إذا كان انتشار مواقع صحف الانترنت وتفوقها على الصحف والمجلات الورقية محل جدل، فإن مكانة تلك المواقع ومصداقيتها على صعيد عالمي، لم تعد كذلك، بعد أن توج أحد المواقع الأمريكية، وهو متخصص في الصحافة الاستقصائية، اشهر وأرفع جائزة صحفية بالولاياتالمتحدة. قرارات الأطباء فقد أعلنت اللجنة المشرفة على جائزة بوليتزر الأمريكية الشهيرة، أن تقريرا من موقع بروبليكا غير الربحي، قد فاز بالجائزة الصحفية لعام 2010. ويتعرض التقرير لقصة القرارات الحاسمة بين الحياة والموت التي يتخذها أطباء في مستشفى بعيد كارثة إعصار كاترينا بولاية نيو أورليانز الأمريكية، ونشر المقال بالتعاون مع نيويورك تايمز، ليكون موقع بروبليكا، أول موقع ويب يفوز بالجائزة المذكورة، وهو حدث سيعني أن الصحافة لم تعد على الأوراق فقط، بأي حال.
ويصف ستيفن اينغلبيرغ مدير تحرير الموقع، من مانهاتن فوز بروبليكا "بالفوز الجدير" ويضيف "أن يتم تكريمك من قبل نظرائك، فهذه إشارة لقيمة ما تعمل، وانك تقدم صحافة جادة بالفعل". كاتبة متخصصة شيري فينك صاحبة التقرير الفائز والذي حوى 13,000 كلمة، صحفية متخصصة في شؤون الصحة والعلوم الطبية في الولاياتالمتحدة، شاركت بشكل مؤثر في مجلة إخبارية مسموعة "إذاعة العالم" اهتمت بتغطية انتشار وأخبار مرض الإيدز عبر العالم، درست بجامعتي ستانفورد وهارفارد، وتعمل حاليا كباحثة في السياسات العامة في مركز وودرو ويلسون.
الجائزة التي دأبت صحف ومجلات أمريكية شهيرة مثل نيويورك تايمز، وواشنطن بوست وغيرهما على احتكارها، جاءت هذا العام لتفتح الباب واسعا أمام الصحفيين لتكون منشورات الانترنت جديرة بالاعتبار والتكريم كذلك، وتعيد تشكيل المشهد العام والتقليدي لصحافة العالم وفق ما بات يعرف بالميديا الجديدة.
غير ربحي ولا يطرح موقع بروبليكا فقط إمكانات العمل الاحترافي لمواقع الانترنت فقط، بل، ومن حيث يطرح نفسه كموقع غير ربحي، فإنه يصنع أسئلة مثيرة عما يمكن أن يقدمه هذا النوع من المواقع والصحف الالكترونية؟ ويبدو أن الإجابة، لم تتأخر عن الموقع الذي يعمل به 32 محررا صحفيا فقط بحسب اسوشيتدبرس، بل وكانت تحت عنوان "بوليتزر".
ويتم تمويل الموقع الذي يديره صحفيون مخضرمون من قبل مؤسسات خيرية، بحيث يكرس نفسه لصحافة التحقيقات المهتمة بالشأن العام، وهو يقدم العديد من التقارير والمقالات لوكالات الأنباء وبشكل مجاني. وفي يناير الماضي وصفت نيويورك تايمز الموقع بأنه يعمل بطريقة تحميه من الضغوطات السياسية، وكذلك ضغوط السوق. نموذج مختلف يرى روي بيتر كلارك، وهو باحث بارز بمعهد بوينتر للصحافة في سان بطرسبرج بولاية فلوريدا أن مؤسسات مثل بروبليكا لا تحتاج لبوليتزر ليعرف أهميتها "هذه المؤسسات مثل بروبليكا ليست بحاجة لبوليتزر ليشعر بقيمة عملهم وجودته، ولكن في النهاية ففوزهم بالجائزة أمر جذاب للغاية".
ويختلف نموذج بروبلبيكا عن نموذج صحف "المترو" وهي صحيفة مجانية تصدر يوميا بعشرات اللغات عبر العالم، بحيث أن موقع بروببليكا، يعتمد على شركاء لتسويق منتجاته وتقاريره، مثلما حدث مع مقال "شيري فينك" عن مستشفيات نيو أورليانز الفائز هذا العام بجائزة بوليتزر، والذي نشر بالتعاون مع نيويورك تايمز. آلاف أو ميدالية وبوليتزر هي جائزة أمريكية تمنح للمواد والتقارير والأعمال المتميزة كل عام في المجال الصحفي والآداب والموسيقى أسسها الصحفي الأمريكي من أصول مجرية جوزيف بوليتزر، وتبنتها جامعة كولومبيا في مدينة نيويورك.
وتمنح الجائزة مبدئيا لواحد وعشرين فئة كل عام، وربما تحجب جائزة أو أكثر بحسب ما ترى لجنة التقييم بالمؤسسة، ويمنح الفائز جائزة قدرها 10,000 دولار، ما عدا الفائز في فئة الخدمات العامة والذي يمنح ميدالية ذهبية. تقرير: طارق القزيري – إذاعة هولندا العالمية