الخبير في المخاطر المالية : الدبلوماسية الاقتصادية في تونس بدأت في التحرك    رياح قوية والحرارة تتراوح بين 23 و35 درجة الأحد ليلا    صفاقس: انقاذ 493 مجتازا للحدود البحرية خلسة وإنتشال جثة آدمية    عيد الأضحى 2024 : دول تحتفل الأحد وأخرى الاثنين    عاجل : اجتماع ثنائي تونسي ليبي برأس الجدير    اجتماع تونسي ليبي لبحث إعادة فتح معبر رأس الجدير    وزيرة التربية تؤكد تلقي عديد الملفات المتعلقة بشبهات فساد مالي وأخلاقي    جربة : نجدة وإنقاذ شخصين على متن مركب صيد ترفيهي    عاجل : العثور على جثة مذيع فقد في جزيرة يونانية    إيران تعلن إقرار 6 مرشحين للرئاسة واستبعاد أحمدي نجاد مجددا    هل يخفّض البنك المركزي نسبة الفائدة المديرية في الوقت الراهن: محلّل مالي يوضّح..    مجزرة جديدة للكيان الصهيوني في غزة..وهذه حصيلة الضحايا..#خبر_عاجل    الحماية المدنية: 5 حالات وفاة خلال ال24 ساعة الأخيرة    إحداث 276 نقطة حراسة بالشواطئ وتعيين 152 عون إشراف لحراسة الشواطئ    المنستير: الإحتفاظ بمنظمي عمليات إجتياز للحدود البحرية خلسة    هل يخفّض البنك المركزي نسبة الفائدة المديرية في الوقت الراهن ؟    معرض صفاقس الدولي الدورة 58 من 21 جوان الى 7 جويلية    تطور جديد.. تحرك قضائي من عمرو دياب ضد "شاب الصفعة"    كوريا الشمالية تستأنف رمي جارتها الجنوبية ببالونات "القمامة"    مباراة تونس و ناميبيا اليوم الاحد : الساعة و القنوات الناقلة    عاجل : إحباط عملية صيد بالكيس الممنوع في قابس    أخبار النجم الساحلي .. الجمل يواصل والجلاصي تحت الضغط    بعد موسم استثنائي ...شبيبة العمران في «الناسيونال»    قرمبالية: أهالي جبل طريف يطالبون بالماء الصالح للشراب    مرياح على باب الرحيل ...الطالبي تحت «رادار» الترجي وبن عبدة في البال    السعودية تبعد 300 ألف شخص من مكة لعدم حملهم تصاريح الحج    أشهر عالم آثار مصري يرد على بلاغ مقدم ضده    بوسالم.. حريق يأتي على 13 هكتارا من صابة الحبوب    بتهم فساد مالي واداري.. بطاقة إيداع ضد الرئيسة السابقة لبلدية حلق الوادي    الشركة التونسية للبنك STB ...مؤشرات مرضية وآفاق واعدة    الفنان وليد الصالحي يعلن عن تنزيل اغنية جديدة    قيس سعيّد خلال لقائه برئيس هيئة الانتخابات ...يجب احترام كل أحكام العملية الانتخابية    الصحة العالمية تدعو للاستعداد لاحتمال تفشي وباء جديد    على متنها 261 حاجا: الوفد الرسمي للحجيج التونسيين يغادر في اتجاه البقاع المقدسة    غدا ناميبيا تونس: المنتخب الوطني يختتم التحضيرات واللقاء دون حضور الجمهور    وزارة الداخلية توفّر الحماية لمربي الماشية    يوم 10 جوان.. انطلاق موسم الحصاد بمعتمديتي بلطة بوعوان و فرنانة    نقطة بيع الأضاحي بالميزان في وادي الليل و هذه التفاصيل    سعيّد والدبيبة يتباحثان إعادة فتح معبر رأس جدير    طقس: بعض الامطار المتفرقة بعد الظهر على المناطق الغربية بالشمال والوسط    موعد جديد لنزال تايسون و'اليوتوبر' جيك بول    رئيس الجمهورية يثير مجددا ملف الشيك دون رصيد    الفلبين: تحظر واردات الدواجن من أستراليا لهذه الأسباب    جندوبة تحتفل باليوم العالمي لسلامة الأغذية تحت شعار "تأهّب لغير المتوقع "    محمد كوكة أفضل ممثل في مسرحية كاليغولا بالمسرح البلدي بالعاصمة    علي مرابط يشيد بدور الخبرات والكفاءات التونسية في مجال أمراض القلب والشرايين    مريم بن مامي: ''المهزلة الّي صارت في دبي اتكشفت''    قبلي: انطلاق فعاليات المنتدى الاقليمي حول فقر الدم الوراثي بمناطق الجنوب التونسي    تشيلسي يتعاقد مع مدافع فولهام أدارابيويو    الإعلان عن موعد عيد الاضحى.. هذه الدول التي خالفت السعودية    موعد صيام يوم عرفة...وفضله    تطاوين : بدء الاستعدادات لتنظيم الدورة السابعة للمهرجان الدولي للمونودراما وإسبانيا ضيف شرف    تصفيات مونديال 2026 : فوز مصر والسودان .. وخسارة الجزائر    اكتشاف السبب الرئيسي لمرض مزمن يصيب الملايين حول العالم    هند صبري تلفت الأنظار في النسخة العربية لمسلسل عالمي    مُفتي الجمهورية : عيد الإضحى يوم الأحد 16 جوان    عاجل/ قرار قضائي بمنع حفل "تذكّر ذكرى" المبرمج الليلة    اليوم رصد هلال شهر ذي الحجة 1445    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يطبعون في الإعلام والسياسة ويقاطعون
نشر في الفجر نيوز يوم 11 - 03 - 2008


يطبعون في الإعلام والسياسة ويقاطعون
ياسر أبو هلالة
لم يبق في يد العرب والمسلمين وأنصار القضية الفلسطينية في العالم من ورقة يواجهون فيها إجرام دولة الاحتلال غير مقاومة التطبيع. فالمقاومة من اختصاص من ظلوا في أرض فلسطين. أما في خارجها من سالم منهم، أو من فاوض، أو من ينتظر؛ فهو يحرس الحدود. وإلا غدا إرهابيا أو حاضنا للإرهاب.
منذ سالم السادات دولة العدو لم يتمكن من اختراق المجتمع المصري، لا في الإعلام ولا في السياسة. فلا تجد –إلا من شذ وعوقب– صحافيا أو نائبا أو حزبيا، بما في ذلك الحزب الوطني، زار دولة العدو وأقام علاقة طبيعية معها. وتكرر ذلك في الأردن وفي الدول التي أقامت علاقات ديبلوماسية أو محدودة مع الإسرائيليين (موريتانيا والمغرب وقطر وعمان). حتى في العراق الرازح تحت الاحتلال نُبذ مثال الألوسي وتعرض لمحاولات اغتيال أودت بعائلته بعد أن شارك في مؤتمر لمكافحة الإرهاب في تل أبيب. وظل الأكراد ينكرون إلى اليوم وجود علاقات طبيعية مع الإسرائيليين مع تسويغهم لما اضطر إليه الملا مصطفى البرزاني في غابر الإيام من علاقات في حكم الاضطرار لا الاختيار.
يستثى من ذلك الفلسطينيون، فهم بحكم السجين والسجان لا مناص لأكثريتهم في ظل الاحتلال المديد من علاقات تسير حياتهم الصعبة المرتبطة عضويا بالاحتلال. وقد عملت لجان مكافحة التطبيع بذكاء غالبا وبرعونة في بعض الأحيان. وأحسنت التمييز بين عرّابي التطبيع الذين أقاموا خطا ساخنا مع العدو وبين من تضطرهم وظائفهم وأعمالهم. حتى من يشاركون مباشرة في لجان التفاوض الفنية في الوزارات، وحكمها حكم العسكر الذين عملوا تاريخيا وفق خطوط الهدنة.
ولذا تجد في الأردن الذي بدأ التفاوض في مدريد أن رؤساء الوزارات ووزراء الخارجية وحتى السفراء الذين خدموا في تل أبيب لا يزورنها بعد مغادرة الموقع الرسمي. وحتى مجلس النواب الذي أقر المعاهدة لم يقم نائب فيه بزيارة للكنيست. والزيارة اليتيمة كانت لنائبين في برلمان 1997.
في الإعلام لم تسجل إلا زيارة واحدة (غير الزيارت مع الوفود الرسمية في عمل رسمي) لعدد من الصحافيين غلظت النقابة عقوبتهم. بينما ظل التعامل الصحافي في حدوده الدنيا التي تتابع الخبر لذات الخبر.
عربيا، لم تكن الحال مختلفة. فالتعامل كان خبريا مهنيا ومع ذلك ظل السجال دائرا هل هو تطبيع أم لا؟ بعد أوسلو بدأ الإعلام العربي بالتعامل الإخباري. وهو إعلام مملوك لدول لم تقم إلى اليوم علاقات رسمية مع إسرائيل. البداية كانت في تلفزيون إم بي سي وفي شبكة الأوربت التي كانت تبث بي بي سي العربية إضافة إلى برامج سياسية على الشبكة يقدمها الإعلامي عماد الدين أديب الذي قابل شارون، وفي صحيفة الحياة وهي مؤسسات لسعوديين. وتواصل هذا النمط من التعامل في الجزيرة التي أطلقت في أواخر عام 1996 التي تملكها حكومة قطر التي افتتحت مكتبا تجاريا إسرائيليا، وفي الإعلام الإمارتي الذي يتبع حكومة لم تقم إلى اليوم علاقات رسمية مع دولة الاحتلال.
مع كل المسوغات المهنية، ظل مقاومو التطبيع يأخذون على الإعلام العربي تعامله مع الإسرائيليين. ومن تجربة شخصية، فقد عملت في مؤسسات قابلت مسؤولين إسرائيليين (الرأي الأردنية، الحياة السعودية والجزيرة القطرية)، لم يضغط علي ولم يطلب مني أو من غيري مقابلة مسؤول إسرائيلي وظلت المؤسسات تحترم قناعات موظفيها وفهمهم لمقاومة التطبيع، أو التزامهم بمقررات نقاباتهم. تلك المؤسسات تعتبر أن تعاملها المهني الخبري هو خدمة للقضية الفلسطينية، فعندما وقعت العملية الاستشهادية في القدس، تضطر ابتداء لنقل الصور عن التلفزيونات الإسرائيلية، ثم متابعة الخبر مع صحافيين إسرائيليين وخبراء ومسؤولين. حتى في المجازر التي ترتكب يستضاف مسؤولون إسرائيليون لفضحهم وتوثيق رواية المجرم. من ذلك كله ظل فلسطينيو 48 الذين يحملون جوازات سفر إسرائيلية استثناء من مقاومة التطبيع من الشيخ رائد صلاح إلى عزمي بشارة على السواء.
تبقى المسألة، حتى في بعدها العالمي جدلية، فالتلفزيونات الأميركية كانت أول من قابل ابن لادن؛ ليس تطبيعا معه ولا ترويجا لبضاعته؛ السي أن أن والأي بي سي يقدمان "الشيطان" للمشاهد الأميركي. وعندما يظهر مسؤول إسرائيلي أو خبير أو صحافي على الشاشات العربية لا يحرق له البخور، بل يتعامل معه الصحافيون بشكل عدائي.
ولا يرى الإسرائيليون في الجزيرة صديقا، وشارون اعتبر حتى البي بي سي حليفة للإرهاب. وفي أحداث غزة الأخيرة اعتبر الإعلام الإسرائيلي الجزيرة أداة التحريض على إسرائيل. طبعا لا يمكن المساواة بين الجزيرة وبين القناتين المقاتلتين (المنار والأقصى) فهما تتبعان حركتين تقصفان دولة العدو بالصورايخ لا بالصور.
ماذا عن التطبيع المعاكس وظهور عرب على الإعلام الإسرائيلي؟ يحضر هنا نموذج فاروق الشرع الذي أعطى مقابلة للتلفزيون الإسرائيلي في أثناء التفاوض سعيا لاتفاقية سلام. وقد أعطى قادة الفصائل المقاومة مثل الشيخ الشهيد أحمد ياسين ومقاومون آخرون مقابلات لوسائل الإعلام الإسرائيلية.
يصعب إعطاء حكم قاطع بالمطلق، والقضية تظل خاضعة للضمير الجمعي للأمة. فالناس- من دون تعقيد- تميز بين من يقاطعون ومن يطبعون. بين من يضطرون بحكم الضرورة ومن يبادرون بلا ضرورة. ويعرفون جيدا أن لا سلاح لديهم إلا أن يكفوا أيديهم عن مصافحة اليد التي تقتل إخوانهم.
ياسر أبو هلالة
صحيفة الغد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.