أعلن اليوم في العاصمة الليبية طرابلس، عن افتتاح مكتب للمنظمة الدولية للهجرة، وذلك لتقديم المساعدة الإنسانية للمهاجرين غير الشرعيين العالقين في ليبيا. وقال لورنس هارت مدير مكتب طرابلس، أن المنظمة افتتحت مركزا يموله الإتحاد الأوروبي، وسيوفر المركز للمهاجرين غير الشرعيين إمكانية العودة إلى بلدانهم، وإعادة دمجهم في أوطانهم، في إطار برنامج ( العودة الطوعية )، الذي كان قد أطلق في أبريل عام 2006. وقال هارت أن المركز وفر خدمات حتى الآن لحوالي 1830 شخصا، معظمهم جاءوا من بلدان إفريقية جنوب الصحراء، بالإضافة إلى توفيره لمأوى، وخدمات طبية لحوالي أربعين مهاجرا غير شرعي، كما يستخدم المركز الموجود في منطقة جنزور قرب طرابلس، لتأهيل الموظفين الليبيين العاملين في برنامج العودة الطوعية. وقال هارت إن:" المركز المفتوح لكل المهاجرين الراغبين في العودة إلى ديارهم بكرامة والذين يحتاجون إلى مساعدة يقدم حلا بديلا لعمليات الطرد". تمويل أوروبي وكانت جيمني بانديا المتحدثة باسم المنظمة في جنيف قد صرحت بأن:" المركز هو جزء من مبادرة أوسع يمولها الاتحاد الأوروبي لتوفير استجابة إنسانية شاملة ومتكاملة لمأساة المهاجرين العالقين، حيث ستزود هؤلاء بمعلومات حقيقية وغير منحازة لمخاطر الهجرة غير الشرعية مع خيار عودتهم طوعا وإعادة إدماجهم في المجتمعات التي هاجروا منها". يأتي افتتاح هذا المكتب بعد إعلان ليبيا على عزمها طرد جميع المهاجرين غير الشرعيين من البلاد، والذين يقدرون بحوالي 2 مليون شخص، معظمهم جاء من الدول الإفريقية جنوب الصحراء، للعمل في ليبيا، أو لمحاولة التسلل في قوارب صغيرة نحو السواحل الأوروبية، كما تأتي هذه التطورات بعد أن عزز الإتحاد الأوروبي من علاقاته مع ليبيا، في محاولة لفتح صفحة جديدة، مع البلد الذي ظل هدفا للعقوبات طوال عقد كامل، ولا يركز الأوروبيون من علاقتهم مع ليبيا توفير مصادر متنوعة للطاقة، وخاصة وأن ليبيا هي أهم مصدر للنفط والغاز في القارة الإفريقية، وغنما أيضا للحد من ظاهرة الهجرة غير الشرعية، التي كانت تنطلق من السواحل الليبية، نحو شواطيء جزيرة مالطا، وهي بداية حدود الإتحاد الأوروبي من ناحية الجنوب، وأيضا شواطيء جزيرة لامبيدوزا الإيطالية القريبة من مالطا. أفكار مختلفة لنفس الهدف وكان الأوروبيون قد ناقشوا مع ليبيا عدة أفكار، من بينها فتح مراكز في ليبيا لفحص طلبات المهاجرين واللاجئين، بحيث يتم ترحيل من يتم قبوله إلى أوروبا، ورفض من لا يقبل بحيث لا يستطيع التقديم في اللجوء حتى إذا تمكن بطريقة غير شرعية، من الوصول إلى دول الإتحاد، وخاصة بعد توقيع اتفاقية دبلن التي لا تسمح لطالب اللجوء بالتقديم إلا في بلد واحد. ولكن هذه الفكرة لم تطبق خوفا من نقد المنظمات الدولية، التي لن ترضى على هذه المعايير، وعلى هذا التعالي، وفي نفس الوقت كانت ليبيا تخشى من تحمله أعباء مالية لإقامة هذه المراكز فوق ترابها، وأيضا تخشى من تعكس هذه المعاملة للأفارقة آثارا سلبية على سمعتها في القارة، ولكن تم التخلي على الفكرة، عندما اتخذت ليبيا قرارا بطرد كل المقيمين غير الشرعيين من على أراضيها، ويبدو أن القرار الذي أتخذ على عجل، وبتشجيع من الجانب الأوروبي اعترضته مجموعة من المشاكل، من بينها انقطاع السبل بالمهاجرين، وعدم قدرتهم حتى على العودة إلى بلدانهم. القذافي يفقد الاهتمام بإفريقيا! من أهم الأسباب التي جذبت الأفارقة إلى المجيء إلى ليبيا، هي السياسة التي تبناها العقيد القذافي، منذ أن فرضت على ليبيا عقوبات دولية، بسبب أزمة لوكربي، ومن بينها الحظر الجوي، وكان القذافي قد أصدر أوامره بالسماح لأي إفريقي بالقدوم إلى ليبيا حتى بدون جواز سفر، كما أن وفرة العمل في البلاد جعلت الأفارقة يأتون إلى البلاد بغرض العمل أو الهجرة أو كليهما. تعتبر ليبيا مكانا مثاليا لتهريب المهاجرين، وقد تمكن أصحاب القوارب من الحصول على أرباح من وراء تهريب المهاجرين غير الشرعيين، تزيد في اليوم الواحد على ما يمكن أن يحصل عليه صائدو السمك خلال أشهر من العمل، وخاصة أن لليبيا أكثر من 1700 كيلو متر من الشواطيء على البحر المتوسط، وتبعد العاصمة طرابلس حوالي 300 كيلو مترا من سواحل مالطا، ولكن القوارب الصغيرة تجاوزت حدود مالطا، لتصل بالمهاجرين إلى سواحل إيطاليا، وأحيانا إلى قاع البحر المظلم. إعادة دمج المهاجرين اتخذت السلطات الليبية مؤخرا مجموعة من الإجراءات للحد من ظاهرة الهجرة غير الشرعية، من بينها مراقبة المواني الصغيرة، التي تنطلق منها قوارب صيد السمك، وخاصة في مدينتي زوارة والخمس، الأمر الذي جعل مدير منطقة البحر المتوسط في المنظمة الدولية للهجرة، بيتر شاتزر يقول أن عدد المهاجرين الذين يعبرون البحر المتوسط تراجع في المدة الأخير بشكل ملحوظ، وذلك بفضل:" تشديد المراقبة على السواحل وكذلك بسبب التعاون بين دول المصدر ودول الوجهة"، وهو أمر يتفق فيه معه سفير مالي في ليبيا، ولكن الأخير يرى أن:" الإعادة قسرا ليست حلا. يجب التفكير أيضا في إعادة دمج المهاجرين في بلدهم لمنعهم من تكرار المحاولة".