باريس- ذهبت من أجل رفع دعوى قضائية ضد شقيقها بسبب تعرضهما إلى لعنف جسدي من قبله، فتم القبض عليها وإيداعها في مركز للاعتقال قبل ترحيلها إلى بلدها الأصلي، المغرب في أقل من أربعة و عشرين ساعة. هذا هو ملخص قصة الطفلة المغربية المسلمة "نجلاء الأحمر"، التي أثارت قضيتها تحرك العديد من المنظمات الحقوقية بفرنسا التي تعارض السياسة الفرنسية الجديدة في التعامل مع المهاجرين غير القانونين. وكانت نجلاء الأحمر قد قدمت إلى فرنسا وعمرها أربعة عشر عاما، وأقامت مع شقيقها في مدينة لوري بوسط فرنسا، حيث تلقت تعليمها حتى المرحلة الثانوية، غير أنها بقيت منذ قدومها بدون أوراق إقامة، حتى تم ترحيلها في العشرين من فبراير الماضي على متن طائرة متجهة إلى مدينة الدارالبيضاء؛ بسبب عدم امتلاكها لأوراق إقامة رسمية في فرنسا. وردا على هذا القرار قامت منظمة "تعليم بدون حدود" الفرنسية الأربعاء 3- 3- 2010 بتنظيم وقفة احتجاجية أمام محافظة مدينة "لواري" بوسط فرنسا للمطالبة بعودة "نجلاء الأحمر" إلى مقاعد الدراسة في مدرستها الثانوية. وقالت المنظمة في بيان أصدرته للمطالبة بعودة نجلاء إلى فرنسا: "إن الفتاة التي خرجت من المغرب منذ حوالي خمس سنوات لجأت إلى فرنسا وأقامت عند شقيقها؛ لأنها كانت لا تريد أن تتزوج من شخص اختاره لها والدها ويكبرها بكثير ولا تراه مناسبا لها". وأضاف بيان المنظمة: "إن الفتاة التي تعرضت للعنف أكثر من مرة من قبل شقيقها أثناء إقامتها بفرنسا وجدت نفسها مضطرة لأن ترفع ضده دعوى قضائية، غير أنه تم القبض عليها في مركز الشرطة، ووضعها في طائرة أعادتها إلى مدينة الدارالبيضاء المغربية". وفتحت قضية نجلاء الأحمر قضية الأطفال والمراهقين من أبناء المهاجرين الذين يتلقون تعليمهم بفرنسا ولا يحملون أوراق إقامة، حيث بدأت منظمة "تعليم بلا حدود" في توزيع عريضة للتوقيع تحت عنوان "دعوهم (الأطفال) يكبرون هنا". وقالت المنظمة في بيانها في هذا الشأن إن طرد نجلاء بهذه الطريقة "مخالف للقوانين الفرنسية، وخاصة أن الفتاة تتلقى تعليمها بإحدى المدارس الثانوية"، وتضاف إلى العشرات من الحالات المماثلة من الأطفال والمراهقين غير الحاملين لوثائق إقامة ويتلقون تعليمهم بفرنسا. كما تبنى قضية نجلاءالحزب الاشتراكي الفرنسي، أكبر أحزاب المعارضة الفرنسية، والعديد من المنظمات الحقوقية كرابطة حقوق الإنسان، وكذلك العديد من المنظمات المدافعة عن حقوق المرأة. ومن المنتظر أن تنظم بعض هذه المنظمات مسيرة صامتة يوم السبت 6 مارس في وسط مدينة لوري، حيث كانت تقيم "من أجل الدعوة إلى عودة نجلاء إلى مقاعد الدراسة بفرنسا"، بحسب المنظمين. قضايا مماثلة وتضاف قضية الفتاة نجلاء الأحمر إلى العديد من القضايا المماثلة لأطفال ومراهقين حرموا من مواصلة تعليمهم وتم طردهم إلى بلدانهم الأصلية. وفي العام الماضي جرى ترحيل طالب آخر من المغرب، هو جمال أبورار ويبلغ من العمر 18 عاما، إلى المغرب بسبب عدم حمله لأوراق إقامة، قبل أن يتم منحه تأشيرة دخول إلى فرنسا في مطلع العام الحالي بعد حملة قامت بها منظمة "تعليم بدون حدود". وبحسب آخر إحصاء رسمي فرنسي، فإن عدد الأجانب الذين تم ترحيلهم من فرنسا، ولا يحملون أوراقا قانونية، بلغ 29 ألف شخص، من ضمنهم مراهقون وأطفال وصل آباؤهم إلى فرنسا بطرق غير شرعية. وتمثل قضية نجلاء الأحمر بالنسبة للمراقبين مثالا آخر على السياسة الفرنسية الجديدة فيما يتعلق بملف الهجرة غير الشرعية بفرنسا، وخاصة بعد استحداث وزارة الهجرة والهوية الوطنية التي من جانب الرئيس نيكولا ساركوزي بعد وصوله إلى قصر الإليزيه في صيف العام 2007. وازداد الجدل في فرنسا مؤخرا بشأن هوية المسلمين، البالغين 6 ملايين نسمة ويشكلون بدورهم نسبة 9.2% من إجمالي تعداد سكان فرنسا البالغ 65 مليون نسمة بحسب إحصائيات رسمية حديثة، ودرجة اندماجهم في البلاد بعد النقاشات التي فتحتها الحكومة الفرنسية منذ نوفمبر الماضي حول الهوية الوطنية للبلاد، وإقرار لجنة برلمانية فرنسية مشروع قانون يقضي بحظر النقاب في الأماكن العامة في البلاد. وأظهر استطلاع أجراه مركز "سي. إس. إيه" لاستطلاعات الرأي لصالح صحيفة "لوباريزيان"، ونشرت نتائجه الخميس 10-12-2009 أن 54% من الفرنسيين يرون أن الإسلام لا يشكل أي تهديد لقيمهم، كما كشف عن تباين واضح بين الأجيال المختلفة في موقفها من الإسلام؛ حيث أشار إلى أن الشباب الفرنسي أكثر انفتاحا على الإسلام ممن هم أكبر سنا.