين علي رفض العمل باللغة العربية (لغة الدستور) وتكريم الموظفين المستجيبين لمقتضيات الدستور المتعلقة بالمادة السادسة. و يضم المرصد مجموعة كبيرة من المثقفين الموريتانيين الغيورين علي اللغة العربية والممتعضين لإحلال اللغة الفرنسية مكانها في الادارة والمعاملات رغم كونها اللغة الرسمية للبلاد حسب نص الدستور. وأكد الدكتور أحمد دولة الأمين العام للمرصد في كلمة بمناسبة انطلاقة المرصد أن الهدف من إنشائه هو تنبيه القائمين علي تسيير الأمور في موريتانيا ليعودوا إلي جادة الصواب بترسيم اللغة العربية وأن يلتزموا بالقانون الذي أقسموا علي حمايته خلال توليهم للأمر العام. وأعاد الأمين العام للمرصد إلي الأذهان أن موريتانيا بلد عربي مسلم لغته لغة التنزيل (...) وقد سارت علي المنهج العربي الاسلامي في القرون الماضية حتي في فترة الاحتلال الفرنسي. وأضاف قائلا رغم أن الفرنسيين زمن احتلالهم لهذا القطر كانوا يحاولون ترسيخ لغتهم وقيمهم فإنهم كانوا أرحم من الذين يقومون الآن علي حكم موريتانيا من أبناء جلدتنا مع الأسف الشديد . وتابع الأمين العام للمرصد مضيفا أن.. اللافت للنظر أن عهود الدولة الموريتانية الماضية لم يقع فيها إقصاء واضح متعمد لأهل الشاهدات العربية منذ قيامها قبل هذه الفترة التي لوحظ فيها طغيان المتفرنسين وتسلطهم وإقصاؤهم لكل من يتكلم اللغة العربية وحرمانه من أبسط الحقوق التي تكفلها القوانين والاعراف البشرية جميعها، وهي حق الشعب ولو كان تحت الاحتلال في تمكينه من العمل بلغته، وحقه في العادة والاعتراف بالخصوصية وهذا ما فقد في بلدنا الآن بسبب وجود وطنيين مستعربيين تعلموا في المدارس الفرنسية فألغوا كل ما لا يؤدي بلغة المحتل السابق وذلك لأن هذه الفئة ربطت مصالحها بالأجنبي نفسه. وتناول الدكتور أحمد دولة تفاحش طغيان التفرنج فقال لقد بلغ الأمر ذروته عندما صارت المسابقات حكرا لأصحاب اللغة الأجنبية علي حساب اللغة الوطنية فلا يكتتب موظف إلا إذا كان يجيد اللغة الفرنسية . وانتقد الأمين العام للمرصد وزارة التعليم الموريتانية فأكد أنها ضربت الرقم القياسي في فرض التفرنس عندما أصدرت بيانا يشترط إجادة اللغة الفرنسية في تعيين أي موظف في الوزارة من مدير جهوي إلي رئيس مصلحة . واعتبر الدكتور أحمد دولة أن هذا الشرط يتضمن مخالفة صريحة للدستور والقيم والأعراف البشرية وحقوق الإنسان. وبهذه المناسبة يعتبر حرمان المواطن من حقوقه المدنية بسبب عدم معرفته للغة أجنبية يعد أكبر انتهاك لحقوق الإنسان. وقارن الأمين العام للمرصد بين اللغة العربية وغريمتها في موريتانيا اللغة الفرنسية فقال إن اللغة العربية يتكلمها ثلاثمئة مليون عربي وهي اللغة الدينية والحضارية لأكثر من مليار من سكان العالم الذين يبلغ تعدادهم ستة مليارات تقريبا. وأشار إلي أن اللغة العربية تحتل المرتبة السادسة في التقويم الذي نشره مركز دراسات الوحدة العربية،فيما تحتل الفرنسية المرتبة العاشرة ولم تحتل الفرنسية هذه المرتبة إلا بعد إضافة الدول التي كانت مستعمرات للفرنسيين ممن رحلوا بأجسادهم وأبقوا علي لسانهم يفرضونه دون أي مبرر قانوني أو عرفي أو أخلاقي. وشدد مرصد الدفاع عن اللغة العربية في موريتانيا في بيان توضيحي علي أن خبراء اليونسكوا أثبتوا أنه لا يمكن التطوير والإبداع غالبا إلا من خلال لغة الأم،وتجربة دول جنوب شرق آسيا خير شاهد علي ذلك. واكد المرصد أن عدم استخدام اللغة العربية في الإدارة هو تضييع لثلاثة أجيال من أبناء الشعب الموريتاني وهدر لإمكانات الدولة الموريتانية الشحيحة أصلا التي تم إنفاقها خلال العقود الثلاثة الماضية لتأهيل خريجين باللغة الوطنية (العربية) مما ستكون له انعكاسات خطيرة علي حاضر موريتانيا ومستقبلها.