في إصرارعجيب وغير مبرر يؤكد قادة السلطة الفلسطينية بمناسبة ودون مناسبة أن وسيلة النضال المعتمدة لتحرير الأرض وإقامة الدولة واسترداد الحقوق هي المقاومة السلمية ، والمدهش أيضاً هو اختزل المقاومة السلمية في المفاوضات والكلمات والزيارات والجولات ، وبمعنى آخر استجداء الحقوق المشروعة والعادلة ، الواقع يقول أننا ومنذ عقود وبهذا النوع من المقاومة لم نحصل على شئ بل فقدنا أشياءً كثيرة ، نحن نتعامل مع محتل غاصب مدعوم دولياً وإقليمياً ومتغول في الكثير من البلدان العربية مخابراتياً و سياسياً و إعلامياً و اقتصادياً ، محتل لا يعتبر أحد ،بل يصفع يومياً الوسطاء والشركاء والراعاة بصفعات متتالية من التصريحات والممارسات ، محتل من هواياته اليومية استفزاز المنطقة والعالم بالمساس والتدنيس المتعمد للمقدسات ، وبعد ذلك نقول المقاومة السلمية ، الواقع يؤكد أن هذا النوع من المقاومة لم يستطع حلحلة أوتحريك الأنظمة المستبدة والفاسدة في البلدان المستقلة فهل من الممكن أن تكون فاعلة في تحرير البلدان المحتلة؟! من الممكن أن تكون المقاومة السلمية تكتيك لمرحلة زمنية محددة ولمناطق معينة في ظروف خاصة ، أما ان تكون استراتيجية أو الخيار الوحيد فهذا معناه باختصار أن هذا التيار الذي ينشد هذا النوع من المقاومة دون سواه في وجه هذا النموذج من المحتل الغاصب يرى أن ممارسة النضال السياسي السلمي هدف في حد ذاته ،وأن البقاء في المناصب وعلى الكراسي غاية كبرى ، وأن تحرير الأرض وإعادة الحقوق حلم لن يتحقق، بل أنه يمارس السياسة والتفاوض من أجل الممارسة لاأكثر ، عندما يكون الإصرار على عدم الذكر اللفظي للمقاومة المسلحة مقصود ، وعندما تحذف المقاومة والقتال والجهاد من قواميس اللغة والتخاطب بعمد ، وعندما تُبذل الجهود لنزع سلاح المقاومة وتجريم وتأثيم حمل السلاح في وطن محتل بتنسيق مع العدو ضدالأخ والشقيق ، وعندما تكون مهمة الأجهزة الأمنية هي مطاردة المجاهدين المقاومين لا المحتلين الغاصبين ، عند هذا الحد ومن خلال هذا الواقع يجب أن نقف لنعيد الحسابات من جديد ، كان من الممكن توزيع الأدوار كلٌ حسب طاقته وإمكاناته دون تجريح أو تشهير أو خصومة ، هذا يفاوض وهذا يقاوم وهذا يناور ، لكن أن يقال وعلى الإطلاق بسلمية المقاومة فهذا لن يُحرر أرضاً ولن يُنقذ شعباً ولن يُقم دولة ، حتى مفهوم المقاومة السلمية هو الاخر مختزل في جملة الجولات المكوكية هنا وهناك دون طائل ، أليس المقاومة القانونية بملاحقة الكيان الصهيوني المغتصب ومحاسبته ، مقاومة سلمية ؟"راجع موقف السلطة من تقرير جولدستون" أليس المقاومة الإعلامية بفضح ممارسات الكيان الصهيوني وكشف الغطاء الأخلاقي والحضاري عنه ، مقاومة سلمية؟ أليس الحفاظ على وعي الشعب وهويته وثقافته أمام حملات التغريب والصهينة من خلال مناهج التعليم والدراسة وأمن المدارس والجامعات ، مقاومة سلمية؟ وغيرهذا الكثير ، آمل أن يعيد الجميع حساباته مهما كانت الخلافات وإن كانت المصالحة والوحدة والعمل بروح الفريق هي الأصل ، وما عداها مرفوض وخطر. محمد السروجي مدير المركز المصري للدراسات والتنمية